بعد شهر ويومين على تكليفه تشكيل الحكومة، صدر مرسوم تعيين حسان دياب رئيساً للحكومة، وقبله صدر مرسوم قبول استقالة سعد الحريري. هي حقبة جديدة تُرسم مع خروج الحريري من السلطة، وانضمام شخصية جديدة إلى نادي رؤساء الحكومات، تكاد تقطع مع ما سبقها من تجارب، الأمر الذي حرص دياب على تأكيده مراراً في كلمته، أمس، في سياق إشارته إلى «المرّات الأولى» التي تتحقق مع حكومته. المرسوم الأول الذي يُوقّعه كرئيس للحكومة، كان مرسوم تشكيل الحكومة. وتلك أبصرت النور بعد صراع محتدم بين قوى 8 آذار، أطاح فرصة التأليف أكثر من مرة. لكن بين ضغط الشارع ودفع حزب الله حلفاءه للتوقف عن استنزاف الوقت، تألفت حكومة «الاختصاصيين». ليست حكومة الوزير المناسب في المكان المناسب، كما هي ليست حكومة مستقلين بكل تأكيد. مزيج هجين، نجح المؤلفون في صهره في التشكيلة النهائية، وفق آلية راعت الولاءات والأسماء والحقائب والطوائف والحصص والمناطق.لكن بالرغم من كل ما يمكن أن توصف الحكومة به وتُذمّ، إن كان من الانتفاضة التي لم تخرج الأسماء وطريقة توزيرهم على قدر التطلعات التي رسمها الناس في الشارع خلال 100 يوم، أو من قوى 14 آذار المتضررين من خروجهم من السلطة، إلا أنها تبقى حكومة الفرصة الأخيرة. الفرصة الأخيرة التي لا تملك لا هي ولا القوى السياسية التي شكّلتها أي فرصة غيرها للإنقاذ وتقديم نموذج في الحكم. صحيح أن أعضاءها عُيّنوا من قبل القوى السياسية، إلا أن لا خيار أمام الوزراء الجدد سوى العمل بمعزل عن الصراعات السياسية التي عطّلت كل الحكومات السابقة، والتي كانت معظم الأوقات تجري داخل الفريق الواحد.
الأهم أن هذه الحكومة لا يمكن أن تتذرع بالتعطيل كما فعلت حكومة الحريري، فرئيس الحكومة كان له الدور الأساسي في اختيار الغالبية العظمى من أعضائها، بالرغم من مساعي كل الأفرقاء لفرض أسماء عليه. فالكتل الكبرى قدمت له لوائح ليختار بينها. وهو أجرى عشرات المقابلات مع مرشّحين، اختار من بينهم من يستطيع أن يكون جزءاً من «فريق العمل».
هذه الحكومة لا يمكنها أن تتذرّع بوجود الناس في الشارع وعدم إعطائها فرصة من قبلهم


هذه الحكومة لا يمكن أن تتذرع بوجود الناس في الشارع وعدم إعطائها فرصة من قبلهم، سواء كان هؤلاء منتفضين في وجه الأداء السياسي العام في البلد أو كانوا من القوى المتضررة، كالقوات، التي بدأت تحشد مناصريها أمس، منذ ما قبل إعلان تأليف الحكومة، من أجل محاولة إسقاطها. كل ما سبق يجدر أن يكون حافزاً للعمل بسرعة. المطلوب إنجازات واقعية تحدث فرقاً وتنقذ البلد، لا الهروب من المسؤولية أو التلهّي بجدول أعمال يستحيل إنجازه، كالانتخابات المبكرة.
أول من أمس، نامت قوى «8 آذار» على صدمة عدم تشكيل الحكومة، بسبب إصرار جبران باسيل على الثلث المعطل، والحزب السوري القومي الاجتماعي على التمثّل بمسيحي، وسليمان فرنجية على وزيرين، وطلال أرسلان على وزيرين للدروز. وأمس، نال الجميع ما أرادوا، إلا القومي الذي فضّل الانسحاب من الحكومة.

المطلوب إنجازات واقعية تحدث فرقاً لا التلهّي بجدول أعمال يستحيل إنجازه، كالانتخابات المبكرة


ومع انتقال دياب إلى قصر بعبدا، وكذلك الرئيس نبيه بري، وضعت اللمسات الأخيرة على الحكومة، فانضم إليها، على سبيل المثال، المصرفي راوول نعمة وزيراً للاقتصاد، وزينة عكر عدرا نائبة لرئيس الحكومة ووزيرة للدفاع. وقد ضمّت 6 نساء للمرة الأولى في تاريخ الحكومات. وبالرغم من عدم وجود حزبيين في الحكومة، إلا أن أعضاءها توزعوا على رئيس الجمهورية وجبران باسيل (6 وزراء) وحزب الله (وزيران) وحركة أمل (وزيران) وسليمان فرنجية (وزيران) وطلال أرسلان (وزيران)، إضافة إلى دياب (4 وزراء)، اللقاء التشاوري (وزير) والطاشناق (وزير).
ــــ حسان دياب رئيساً
ــــ زينة عكر نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة للدفاع (محسوبة على رئيس الجمهورية)
ــــ ناصيف حتي وزيراً للخارجية والمغتربين (محسوب على باسيل)
ــــ غازي وزني وزيراً للمال (سمّاه الرئيس نبيه بري)
ــــ محمد فهمي وزيراً للداخلية والبلديات (من حصة دياب)
ــــ ريمون غجر وزيراً للطاقة والمياه (مستشار في وزارة الطاقة، ومقرّب من باسيل)
ــــ طلال حواط وزيراً للاتصالات (سمّاه اللقاء التشاوري)
ــــ راوول نعمة وزيراً للاقتصاد والتجارة (من حصة باسيل)
ــــ ماري كلود نجم وزيرة للعدل (من البترون ومحسوبة على عون)
ــــ ميشال نجار وزيراً للأشغال العامة والنقل (حصة المردة)
ــــ عماد حب الله وزيراً للصناعة (سمّاه حزب الله)
ــــ حمد حسن وزيراً للصحة العامة (من حصة حزب الله)
ــــ عباس مرتضى وزيراً للزراعة والثقافة (سمّاه بري)
ــــ لميا يمّين وزيرة للعمل (من حصة المردة)
ــــ طارق المجذوب وزيراً للتربية (اختاره دياب)
ــــ منال عبد الصمد وزيرة للإعلام (مستقلة وافق عليها أرسلان)
ــــ رمزي مشرفية وزيراً للسياحة والشؤون الاجتماعية (محسوب على طلال أرسلان)
ــــ غادة شريم وزيرة للمهجرين (محسوبة على عون)
ــــ دميانوس قطّار وزيراً للبيئة والتنمية الإدارية (سمّاه دياب)
ــــ فارتيني أوهانيان وزيرة للشباب والرياضة (الطاشناق)
بعد إعلان التشكيلة، عقد رئيس الحكومة مؤتمراً صحافياً قال فيه إن «الحكومة تعبر عن تطلعات المعتصمين على مساحة الوطن، وسنعمل لترجمة مطالبهم وهي مكونة من اختصاصيين ذوي كفاءات، وفيها تمثيل متوازن للمرأة. إنها حكومة اختصاصيين لا يقيمون حساباً إلا لمصلحة الوطن، حكومة غير حزبيين لا يتأثّرون بالسياسة وصراعاتها، حكومة شباب وشابات يفتشون عن مستقبل واعد في وطنهم، حكومة لبنان يحمي الأبناء، حكومة تتولى المرأة فيها التمثيل الوازن وتشغل فيها موقع نائب الرئيس للمرة الأولى في لبنان، حكومة وزراؤها استثناء وفريق عمل إنقاذي لا يملك إلا بذل الجهد والعطاء».
وأكد أن المهمة صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة إذا تعاون الجميع من أجل وقف الانهيار وبدء ورشة بناء الثقة. وقال: نحن نتطلع إلى التكاتف الوطني لمواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر البلد والتي تهدد الاستقرار المالي والاقتصادي.