إلى «الثوار في الطرق والساحات وكلّ بلدان الاغتراب في الليل والنهار»، توجّه الأمين العام للحزب الشيوعي حنّا غريب. ألقى كلمةً أمس، دعا فيها إلى الإقدام «لإعادة تكوين السلطة السياسية على أسس جديدة، بدءاً من استقالة الحكومة، وتشكيل حكومة انتقالية من خارج المنظومة السلطوية الحالية، تكون مهمتها: إجراء انتخابات نيابية مبكرة خارج القيد الطائفي، اتخاذ كلّ الإجراءات لاستعادة المال العام المنهوب، رفع السرية المصرفية عن كلّ الذين تولّوا مسؤولية الشأن العام، مساءلة الذين استفادوا عن غير حقّ من الهندسات المالية، إلى جانب الذين تراكمت ملفاتهم في خزائن النيابة العامة المالية، وإسقاط بنود سيدر ومندرجاته، وصولاً إلى وضع نظام ضريبي تصاعدي يطال الأرباح الرأسمالية والفوائد والريوع والثروة». واستغرب غريب كيف أنّ «السلطة السياسية لم تستقل، رغم مشاركة قرابة مليونَي لبناني في الاعتصامات». السبب؟ أنّها راهنت، وفق الأمين العام لـ«الشيوعي»، على:
أولا، ورقتها المسماة إصلاحية، فرفضها الشارع منذ البداية، فهي ليست سوى مصفوفة لوعود وردية وشعبوية جمعوها من أوراقهم المسماة إصلاحية
ثانيا، يُراهنون على استخدام القمع والترهيب والتهديد واستخدام القوة ضد المتظاهرين الرافضين للورقة الحكومية، عبر الجيش والقوى الأمنية وميليشياتها السلطوية. هذا القمع لن يزيد المنتفضين إلا إصراراً وعزماً على تمسّكهم بمطالبهم وتصعيد تحركهم. ففي يوم الانتصار لمدينة النبطية تحية إلى كل المنتفضين الذين تعرضوا للقمع في كل هذه المدن والساحات، متمنين الشفاء العاجل للجرحى والمصابين
ثالثاً، يراهنون على كسب الوقت لتأليب الرأي العام ضد الانتفاضة بأساليب مختلفة، عبر تصوير الأمور وكأنّ الانتفاضة هي التي تُسبّب الانهيار والفوضى وتعطيل الحياة الطبيعية في البلاد، بينما الحقيقة أنّ الانتفاضة هي الأمل الباقي للبنانيين. فهذه السلطة هي اعترفت بواقع الانهيار المالي والنقدي، وقالت إنّه لم يعد بمقدور مصرف لبنان إمكانية التحكم بسعر صرف الليرة، وقالت إنّه لم يعد بمقدور المصارف إقراضها المزيد من الديون، وحاولت تحميل أعباء فشل سياساتها إلى أصحاب الدخل المحدود والمهمشين والعاطلين من العمل، عبر الاستمرار في سياسة الاستدانة وزيادة الفوائد وخدمة الدين العام وفرض الضرائب غير المباشرة ورفع فاتورة الكهرباء والمحروقات وبيع مؤسسات الدولة وخصخصتها وفلتان الأسعار ورفع سعر صرف الدولار.
رابعاً: يراهنون على ضرب الانتفاضة بحجة أن ليس لديها قيادة، وأنها مفككة ومشرذمة إلى عدة حراكات، مستخدمين بعض شركائهم في السلطة ممن استقالوا من الحكومة أو من المعارضين السلطويين لها، وكأن هؤلاء جزء من الانتفاضة، بينما الانتفاضة هي براء منهم ولا علاقة لها بهم. فالانتفاضة هي التي تحدد قيادتها ومن يمثلها.
وضع نظام ضريبي تصاعدي يطال الأرباح الرأسمالية


وبمناسبة العيد الـ95 لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، توجّه غريب بالتحية إلى الحزبيين: «أردتم في هذه الذكرى أن تحتفلوا في الشارع، فكان عيداً في قلب الانتفاضة. هكذا كنتم وهكذا سيبقى حزبكم، حاملاً راياته الحمراء المضرجة بدماء الشهداء»، التي أثمرت «انتفاضةً شعبية لم يسبق أن شهد لبنان مثيلاً لها من قبل، فكما كنتم معها رأس حربة في المواجهة، استمروا واهتفوا لإسقاط السلطة السياسية ونظامها السياسي الطائفي ومن أجل استرجاع المال العام المنهوب،
إلى تصعيد هذه الانتفاضة والارتقاء بها والمساهمة بتنظيمها كي تكون مشروعاً ثورياً لبناء دولة وطنية ديمقراطية». ودعا غريب أعضاء الحزب إلى «تضافر كلّ الجهود، في بيروت والمناطق، باتجاه تشكيل لجان عمل مشتركة تكون قوة دعم لهذه الانتفاضة لتحقيق انتصارها المنشود».