لم يكن مستغرباً كمّ الإشكالات الذي شهدته انتخابات دائرة زحلة أمس، كونها تتألف من «موزاييك» حزبي وطائفي هو الأكثر تنوعاً. وكما في الدورات السابقة، كانت مدينة زحلة أم المعارك. فقد احتدمت المعركة بين 44 مرشحاً توزعوا على ثمانية لوائح، ثلاث منها مدعومة من الأحزاب، وخمس تمثل المجتمع المدنيّ والمستقلين.في ساعات الصباح الأولى، شهدت المراكز الانتخابية إقبالاً خجولاً في نسب المقترعين. فلم تتعدّ النسبة 9 في المئة حتى منتصف النهار. إلا أنها سجلت ارتفاعاً ملحوظاً مع تقدم الساعات لتبلغ مع إقفال صناديق الاقتراع 39 في المئة. إذ اقترع حوالي 72 ألف ناخب من أصل حوالي 174 ألفاً.
دورة 2022، سجلت عنصراً طارئاً على المشهد تمثل بتشتت الكتلة السنية الناخبة التي تعد الأكبر ديموغرافياً من بين الناخبين الآخرين والتي تبلغ حوالي 56 ألف ناخب. قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بمقاطعة الانتخابات أدى إلى تراجع أعداد المقترعين السنّة بنسبة 40 في المئة تقريباً بعدما وصلت في العام 2018 إلى نحو 40 ألف صوت مشكّلة يومها الثقل الانتخابي الأكبر في قضاء زحلة.
لا حضور بارزاً للوائح المجتمع المدني مقابل حضور صارخ للأحزاب


غياب تيار المستقبل ككتلة تنظيمية وشعبية ناخبة، رافقته مقاطعة انتخابية لكثير من أبناء البلدات الكبرى، كبر الياس التي بلغ عدد مقترعيها خمسة آلاف ناخب من أصل 12 ألفاً تقريباً، برر البعض مقاطعته للاقتراع بـ«الولاء للتيار الأزرق الذي لا تخرقه أي لائحة حزبية أو مستقلة».
ومن فضّل خوض الانتخابات على المقاطعة، منح صوته التفضيلي لـ«قوى الاعتراض». فتوزعت الأصوات السنية بين لائحة «زحلة السيادة» التي اختارت بلال الحشيمي عن المقعد السني نائباً لها لأن «الرئيس فؤاد السنيورة الداعم للحشيمي لا تختلف وجهته كثيراً عن الحريري». ولفتوا إلى «أهمية خوضهم هذا الاستحقاق الانتخابي بدل تقاعسهم للحصول على التغيير المراد الذي يبدأ مع نزع سلاح حزب الله كخطوة أولى في مسار التغيير والتقدم». ودعم عدد كبير من أهالي سعدنايل، الحشيمي، بغياب لوائح الاعتراض.
في المدينة، لم تشهد زحلة حضوراً بارزاً لمؤيدي لوائح المجتمع المدني مقابل حضور صارخ للأحزاب الزحلية لا سيما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتلة الشعبية. وتوزّع المقترعون على المراكز الانتخابية في مدينة زحلة التي شهدت حركة إقبال مرتفعة نسبياً عن السنوات السابقة. إلا أن هذا الإقبال لم يدلّ على تهافت أهالي زحلة لاقتلاع القوى السياسية الحاكمة من الجذور، بل على تأكيد جذري لتثبيت هذه القوى ظناً منهم أنها السبيل الوحيد لبقائهم شامخين في هذه الدولة.
وعن الكتلة الشعبية التي ترأسها ميريام سكاف، فاعتبر مؤيدوها بأنها «الإرث الوحيد الذي بقي من تاريخ زحلة وتخطيها في الاستحقاق الانتخابي يعني تخطي مؤسس مسيحيي زحلة ونكران الجميل». كثر من أبناء زحلة جاهروا بميلهم للأحزاب والزعامات العائلية. «لو فيهم خير لبعضهم ما كانوا بأربع لوائح»، في إشارة إلى «غياب التنظيم والتنسيق وضياع البوصلة». أما البلدات الشيعية، فشهدت التزاماً كبيراً بتوجهات الثنائي حزب الله وحركة أمل بالاقتراع لصالح لائحة «زحلة الرسالة».