شهد بعض المناطق اللبنانية قطعاً للطرقات، من قبل محتجين على تردّي الأوضاع الاقتصادية، سرعان ما عملت القوى الأمنية على فتحها، ترافق ذلك مع إضراب شامل دعا إليه الاتحاد العمالي العام، ولبّته مختلف القطاعات النقابية والعمالية والاقتصادية، والمؤسسات الرسمية والخاصة. مشهد كان من المفترض أن يكون اعتراضياً بامتياز، لولا تأييد أحزاب السلطة له ودعوتها مناصريها إلى المشاركة فيه، وعلى رأس هذه الأحزاب تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، وشركاؤهم في جمعية المصارف. وسط ذلك كله، لامس سعر صفيحة البنزين اليوم الـ45 ألف ليرة.
في العاصمة، أقفلت القوى الأمنية بعض الطرقات الرئيسية، وحوّلت السير إلى الطرق الفرعية، بعد قطع السير من قبل محتجين بمستوعبات النفايات عند تقاطع جامع عبد الناصر في ‎كورنيش المزرعة، وعند تقاطع الكولا، وطريق المدينة الرياضية من كل الاتجاهات.
أما المدخل الجنوبي للعاصمة، فقُطع على جسر ‎خلدة بالاتجاهين من قبل محتجّين، قبل أن تعمل القوى الأمنية على إعادة فتحه.
جنوباً، عاشت عاصمة الجنوب صيدا يوماً عادياً، إذ لم يسجّل أي التزام بالاضراب، باستثناء موظفي القطاع العام والمعلّمين، وتجمُّع للعشرات في ساحة الصيادين. ومن الواضح أن تيار المستقبل جنّد كل طاقاته لإنجاح التجمع، وأوعز إلى كل مناصريه من عمّال وموظفين وتجار بالمشاركة، فيما لم يتعدّ المشاركون الـ60 شخصاً.

(الأخبار)

في المقابل، أقفلت المؤسسات المستقلة في النبطية، كالضمان الاجتماعي و«أوجيرو» و«ليبان بوست»، ودائرة الميكانيك وعمال البلديات، وحضر موظفو المؤسسات الرسمية في سراي النبطية الحكومي والتزموا مكاتبهم، من دون القيام بأي عمل.
في حاصبيا كذلك، التزمت المؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة بالإضراب، بما فيها المصارف، وبدت حركة السوق خفيفة، مقابل ازدحام مروري أمام محطات المحروقات، وإن بوتيرة أخف من الأيام الماضية.

التجاوب كان ملحوظاً في البقاع، حيث قطع عدد من الشبان الطريق جزئياً عند ساحة شتورة والطريق الدولية عند مدخل بعلبك ودوّار دورس الحبلي، ونفّذ القطاعان العام والخاص في بعلبك إضراباً شاملاً. وفي طليعة المشاركين، اتحاد نقابات موظفي المصارف، واتحاد نقابات المخابز والأفران، واتحاد النقابات الزراعية، الذين تجمعوا في نقطتي ساحة شتورة أمام مصرف «SGBL»، وزحلة أمام مؤسسة مياه البقاع.

شمالاً، وتحديداً في المنية، كانت الحركة عادية، حيث فتحت المحال التجارية والمدارس أبوابها. هذا ولم تشهد المنطقة أي تحركات احتجاجية أو قطع للطرقات، بالرغم من الدعوات التي وجّهها تيار المستقبل إلى المشاركة اليوم في الإضراب العام، الذي غابت آثاره بشكل تام عن منطقة المنية ودير عمار، وصولاً إلى عكار.

أما في طرابلس، فبدأ العمال والسائقون تحرّكهم صباح اليوم، وتجمّعوا أمام مدرسة مي الرسمية خلف بلدية طرابلس، وقطعوا الشارع الرئيسي في المنطقة، بعدما وضعوا سيارة أجرة في عرض الطريق. كما تجمّع عمّال بلدية طرابلس وقطعوا الشارع الرئيسي أمامها وأمام مقر مالية لبنان الشمالي المجاور. بالتزامن، بثّت مكبّرات الصوت أناشيد وطنية.
في غضون ذلك، قطع محتجون الطريق عند تقاطع شارع عزمي في وسط المدينة، وعلى طريق حلبا-العبدة محلّة الحصنية، وأعادت القوة الأمنية فتحها.
وفي منطقة الشوق، تجمّع عدد من المواطنين عند مستديرة بعقلين - بيت الدين منذ الساعة التاسعة والنصف صباح اليوم.

كذلك نفّذ اتحاد النقل الجوي وقفة في محيط مطار بيروت الدولي، أمام مبنى الـ«MEA»، من دون أن يعمدوا إلى قطع الطرقات، ومطالبهم تمحورت حول تأليف حكومة إنقاذ وتصحيح أجورهم التي فقدت قيمتها، وسط انهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق الموازية. وعن التصعيد، أعلن الموظفون التزامهم بقرار «العمالي العام» في هذا الخصوص.
وفي حديث إلى «الأخبار»، حذّر رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان، مروان فياض، من الإضراب المفتوح الذي سيعمّ الأراضي اللبنانية كافة في حال لم تستجب الدولة للمطالب، وفي مقدمتها «صفيحتا بنزين للسائق العمومي يومياً على سعر 25 ألف ليرة لبنانية، ومبلغ 500 ألف لكل سيارة فرق ثمن قطع غيار».

ويحشد الاتحاد العمالي العام، وعدد كبير من النقابات والمصالح الخاصة وموظفو القطاع العام، منذ أيامٍ لتحركات اليوم، فكان التجمع المركزي في بيروت أمام مقرّ الاتحاد. ومن أبرز الشعارات المرفوعة، تأليف حكومة إنقاذية في أسرع وقتٍ ممكن، وهو شعار سياسي بامتياز، وتحته يشارك «المستقبل» و«الاشتراكي» و«أمل»، إلى جانب الشعارات المطلبية المرتبطة بغلاء المعيشة وأحوال الطبابة والمحروقات، وسواها من القضايا.
وفي كلمته، دعا رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، الساسة إلى أن «يتوقفوا عن التراشق والاتهامات والمحاصصة، ويبادروا إلى تأليف حكومة إنقاذ»، مضيفاً «لدى كلّ شخص هوس سياسيّ، ولكن على أعتاب الاتحاد العمالي العام لا سياسة، وعناوين الاتحاد هي التي تطغى».
وجدد تهديده بالعصيان المدني في حال لم تبادر السلطة إلى حل الأزمات المتراكمة، معتبراً أن «الاتحاد العمالي العام هو القوة الوحيدة الجامعة في البلد لكل الأطياف، من دون أي تحيّز».

وفي سياق غير منفصل، ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 1700 ليرة، و98 أوكتان 1800 ليرة، والمازوت 1700 ليرة، وقارورة الغاز 1400 ليرة، وأصبحت الأسعار على الشكل الآتي:
بنزين 95 أوكتان: 43500 ليرة.
بنزين 98 أوكتان: 44800 ليرة.
المازوت: 31700 ليرة.
الغاز: 26600 ليرة.

وعند ساعات الظهيرة، كانت جميع الطرقات قد فُتحت وعادت حركة السير إلى طبيعتها.







اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا