سبعة كيلومترات هي المساحة التي «انعطبت» بسبب الإنفجار الذي ضرب مرفأ العاصمة. في تلك المساحة، لم يسلم أي من البيوت من الضرر. بعضها سُوّي في الأرض تماماً، والبعض الآخر تداعت أساساته أو تهدمت شرفاته أو، في «أحسن» الأحوال، تطاير زجاج نوافذه وأبوابه. «العاصفة» خلّفت الكثير من الردم يمكن تقديره بمئات الأطنان. ومنذ اليوم التالي للإنفجار الضخم، كان يمكن رؤية تلك «الأطنان» على شكل زجاج وحجارة وحديد وألومينيوم، فضلاً عن مئات السيارات المدمرة بشكل كامل.
(مروان طحطح)

المتطوعون وفرق من الجيش اللبناني والبلديات وعمال النظافة الذين بدأوا العمل على تنظيف الشوارع وإزالة الركام والردميات منها، لم يكن في وسعهم سوى تكديس تلك الردميات في أماكنها، في انتظار أن تنقل إلى أرض في الكرنتينا وأراض أخرى تحددها بلدية مدينة بيروت، على ما يقول محافظ المدينة القاضي مروان عبود.
إلى الآن لا أماكن واضحة لنقل ركام المدينة، وإلى الآن لا تزال أعمال رفعها تجري بطريقة مرتجلة، وهو ما يظهر لناحية نقل جزء أساسي من هذه الأنقاض إلى مكبات النفايات من دون الاستفادة منها في عملية إعادة التدوير. هذا الأمر ليس جديداً، فثمة جبال من الركام والأنقاض لا تزال مستوية منذ حرب تموز، كما يقول شادي عبد الله، الباحث في المركز الوطني للإستشعار عن بعد، التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية، و«لا تزال بعض جبال الردميات موجودة إلى الآن ولم يستفد منها بالشكل المطلوب». علماً أنه، بحسب خبراء بيئيين، يمكن الاستفادة من الزجاج والألومينيوم بإعادة تدويرهما، واستعمال الردم والاتربة في أعمال الردم لدى إعادة إعمار المرفأ.
يفترض فحص الركام لمعرفة المواد الكيماوية التي يتضمنها والتلوث الذي تسبّب به


من جهته، يشير رئيس وحدة الكوارث زاهي شاهين إلى أنه «من المفترض أن تجتمع اللجنة الوزارية لتقرير ما سيكون مصير هذه الأكوام من الردميات، لكن إلى الآن لم يقرروا»، مستغرباً التأخر لأن «كل هذا لا يحتمل التأجيل، خصوصاً أن هيئة إدارة الكوارث عليها - فضلاً عن رفع الركام وتحديد مصيره ضرورة فحصه لمعرفة المواد الكيماوية والزيوت والمواد المختلفة التي يتضمنها بعدما احترقت وانتشرت في كل مكان، خصوصاً في نطاق المرفأ، وسببت تلوثاً في التربة والمياه الجوفية ومياه البحر». وفي انتظار صدور قرار في هذا الإطار، أكدت مصادر أن «وحدات من سلاح الهندسة في الجيش اللبناني أخذت عينات من التربة لفحصها وأرسلت العينات إلى أكثر من جهة، لكن النتائج تبقى سرية وهي جزء من التحقيق الذي يقوم به الجيش».
إلى ذلك أوعزت بلدية بيروت ومصلحة الهندسة فيها إلى العمال والمتطوعين بفرز الردم بين الزجاج والحديد والألومينيوم والتراب وفق ما يقول عبود، لكن فعلياً ماذا يحصل على الأرض؟ «لأكون صريحاً ما حدا بيعرف»، يستطرد المحافظ، لافتاً إلى أن «لا بيت في قطر 7 كيلومترات لم يتضرر تضرراً كبيراً بصورة مباشرة، أما ما بعد هذه المسافة فثمة أضرار لكن بشكل أخفّ!». من خلال مسح أولي، يوضح عبود أن نحو 8000 وحدة سكنية غير قابلة للسكن حالياً، فيما الخسائر تقدر بين 3 و5 مليارات دولار.
من جهتها، أكدت مصادر في وزارة البيئة - التي تضررت مكاتبها بشكل بالغ في اللعازارية - أن «المعنيين والمختصين في ملفات النفايات الصلبة والسائلة لم يجتمعوا حتى الآن ولم يتواصل معهم اي من المعنيين بسبب الدمار الذي لحق بمكاتب الوزارة!». وقدحاولت «الأخبار» الإتصال بوزير البيئة دميانوس قطار، لكن من دون الحصول على إجابة.