سنة 1992، أسّس مارك كومبس (والرئيس التنفيذي الحالي) صندوق «أشمور» ليكون من أوائل شركات إدارة صناديق الاستثمار. تُعرّف الشركة عن عملها، على موقعها الإلكتروني، بأنّها «الرائدة والسباقة في أخذ زمام مبادرة الاستثمار في الأسواق الناشئة، في وقت يعتبر فيه الكثيرون أنّ أسواق ما يسمى بـ«دول العالم الثالث» محفوفة بالمخاطر. وكان اعتقاد أشمور كبيراً وراسخاً في إمكانات الأسواق «الناشئة»، وهي تعتبر هذه الأسواق مهمة جداً وفئة رئيسية من فئات الأصول الاستثمارية». في الـ 2000، بدأت «أشمور» بإدارة الأسهم العامة في الأسواق الناشئة، بالتزامن مع إطلاق «محفظة أشمور لاقتصاد الأسواق الناشئة» (AEEP). نمت أصول الصندوق البريطاني من 58 مليار دولار في الـ2017، إلى 93 مليار دولار في حزيران الـ2019. إلا أنّ الواقع الوردي للصندوق، لن يدوم طويلاً، وسيتحوّل من الربح إلى تسجيل خسائر نتيجة رهنه «قرابة 40% من أموال مُستثمريه في ثلاثة بلدان محفوفة بالمخاطر: الأرجنتين، الإكوادور ولبنان»، كما نشرت «وول ستريت جورنال» في 21 تشرين الثاني الماضي. الأزمات السياسية والاقتصادية في هذه البلدان، وانخفاض سعر السند فيها، أدّت إلى انخفاض العوائد الصافية لصندوق «أشمور سيكاف (Ashmore SICAV) للأسواق الناشئة قصيرة الأجل» بنسبة 3% حتى نهاية كانون الثاني، بحسب وكالة «رويترز». فقد دفعت هذه المخاطر المُستثمرين في «أشمور» إلى سحب أسهم بقيمة مليار دولار، وتراجعت قيمة مُقتنيات الصندوق. «هو تعثّر غير عادي لأشمور»، كَتبت «وول ستريت جورنال».
خسر «أشمور» نتيجة رهنه 40% من أموال مُستثمريه في ثلاثة بلدان محفوفة بالمخاطر
يتعامل «أشمور» مع الاقتصادات الناشئة والمحفوفة بالمخاطر، بوصفها «فريسته». حسابات «آلة حاسبة» يُجريها، من دون إقامة أي اعتبار للمعطيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تُخيّم على البلاد. على سبيل المثال، يُمكن تقديم ما نشره «أشمور» على موقعه في 6 تشرين الثاني 2017، حول فنزويلا. كانت البلاد الجنوبية تمرّ بأزمة، وتُعاني من العقوبات الأميركية. إلا أنّ «أشمور» وجد في هذه الظروف الدقيقة «وقتاً مُناسباً للاستثمار»، لعدم اعتقاده بأنّ إعادة هيكلة الديون مُمكنة. واعتبر الصندوق أنّ مستوى القلق لن يبقى مُرتفعاً في السوق الفنزويلي، «فمن المُحتمل أن تكون معدلات الاسترداد على السندات الفنزويلية أعلى بكثير ممّا يتم التداول بها حالياً».
هذا هو ملعب «أشمور» الواسع: السندات عالية المخاطر («Junk Bonds») غير المرغوب فيها، والمعروفة أيضاً بـ«العائد المُرتفع». تُسمّى كذلك لأنّ تصنيف الجودة الائتمانية أقل من الدرجة الاستثمارية (الذي تضعه وكالات التصنيف الائتماني)، بسبب ارتفاع مخاطر التخلف عن السداد لدى الجهة التي أصدرت السندات، التي تجذب المُستثمرين عن طريق دفع معدلات فائدة أعلى. هكذا تعاملت «أشمور» مع السوق اللبنانية. غامرت في تحمّل المزيد من المخاطر، وكان أمامها خياران فقط: إما أن تخسر كلياً أو أن تُحقّق أرباحاً تفوق القيمة التي اشترت بها السندات. لكنّ القصة هنا ليست مُجرّد زيارة للكازينو، إذا خسر اللاعب يُغادر بهدوء. ستُكشّر «أشمور» عن أنيابها، وتُحاول أن تُكبّد الدولة اللبنانية ثمناً لتخلفها عن سداد استحقاقات «اليوروبوندز»، بالشراكة مع المصارف، المسؤولة الأولى عن توسّع «أشمور» لبنانياً.