ينتظر عسكريو قوى الأمن الداخلي الترقيات منذ أكثر من سنة. يزيد الطين بلة ترقية الضباط ومنح الأقدميات للمستحقين والمحظيين منهم في آن معاً. هذا الواقع يخلق جوّاً من التململ وسط العسكر الذين تُنتزع منهم حقوقهم أو تصادر يوماً بعد آخر. الأمر الأكثر سوءاً، بحسب بعض العسكريين، ما يُشكّله هذا الإهمال «من تهديد لمن اقترب تقاعده من الخدمة بعد تجاوز السن القانونية»، ما يحول دون نيل هذه الفئة الترقية المستحقة وحرمانها من تعويضات نهاية الخدمة أو تأثر راتبها بحرمانها من درجة، جرّاء عدم نيل الترقية. آخر دفعة من العسكريين مُنحت الترقية في بداية عام 2017. في ذلك التاريخ، رُقّي من كان يستحق الترقية. أما العسكريون المستحقون للترقية بعد هذا التاريخ، فلا يزالون ينتظرون إلى يومنا هذا. يقول أحد العسكريين لـ«الأخبار» إنّ العدد يناهز ٣ آلاف عسكري. أما المنح التي يحصل عليها الحائز ترقيةً، فتراوح بين زيادة على الراتب الشهري أو ١٢ صفيحة بنزين أو فارق في التعويض والمعاش التقاعدي. فكل عريف سيرقّى الى رتبة رقيب، يحصل على علاوة على راتبه الشهري. أما المعاون أول الذي سيُرقى الى رتبة مؤهل، فإضافة الى زيادة الراتب، سيُمنح تقديمات شهرية تقارب ٤٠٠ ألف ليرة عبر منحه ١٢ صفيحة بنزين شهرياً. أما باقي الرتب، فإن الفارق بالنسبة الى العسكري يكون بالتعويض في نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي (أساس الراتب يرتفع).
تجدر الإشارة إلى أن كل الرتب ما دون ضابط، تحتاج الى سنتين (الرتبة الثانوية) وثلاث سنوات (الرتبة الأساسية)، علماً بأن الدرجة لن تضيف أكثر من ٧٠ ألف ليرة الى راتب العسكري. وتبلغ تقديمات الجيش للمؤهل والمؤهل أول من المحروقات ١٧ صفيحة بنزين ونصف صفيحة، أي ما يعادل مرة ونصف مرة ما يتقاضاه المؤهل في قوى الأمن الداخلي.
ويقول عسكري آخر لـ«الأخبار» إنّ سبب تأخير منح العسكريين الترقية مرده رفض المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ترقية العسكريين الذين عوقبوا في عدد من الملفات التي أجرت المديرية تحقيقاً فيها، إضافة الى رفضه شمول الترقية العسكريين المتورطين في ملفات فساد. ويسأل: «لنفترض أن هذا السبب هو ما يؤخر ترقية مئات العسكريين، ماذا عن آلاف العسكريين الذين لا عقوبات في سجلهم العسكري؟ ولماذا لا ينال هؤلاء الترقية ويُستثنى منها من تمت معاقبتهم»؟
تنتظر الميداليات العسكرية توقيع رئيس الجمهورية منذ ٤ سنوات


في هذا السياق، يقول أحد ضباط مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي لـ«الأخبار» إنّ الترقية «تُمنح بداية العام، إلا أنّ الظروف الاستثنائية ودورات التطويع أدت إلى تأخيرها. إذ إنّ القانون يحدد أنّ أصول منح الترقيات تحصل بعد خضوع العسكريين لدورات واختبارات. غير أنّ الأوضاع الأمنية التي مرّ فيها لبنان منذ عام ٢٠٠٦ دفعت بقيادة المديرية إلى إصدار ترقية استثنائية من دون إجراء اختبارات. وقد أدى ذلك إلى ثمن دفعته المديرية انعكس على مستوى أفرادها، ولا سيما أنّ هناك دفعة كبيرة من المجندين ناهزت الـ ٩ آلاف تم تطويعهم من دون اختبارات، ما أدى إلى رفع نسبة الجهل في صفوف العسكريين والرتباء»، ويضيف «لسنا مُلزمين بشهر محدد للترقية، إنما ملزمون بترقية العسكريين خلال هذه السنة».
وترجح مصادر مجلس القيادة «المضي بخيار الترقية الاستثنائية هذا العام أيضاً»، وتكشف أنّ مجلس قيادة قوى الأمن قرر التشدد في الاختبارات ورفع معايير منح الترقية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، في السابق، كان يُحرم من الترقية كل من نال عقوبة ستين يوماً دفعة وحدة، أما اليوم، فسيُحرم منها من نال عقوبة ٢٥ يوماً دفعة وحدة.
وفيما كان اللواء عماد عثمان يسعى إلى التشدد بنسبة ٥٠ في المئة مع العسكريين، «تقرر أن يُرفع مستوى التشدد إلى ١٥ في المئة من باب فرض الانضباط»، على حد تعبير المصادر نفسها.
أما في ما يتعلق بالميدالية العسكرية، وهي منحة يحصل عليها العسكري كل عشرين عاماً وتوازي درجة، على أن لا يتضمن سجله أي عقوبات، فهي الوحيدة التي تعتبر درجة ويقبضها العسكري حتى بعد إحالته إلى التقاعد. وتقول مصادر مجلس القيادة إنّ المديرية قامت بواجباتها برفع الجداول بانتظار قرار المجلس الأعلى للأوسمة الذي يرأسه رئيس الجمهورية.
يذكر أن هذه الميدالية/ الدرجة استحقت في مرحلة الفراغ الرئاسي، لكن مع انتخاب الرئيس ميشال عون استبشر العسكريون خيراً، إلا أن الجداول المرفوعة الى القصر الجمهوري تنتظر توقيع رئيس الجمهورية.