في هذه النقطة بالتحديد، يكشف شينكر، للمرة الأولى، وبصوته مباشرة، عن دور إدارة ترامب في تسريع حصول الانهيار المالي في لبنان عندما قال بالحرف (ضاحكاً بطريقة شامتة): «فرضنا عقوبات على مؤسسات حزب الله المالية، كبنك الجمّال. وكنّا حريصين على مزامنة ذلك مباشرة بعد قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بخفض تصنيف لبنان، وفي اليوم التالي أعلنّا فرض العقوبات على بنك الجمّال، لكن كنّا نحن من يقف خلف قرار خفض تصنيف لبنان الائتماني».
اعترافات شينكر طالت الكشف عن بعض تفاصيل مشروع الاستثمار في «المجتمع المدني»، فهو أقرّ بأنّ واشنطن كانت تبحث عن «الفرص السياسية»، وهي رأت أنّ «هناك فرصة لهزيمة حزب الله كما في الانتخابات البلدية (2016)». وهنا استشهد ديفيد، الدبلوماسي الأميركي السابق، بحالة «بيروت مدينتي» خلال الانتخابات البلدية، وقال إنّهم أرادوا «البناء على هذه التجربة». لكن شينكر ادّعى بأنّ التوقّعات كانت متواضعة منذ البداية، وأضاف: «كنّا نؤكّد أنّ هذه المنظّمة (حزب الله) ليست غير قابلة للهزيمة».
لست متفائلاً بنتائج الانتخابات وأدعو الإدارة إلى عدم الرهان على تغيير في لبنان
وعن الاستثمار بخلق «قوى بديلة»، قال شينكر «زرعنا رجال أعمال شيعة، وخلال توليَّ منصبي كمساعد لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى سافرت إلى لبنان مرتين أو ثلاث مرات، وفي كل المناسبات عقدتُ لقاء علانية على العشاء مع رجال أعمال شيعة معارضين لحزب الله». ومدح شينكر «الصحافيين الشيعة المعارضين لحزب الله»، مسمّياً موقع «جنوبية»، الذي قال إنّه كان يلتقيهم باستمرار ويعوّل عليهم. يكشف شينكر هنا أن «الفكرة كانت تتلخّص في الترويج لفرص اقتصادية للمناطق الشيعية، للمساعدة على إضعاف اعتماد هذه المناطق على حزب الله». ووصف شينكر العمل بأنّه كان «بجهد» لتحقيق الأهداف، معتبراً أنّ «بعض التقدّم أُحرِز كبداية، ولكن لأسباب عديدة ومنها انفجار المرفأ لم تُستَكمَل الجهود».
يُذكَر أنّ أهم عشاء كان قد جمع شينكر برجال الأعمال والشخصيات الشيعية المعارِضة حصل في 10 أيلول 2019 في منزل «م. ن.»، قبل خمسة أسابيع من اندلاع تظاهرات 17 تشرين. وبحسب شينكر، فإن كل هذه اللقاءات والمآدب مع رجال الأعمال الشيعة كانت تجري بترتيب من لقمان سليم، الذي كشف بأنّ «الخارجية الأميركية أرسلت له قبل 8 سنوات تحذيراً بأنّه معرَّض للاغتيال».
وعن توقّعاته للنتائج التي ستفرزها الانتخابات النيابية، قال شينكر إنّه «على الرغم من الاحتجاجات التي حصلت عام 2019، والسخط الشعبي المتّسع في لبنان، لا أرى أنّ الانتخابات ستغيّر الوضع بشكل دراماتيكي». وعرّج الدبلوماسي الأميركي السابق على مسألة الهجوم على التيار الوطني الحر و«تصويره على أنّه فاسد» من باب علاقته بحزب الله، معتبراً أنّه ليس من الواضح إن كان هذا الأسلوب سيؤثّر على خيارات القاعدة التصويتية المسيحية كما يراد لها.
وكان لافتاً ما قاله في هذا السياق، إذ أبدى أسفه لأنّ «المعارضة منقسمة بشكل مريع، وتمتلئ بالقادة النرجسيين والشخصانيين الذين هم مهتمون أكثر بأن يتزعّموا أحزابهم، على أن يتوحّدوا للإطاحة بالنخبة الفاسدة». واشتكى شينكر من كثرة عدد المرشّحين المعارضين عندما قال متعجّباً: «هناك حوالي 100 حزب يترشّح في الانتخابات، الأحزاب المعتادة وأيضاً كل هذه الأحزاب الصغيرة، وأخمّن بأنهم سيأكلون بعضهم بعضاً ولن يربحوا ما يكفي من المقاعد لإحداث تحوّل في التوازن».
وختم شينكر حديثه عن الانتخابات و«قوى التغيير» بالقول: «أنا شخصياً لست متفائلاً بهذه الانتخابات ولا أعتقد بأنّ على الإدارة الأميركية أن تراهن على هذه الانتخابات. هناك نظام معطّل في لبنان، والانتخابات بمثل قوانين انتخابية كهذه لن تصلحه بشكل واضح».