تشهد دار إفتاء طرابلس غداً انتخابات غير مسبوقة للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، من شأنها أن ترسم كثيراً من معالم التوجّهات وموازين القوى داخل الطائفة السنّية، والتبدّلات التي طرأت في السنوات الأخيرة.الانتخابات التي ستجري لانتخاب سبعة أعضاء عن محافظة الشمال (طرابلس، المنية ـ الضنية، الكورة، زغرتا والبترون)، ستشهد تنافساً محموماً بين لائحتين غير مكتملتين، فضلاً عن مرشحين منفردين تسود انطباعات أنهم سيحققون خرقاً.
المساعي التي بُذلت بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي لتشكيل لائحة توافقية باءت بالفشل، فعمد كل فريق إلى تشكيل لائحته وفق تحالفاته: ميقاتي والنائبان جهاد الصمد وفيصل كرامي شكّلوا لائحة من أربعة مرشحين هم الدكتور عبد الإله ميقاتي والدكتور عبد الرزاق قرحاني (ميقاتي) والشيخ أمير رعد (الصمد) وأحمد الأمين (كرامي)، فيما تشكلت لائحة المستقبل من خمسة مرشحين هم الدكتور بلال بركة، المحامي توفيق بصبوص، رئيس بلدية طاران ـ الضنية أسامة طراد، الشيخ فايز سيف (تيار المستقبل) والدكتور هاشم الأيوبي (المفتي مالك الشعار).
تشكيل لائحتين غير مكتملتين جعل عدد المنسحبين من الانتخابات لا يتجاوز عشرة، من أصل 40 تقدموا لخوض الانتخابات. وهؤلاء، على الأرجح سيتواصلون مع الطرفين المتنافسين، إما لدخول لوائحهما أو لتبادل الأصوات من تحت الطاولة. كما أن عدم اكتمال اللائحتين يعطي أعضاء الهيئة الناخبة (148 ناخباً) هامشاً لإضافة أسماء على أي من اللائحتين.
العناوين السياسية تطغى على الانتخابات خصوصاً في عاصمة الشمال. فتيار المستقبل يخوضها من أجل ردّ اعتباره بعد الخسارة التي تلقّاها قبل أربع سنوات، عندما سقط جميع مرشحيه في طرابلس، ولم يفز سوى بعضوين في المنية - الضنية، لذلك تُعدّ هذه معركة مصيرية له، إذ أن خسارته فيها ستؤكد تراجع حضوره على الساحة السنّية، علماً أن تشكيله لائحة غير مكتملة يعدّ اعترافاً غبر مباشر بأنه لم يعد الممثل الأوحد للطائفة السنّية. علماً أن حلفاء عديدين للتيار سجّلوا استياءهم من إسقاطه لهم من حساباته ومن لائحته المعلنة، نتيجة وجود «طبّاخين» عدّة داخل البيت الأزرق، أبرزهم الرئيس فؤاد السنيورة والأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري. ويأتي على رأس المستائين النائب محمد كبارة الذي تمسك بترشيح نسيبه عبد المنعم كبارة، والنائب السابق محمد الصفدي الذي أبدى بدوره تمسكاً بالمرشح ربيع دندشي، ما يجعل باب النتائج مفتوحاً على شتى الاحتمالات، ومنها تسجيل مفاجآت غير متوقّعة.
أما خصوم المستقبل فيخوضون الانتخابات لتأكيد حضورهم السياسي كمنافس فعلي في الشّارع السنّي. ميقاتي يخوضها لتأكيد مرجعيته السياسية في طرابلس التي ترجمها في الانتخابات النيابية؛ وكرامي لتثبيت زعامة عائلته السياسية في المدينة، خصوصاً بعد فوزه في الانتخابات النيابية؛ والصمد لترسيخ موقعه كمرجعية سياسية في المنية - الضنية، وتثبيت حق القضاء بثلاثة مقاعد فاز بها مرشحو القضاء في استحقاق عام 2015، بعدما حاول حينها تيار المستقبل تجاوز قضاء يضمّ أكثر من ثلث أعضاء الهيئة الناخبة.
وإلى هذين الطرفين، يسعى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار جاهداً لتحقيق نجاح يفتح الباب أمامه لتجديد ولايته التي تنتهي أواخر هذا العام، وسط كباش لم يعد خافياً بينه وبين ميقاتي بعد رفض الأخير التمديد له العام الماضي، ما دفع الشعار لشنّ حملة شعواء على مرشحيه.