انفجرت كرة اتحاد كرة القدم، فتحركت نوادي اللعبة لتطلب وتناشد إنقاذ الموسم وإنقاذها... ووصلت إلى «عين التينة» لتبلّ ريقها علّها تنتعش قليلاً، فتكمل مشوارها بهدوء و«تواقيع»، وبعدها لكل حادث «توافق جديد»!
علي صفا
وصلت مشاكل الاتحاد اللبناني إلى الهجرة ،قبل الطلاق. بطولة الدوري في راحة، ونوادٍ تبحث في تغيير أجانبها وتحتاج إلى توقيع رئيس الاتحاد، وهو معتكف عن حضور جلسات اللجنة العليا منذ مدة بسبب لغم مع الأمين العام للاتحاد رهيف علامة، آخر شراراته «قضية وضع اللاعب الدولي يوسف محمد في المنتخب الوطني. سلسلة مشاكل متكررة بين رأسي الاتحاد منذ إعلان «اتحاد التوافق» في آب 2008، أكملت بالتوافق المر ودخلت في الأمرّ، فانفجرت في وجوه النوادي التي باركت «التوافق» الخادع، ووجه اللعبة التي تحتضر.

شرارة يوسف

هل تخشى جماعة الأمانة العامة تحويلها إلى «وظيفة» بحسب الفيفا؟
طرح رئيس الاتحاد ضرورة استدعاء اللاعب يوسف محمد للمنتخب، أدبياً وقانونياً وفنياً أيضاً حيث لم يعد هناك مبرر لقرار إبعاده، وخصوصاً بعد إعلان «عفو عام»، فأبدى اللاعب استعداده لنداء المنتخب (بعد استبعاده ثلاث سنوات إثر مشكل مع مدير المنتخب عام 2006)، فرفض رهيف علامة طرح الرئيس ودعا اللجنة إلى التصويت حول ذلك، ما أثار الرئيس فخرج غاضباً واعتكف عن الحضور بعدها، معتبراً أن ذلك مهين له ولصدقيّة الاتحاد، فغاب ورفض التوقيع على «معاملات اتحادية»، طالباً من نائب الرئيس أيضاً عدم توقيعها، ما حرّك نوادي الأولى للاجتماع وإصدار بيان مشترك (الثلاثاء) تدعو فيه الاتحاد إلى تحمل مسؤولياته وتمرير بقية الموسم حفاظاً على المصلحة العامة، وبعدها...؟!
وصلت شرارة الخلافات إلى «عين التينة»، حيث جرى لقاء «إطفائي» مع نائب رئيس الاتحاد ريمون سمعان (الصورة 1) رشح منه تنسيق ما يشير إلى تهدئة داخل اللجنة العليا، لتمرير الموسم فعلاً بأقل التكاليف المعنوية، واتفاق على تسهيل شؤون الأطراف المعنية عبر تواقيع قانونية... من دون وضوح التفاصيل.
وفي كل حال، فالشرارة الأخيرة بين رأسي الاتحاد فجّرت ملف العلاقات الكامنة داخل اللجنة، وهذا يفرض فتح ملف عمل اللجنة العليا وعلاقات رئيس الاتحاد والأمين العام، لطرح تساؤلات جوهرية عن دور كل منهما بحسب نظام الاتحاد وقوانينه»، مع وقفة عند طبيعة الطرفين.

شخصيتان متناقضتانرهيف علامة تولى قيادة الاتحاد منذ تركيبته «السياسية» عام 85، متفرغاً ومحترفاً فتزوّج اللعبة، ورئيس الاتحاد هاشم حيدر، شخصية اجتماعية مرموقة طلب إليها دخول «اللعبة» عبر حركة سياسية كمرجع فاعل نظيف في رئاسة الاتحاد.
ومنذ بداية لقاء «التوافق الجبري» ظهرت شرارات التناقض بين الشخصيتين: شخصية علامة كقائد أعلى للاتحاد وممثّله حوالى ربع قرن، وحيدر كرئيس يريد احترام المركز وصلاحياته، ولكل جماعته داخل اللجنة مع أكثرية نسبية لعلامة، يقودها شخصياً منذ عام 1985 ويمون عليها تماماً في لجانها وتصويتها أيضاً، وتبقى قلة حيادية محتارة.

علامة... والملفات

يدرك المعنيون جميعاً قدرة الأمين العام رهيف علامة في التحكم بخيوط عديدة، من نواد وإعلام حتى وهو خارج الاتحاد (للولاية الأسبق 2001 ــ 2005)، وقبلها وبعدها كان يحرك بل يمون ويقود لجان المنتخبات الوطنية، وبرمجة المباريات، والحكام، والملاعب، والعلاقات العامة والخاصة مع نواد، وصولاً إلى الخارج مع تفسير للقوانين وأنظمة الاتحاد وعقوباته... مهما قيل عن ديموقراطية العمل داخل اللجنة العليا عبر التصويت حيناً واستنساب العقوبات حيناً آخر. وهذا يطرح السؤال الكبير: هل تعمل الأمانة العامة فعلاً كل هذا بحسب بنود «النظام الداخلي للاتحاد؟ بجواب سريع: أبداً، بل هو «عرفٌ» كرّسه وقبلَ به الجميع غصباً وضعفاً، فصار قاعدة مفروضة. (المادة 4 من النظام الداخلي تنص على «أمين السر العام ينفذ قرارات اللجنة العليا، ويشرف على أعمال اللجان وشؤون الموظفين ونقاط تتعلق بالمراسلات وغيرها...) من دون أي تمدّد إلى المشاركة في قرارات أساسية أو طرح قضايا على التصويت أو... وهو ما سبّب صدامات مكتومة أو متفجرة مع أطراف عديدة.
سياسة تكسير الرؤوس أوصلت اللعبة إلى مزبلة الكرة العربية والعالمية
ونتيجة لهذه التضاربات في صلاحيات الرئاسة والأمانة العامة في عديد من الاتحادات المتخلفة و(خصوصاً العربية) أتت توصيات الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، بتحويل الأمانة العامة إلى «وظيفة»، لا تشارك في القرارات والتصويت، بل تنفذ فقط قرارات اللجنة العليا التي يترأسها رئيس الاتحاد النافذ فقط (هذا ما لم ينفذه الاتحاد اللبناني بعد). وهذا ما فتح معارك داخل اتحادات ولجان أولمبية عربية تحديداً، فجمدت المراجع الدولية الأولمبية نشاطات تلك الدول (في الكويت والعراق واليمن وغيرها) بسبب صراعات وتدخّل الحكومات والسياسة وأهل الحكام والأمراء في مقاليد الرياضة بالتسلّط والوراثة.
ونتوقف عند شرارة اللغم الأخير، حيث عارض علامة بشدة العفو عن اللاعب الدولي يوسف محمد (عُيّن أخيراً قائداً لفريق كولن الألماني لالتزامه وأخلاقياته وأهليته للقيادة) ما فجّر كوامن الرئيس حيدر، الذي كان يتنازل أحياناً كثيرة ليحفظ ماء التوافق رغم تحفظه على كثير من مواقف علامة وصداماته مع أطراف عدة بسبب سلطاته على «لجان في الاتحاد»: مشكلة مع إدارة المدينة الرياضية أدّت إلى ترحيل مباريات نوادٍ بيروتية إلى طرابلس، وعدم تأمين الأمن في بعض الملاعب (كادت تحدث مجزرة للعهد أمام ملعب بيروت البلدي)، ومشكلات كامنة مع لجنة الحكام، ومشكلات في المنتخبات الوطنية وتحضيراتها ونتائجها البائسة، وأخيراً مشكلة في عقوبات كاسحة على فريق المودة الطرابلسي وبالتقسيط، حملت 20 نادياً على الانتفاضة وتهديد باستقالات بدأت مع الإداري الياس جورج (تحت عنوان رفض الظلم).
وسؤالنا: أين حدود الأمانة العامة، وكيف تطرح على التصويت قضية لاعب، غير موقوف، وغير مجرم تحت عبارة «مستبعد» لتستعمل بمكر وتخضع لتفسيرات «كيدية» خاصة تحت عنوان كرامة الاتحاد، في وقت جرى فيه العفو عن أفراد أجرموا ونشروا «عرض الاتحاد» مراراًوبناءً على أيّ منطق وقانون يوقف أو يستبعد لاعب مدى الحياة؟! بل بأي منطق يصوّت أعضاء في الاتحاد على عدم العفو عنه واستمرار إبعاده؟ علماً بأن نائب الرئيس ريمون سمعان استنكر علناً إيقاف لاعب محترف يفخر به لبنان في أوروبا؟ فمن الذي يرفض إذاً العفو عنه ولماذا؟
إن شرارة انفجار الاتحاد هذا تجرّ المعنيين إلى فتح ملفات عديدة سابقة حول دور الأمانة العامة في قرارات علنية «بإفلاس نادي النجمة وبيع ملابسه الداخلية بسبب خلاف مع إدارته، وكذلك باتهامه في إسقاط نوادٍ ومنها نادي الحكمة، وأخيراً باتهامه بإسقاط المودة الطرابلسي وحالات كثيرة يحيلها الأمين العام تحديداً إلى تطبيق القوانين، وأحياناً إلى التصويت تحت عنوان «حفظ كرامة الاتحاد»، فيما صارت كرتنا في «مزبلة» الكرة العربية والعالمية.
كرامة! وهل بقي للاتحاد وأنظمته كرامة، وللعبة كرامة، وللنوادي كرامة، وللمنتخبات الوطنية كرامة؟ عن أي كرامة يتحدث هؤلاء؟
إن خلاصة هذا الواقع المرّ تكمن في خطايا الجميع، وعدم تحديد الصلاحيات داخل اللجنة العليا بين الرئيس والأمين العام، وقبلها في فرض تركيبة الاتحادات بتجميع تناقضات تحت عنوان «التوافق»، وخضوع إدارات الأندية لمباركة «توافق كاذب» تدعو الآن إلى تطييره، بدلاً من فرض انتخابات حرة بين لوائح متوافقة حقاً ومتعددة الاختصاصات وشبه متفرغة تحمل برامج واضحة للتطوير لتنفذها وتحاسب عليها لاحقاً؟ هل تعلمت المراجع السياسية دروساً في عمليات تركيب الاتحادات؟ وهل تتحرر إدارات النوادي فتحافظ على كراماتها ومصالحها بدلاً من أن تخضع لقذارات المصالح الشخصية الخاسرة؟


إلغاء اجتماع الأندية

أُلغي اجتماع الأندية الذي كان مقرراً اليوم في نادي العهد بناءً على رغبة صاحب الدعوة، مدعوماً من رؤساء بعض الأندية كالراسينغ والساحل والصفاء، كي لا يتحول الاجتماع بين مؤيد لفلان ومعارض لعلان. ورأى أمين سر العهد، محمد عاصي أن قرار التأجيل جاء بعد توزيع بيان لنادي الأنصار، علماً بأنه تقرر في اجتماع الثلاثاء تهدئة الأمور وإصدار بيان مشترك في اجتماع اليوم.