بالنسبة إلى النائب الكتائبي المتني الياس حنكش، التعليمات محسومة منذ اليوم الأول للانتفاضة: «شباب الكتائب لا يقطعون الطرقات ولكن أينما قُطع طريق ونزل الأهالي ننزل معهم». برأيه، القطع هو الطريقة الوحيدة للضغط على السلطة التي تتجاهل ناسها. لكنّ الكتائبيين لم يتورطوا في أي مشكلات بدليل أن التوقيفات خلال فتح الجيش للطرقات أول من أمس لم تشمل أياً منهم، يقول حنكش، وكان هناك تعميم حزبي بالبقاء في الصفوف الخلفية والانسحاب عند نشوب أي مشكلة. وهو ما حصل في عدة مناطق. لكن مرشح الكتائب في بعبدا رمزي بو خالد كان دائم الظهور في منطقة الشيفروليه، وبدا كأنه يقود تحركاً إلى جانب تحرك القوات؟ «شبابنا لا يختبئون ومن حقهم أن يشاركوا في الاحتجاجات. مطالب الناس مطالبنا. نحن الذين طعنّا في الموازنات وحجبنا الثقة عن الحكومات وطالبنا بانتخابات نيابية مبكرة». رغم ذلك، «لا ندّعي أننا السبب وراء الحراك، اذ كان لا بد للشارع أن يغضب من الفساد المستشري والخطابات السياسية المتعالية والاستهتار بهمومه. احترمنا نقمته على القوى السياسية وتراجعنا إلى الصفوف الخلفية». ماذا عن انضمامك إلى اعتصام منطقة الزوق وانضمام رئيس الحزب سامي الجميل إلى معتصمي جل الديب لمنع الجيش من فضّ الاعتصام؟ «حصل ذلك ولكن لم ندل بأي حديث وانسحبنا بعد وقت وجيز. كل ما يجري ينسجم مع نضالنا ومسارنا السياسي منذ سنوات». هل ستصوتون للحريري في أي حكومة مقبلة؟ «القرار اتخذ بعدم التصويت للحريري ونحاول أن نبحث عن اسم من خارج الاصطفاف السياسي».على الضفة الكتائبية، نجاح الحراك يعني تحديد أهدافه ووضع خارطة طريق واضحة. الهدف الأول بحسب المصادر، كان إسقاط الحكومة. الهدف الثاني الضغط للتسريع بإجراء استشارات وتكليف رئيس حكومة، فيما المرحلة الثالثة هي القفز نحو انتخابات نيابية مبكرة. «هذه مراحل التغيير»، يقولون. ولمزيد من التوضيح، الكتائب لن تتمثل في أي حكومة مقبلة لأن الحكومة السياسية هي استمرار للنهج نفسه والصفقات نفسها. والحكومة المختلطة من سياسيين وتكنوقراط هي محاولة من بعض الأحزاب السياسية البقاء «جوا» في حين أن الناس قالوا لها «برا». الكتائب، تتابع المصادر، تدعم خيار التكنوقراط وستبقى في موقعها المعارض كما سابقاً. لكن قبيل ذلك، بدأت القوى المدنية خطوات تصعيدية لإقفال الوزارات والمؤسسات العامة والمصارف، هل ينضم الكتائبيون إليهم؟ يمتنع المصدر عن الإجابة، ويعيد التذكير أن الكتائب سبق لها أن «اعتصمت أمام المجلس الدستوري ونفذت تحركات في الشارع حيال عدة قضايا كالضرائب التي قدمنا طعناً فيها. أيضاً أودعنا ملف الكهرباء في القضاء وسحبنا وزراءنا من المجلس من تلقاء أنفسنا».
الكتائب تدعم خيار التكنوقراط وستبقى في موقعها المعارض كما سابقاً


يبدو أن هناك ما يجمع الكتائب والقوات إذاً. الحزبان لا يحبذان الاعتصامات الهادفة أمام قصر العدل والمصرف المركزي وشركتي الاتصالات الخلوية وغيرها، ولا يستسيغان إقفال المؤسسات العامة. البعض يربط بين هذا الموقف وبين المصالح المالية التي تشكل خطاً أحمر بالنسبة إلى الأحزاب. والبعض يبرّر ذلك بانفضاح الحزبَين فور خروجهما من «معاقلهما»، فيضطران إلى لحاق جدول أعمال قوى مدنية لا جدول أعمالهما. ففي المناطق يسهل فتح الدكاكين الحزبية وعدة الشغل هناك مختلفة عن ساحتي الشهداء ورياض الصلح.