مناشدة مستشفى الروم إجلاء مرضاه بعدما دمّره الانفجار يختصر هول الكارثة أمس، إذ أصبح الهروب من المُستشفى، وخلافاً لكل «أدبيات» الكوارث، نجاةً من الموت!سيارات الإسعاف التي لم تهدأ ليل أمس في مختلف المناطق لم تكن تنقل فقط جرحى الانفجار الذين تجاوز عددهم الثلاثة آلاف، وفق التقديرات الأولية، بل أيضاً مئات المرضى ممن كانوا يتلقون علاجاً في مُستشفيات طاولها الانفجار، كالروم والوردية والكرنتينا الحكومي، أو في مُستشفيات قرّرت نقلهم إفساحاً للمجال أمام الحالات الطارئة.
بعد ساعات قليلة من وقوع الانفجار، كانت كل غرف العمليات في مستشفيات بيروت مشغولة، وفق رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة سليمان هارون الذي أشار إلى أن أصحاب المُستشفيات سيعقدون اجتماعاً، صباح اليوم، لتحديد آلية لاستيعاب الحالات الطارئة، فيما أوعزت وزارة الصحة بإخلاء الحالات «الباردة» في جميع المُستشفيات بسبب الضغط الهائل عليها، ووجّه نقيب الصيادلة غسان الأمين نداء إلى الصيدليات لاستقبال الحالات الطفيفة.
دمّر الانفجار جزءاً كبيراً من مُستودع أدوية الأمراض المُستعصية في الكرنتينا


مُستشفيات الجنوب والشمال والبقاع استقبلت مئات الحالات «الوافدة» من بيروت بعدما غصّت مُستشفيات العاصمة بالمُصابين والجرحى، فناشد مستشفى الجامعة الأميركية فرق الإسعاف نقل مزيد من المصابين إليه، بعدما بلغ طاقته الاستيعابية القصوى وتحولت باحته الخارجية إلى غرفة عمليات مفتوحة. واستقبل مُستشفى أوتيل ديو، وحده، نحو 500 جريح، وأعلن مُستشفى الرسول الأعظم عن استقباله نحو 300 جريح حتى منتصف الليل. وكرّس مُستشفى رفيق الحريري الحكومي قسم الطوارئ غير المخصص لـ«كورونا» لاستقبال جرحى الانفجار، وافتتح طابقاً لاستقبال الحالات التي تستدعي الإقامة في المُستشفيات.
تأتي هذه الكارثة كضربة شبه قاضية للقطاع الاستشفائي والصحي المترنّح أصلاً بفعل الأزمة الاقتصادية، وهي ترمي بثقلها على ما تبقّى من موارده وتنذر باستنزافه مع التحديات التي تعصف به في ظل أزمة «كورونا» والخسائر التي لحقت به لجهة تدمير عدد من المُستشفيات.
أمّا الخسارة الأبرز التي سُجلت على صعيد القطاع الصحي فتمثّلت بتدمير جزء كبير من مُستودع الأدوية المخصّصة للأمراض المُستعصية في الكرنتينا، والذي يضمّ مخزوناً من الأدوية الباهظة الثمن التي تؤمنها وزارة الصحة لآلاف المرضى ممن لا يملكون أي جهة ضامنة، وممن سيُحرمون خلال الفترة المُقبلة من الحصول على علاجاتهم الضرورية إلى حين تأمين البديل.