على عكس الأجواء المشحونة لدى بعض اللبنانيين ووسائل إعلام معادية للمقاومة، تعاملت وسائل الإعلام القبرصية بطريقة «باردة» مع تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للحكومة القبرصية من فتح أراضيها أمام إسرائيل لاستخدامها في أي عدوان على لبنان. وكانت التقارير المنشورة «هادئة»، وهو ما اتّسمت به مقالات الكتّاب والمحللين في الصحف والمواقع القبرصية الناطقة باليونانية أو تلك الناطقة بالإنكليزية.ومن المواقع القليلة التي تناولت تحذيرات السيد نصرالله بشيء من التحليل، كان «Cyprus Mail» الذي نشر مقالاً حمل عنوان «تهديد حزب الله بشأن قبرص لاقى ردود فعل صامتة»، جاء فيه أن «تهديد زعيم حزب الله باعتبار قبرص جزءاً من الحرب إذا استمرت في السماح لإسرائيل باستخدام مطاراتها وقواعدها لإجراء تدريبات عسكرية، قوبل برد فعل صامت بشكل عام من الشخصيات القيادية في العالم وفي قبرص». ونقل الموقع عن الجنرال المتقاعد يوانيس بالتزوتيس، قوله إن «قبرص يجب أن تشعر بالقلق دائماً وتتخذ الإجراءات المناسبة، نظراً إلى حقيقة أن حزب الله لديه أنظمة عسكرية وأسلحة قوية، ما يعني أنه يمكنه نظرياً ضرب قبرص». لكنّ الموقع دعا إلى «التحلي بضبط النفس وأخذ الحيطة والحذر»، لافتاً إلى أن السيد نصرالله «كونه زعيماً عقلانياً، لن يأخذ الأمور إلى الحد الأقصى، فضرب قبرص يشبه ضرب القوى الغربية».
أما صحيفة «Phileleftheros»، وهي واحدة من أقدم الصحف اليومية وأكثرها انتشاراً، فقد اكتفت بنقل تصريح رئيس الجمهورية القبرصي نيكوس خريستودوليدس، ومنشور لوزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي أصرّ على أن «لدى إسرائيل وقبرص اتفاقية ثنائية للتعاون الدفاعي وتجريان تدريبات مشتركة بانتظام»، وشدّد على أن إيران والمقاومة «تهددان الدول الأوروبية والعالم الحر برمّته ويجب أن نوقف إيران الآن قبل فوات الأوان». وكذلك اكتفت صحيفة «المواطن» القبرصية بنقل تغريدة وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي.
بدورها، نقلت وكالة أخبار قبرص الرسمية وصحيفة «اليوم» القبرصية تجديد وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية التأكيد على «العلاقات الدبلوماسية القوية مع جمهورية قبرص». فيما نقلت صحيفة «Philenews» إعلان الاتحاد الأوروبي الذي جاء فيه أن «أي تهديد لإحدى الدول الأعضاء لدينا هو تهديد للاتحاد والوقوف إلى جانب قبرص وإظهار التضامن معها» مع الثناء على البيان الذي أصدره الرئيس القبرصي.
وركّزت العديد من الآراء على «دور قبرص الساعي للسلام»، في مسعى إلى تجنيب الجزيرة الدخول في دوامة الصراع الدائر على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة. علماً أن بعض الآراء، وخصوصاً لصحافيين وإعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي، أصرّت على على توضيح تبعية القواعد العسكرية في قبرص للقرار البريطاني المباشر، وذهب بعضها للقول إن لا سيادة لقبرص على كل ما يتعلق بالقواعد العسكرية ووجهة استخدامها.
وتضم الجزيرة قاعدتين عسكريتين بريطانيتين. وهي أراض تابعة للسيادة البريطانية، ولا تسيطر عليها الحكومة القبرصية. علماً أن القوات البريطانية استخدمت قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية على الساحل الجنوبي للجزيرة، لشنّ عدوان على سوريا واليمن في مناسبات عدة سابقة.
عملياً، عكس الإعلام القبرصي رغبة قبرصية بـ«النأي بالنفس» عن الحرب الدائرة في المنطقة. وكان اللافت قول المتحدث باسم الحكومة كونستانتينوس ليتيمبيوتيس، للإذاعة الرسمية، أمس، إن «قبرص ليست متورطة ولن تتورط في أي نزاعات عسكرية»، واصفاً تصريحات نصرالله بأنها «غير سارّة»، ومضيفاً أنه «سيتم اتخاذ كل الخطوات الدبلوماسية اللازمة».
وفي بيان منفصل، شدّد ليتيمبيوتيس على «أن أي ادعاءات علنية تشير إلى تورط قبرص من خلال بنيتها التحتية أو أراضيها في حال حدوث مواجهة تتعلق بلبنان لا أساس له من الصحة على الإطلاق»، مؤكداً أن «قبرص لم تسهّل أبداً ولن تسهّل أي عمل عدواني أو هجوم ضد أي دولة».