تنظّم دار الفتوى غداً انتخابات أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في بيروت والمناطق. نفوذ تيار المستقبل في المجلس الحالي قد لا يبقى على ما هو عليه. فإضافة الى «المنازلة الصامتة» بين آل الحريري والرئيس السابق فؤاد السنيورة في عدد من المناطق، تشهد دائرة الشمال معركة مصيرية بالنسبة الى التيار الأزرق الذي يواجه خصوماً أقوياء تمكنوا من إثبات حضورهم السياسي في الانتخابات النيابية ويطمحون الى تكريسه داخل مؤسسات الطائفة.يتداعى أعضاء الهيئات الناخبة في الطائفة السنية، غداً، إلى انتخاب أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الأربعة والعشرين. حوالى 100 مرشح (من أصل 111) بقوا على ترشحهم بعد حوالى شهر على إقفال باب الترشيحات، فيما سُجّل انسحاب مرشحين وإبطال ترشح آخرين لأسباب صنفها البعض بالسياسية. فلم يقبل ترشيح عامر جلول في بيروت، ورُفضت ترشيحات ستّة في طرابلس (أحدهم حسام الدين الحزوري الذي كان محسوباً على تيار المستقبل)، وترشيح محمد يوسف العويد في عكار، وخالد نصوح المير وناصر صالح في البقاع. أما الاسم الأبرز بين المرفوضين فكان الشيخ أحمد اللقيس نجل مفتي جبيل غسان اللقيس.
وتتوزع المقاعد الـ 24 على ثمانية لبيروت (30 مرشحاً) وسبعة لمحافظة الشمال (46 مرشحاً) ومقعدين لمحافظة البقاع (10 مرشحين) واثنين لجبل لبنان (10 مرشحين) ومقعد لمحافظة عكار (9 مرشحين) وواحد لقضاءي حاصبيا ومرجعيون (3 مرشحين). فيما يعين مفتي الجمهورية ثمانية أعضاء في المجلس بعد الانتخابات. أما حصة صيدا (ثلاثة مقاعد) فقد تمكنت النائبة بهية الحريري، بالتنسيق مع الرئيس فؤاد السنيورة، من سحبها من المعركة والضغط لفوز مرشحيها بالتزكية. فأعيدت تزكية عبد الحليم الزين (محسوب على السنيورة) وموفق الرواس (قريب من الحريري والجماعة الإسلامية)، واستبدل وليد السبع أعين (شريك في عدد من شركات الرئيس سعد الحريري) بفايز بعاصيري (محسوب على السنيورة).
يرأس بسام برغوت، المحسوب على «الجماعة»، وممثّل «المقاصد»، اللائحة المدعومة من «المستقبل»


تشكيلة المرشحين تعكس الاصطفاف السياسي الموحد الذي حكم عائشة بكار بعد «استقالة» مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد قباني وإقالة المجلس الشرعي المحسوب عليه، بتسوية رعتها القاهرة عام 2014، أتت بالشيخ عبد اللطيف دريان خلفاً له. قبلها بعام، في 2013، سجلت دار الفتوى سابقة بانتخاب مجلسين شرعيين أفتيا بعدم شرعية بعضهما البعض. «مجلس قباني» ضم شخصيات مناوئة للحريرية في ظل استعار الحرب السورية واحتقان الجو المذهبي في لبنان. وفي مقابله، شكّل ما اصطلح على تسميته بـ«مجلس عمر مسقاوي» صدى لقوى 14 آذار وسياسة السعودية والإمارات. بموجب التسوية المصرية، وافق مجلس قباني على الاستقالة. وبعد أشهر، في عام 2015، انتخب أول مجلس شرعي في عهد دريان محسوب بشكل رئيسي على تيار المستقبل، بجناحَيه الحريري والسنيوري، مع تنوع طفيف يندرج تحت عباءة الحريرية أو التسوية المصرية.
ورغم طغيان لون سياسي واحد على المرشحين، يشهد مجلس 2019 معارك صغيرة داخل البيت الأزرق. بالنظر إلى لائحة المرشحين في الشمال والبقاع وحاصبيا – مرجعيون، على سبيل المثال، يميز أهل الدار بين مرشحين محسوبين على الرئيس سعد الحريري وآخرين محسوبين على السنيورة. في البقاع، يدعم السنيورة المرشح سعد الدين حسنة، فيما تولى مستشار الحريري للشؤون الإسلامية علي الجناني تنظيم الحملة الانتخابية لكل من القاضي طالب جمعة (صهر مفتي البقاع خليل الميس) وعضو المجلس الحالي محمد صميلي. ووفق المصادر، فإن جمعة والعضو الحالي القاضي عبد الرحمن شرقية المدعوم من الشخصيات السنية المناوئة للحريرية، هما الأوفر حظاً. ويتنافس على مقعد في حاصبيا ــــ مرجعيون كل من: مفتي المنطقة القاضي حسن دلي (قريب من النائبة الحريري) وإمام مسجد في الجية (موظف في أوجيرو) عماد حسين الخطيب (قريب من السنيورة) ومختار بلدة عين عرب طلال الحاج. ويرجح فوز دلي الذي فاز بالتزكية عام 2015 بعد انسحاب الخطيب ومرشح آخر. وفي جبل لبنان، يرجح إعادة انتخاب القاضي رئيف عبد الله المحسوب على المستقبل والنائب السابق وليد جنبلاط، فيما لم يعاود العضو الحالي سامي عبد الله الترشح. وفي بعلبك – الهرمل، يرجّح فوز المفتي بكر الرفاعي (كان محسوباً على المفتي قباني قبل أن ينسج علاقات ودّية مع الأفرقاء ومع دولة الإمارات).
وفي بيروت، تميل كفة الفوز نحو لائحة «التنمية والتطوير» المكتملة التي يدعمها تيار المستقبل والجماعة الإسلامية وجمعيات سنية بيروتية كـ«الفتوة الإسلامية» و«الإرشاد والإصلاح». وكان لافتاً تسمية بسام برغوت رئيساً للائحة وهو محسوب على الجماعة، لكنه يمثل جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت. فيما لم تسجل مشاركة لافتة للشخصيات البيروتية التي كانت فاعلة في زمن قباني، سواء المستقلة أو المحسوبة على قوى الثامن من آذار وحلفائها.