تحريض السفير الإماراتي على الحريري يظهر أيضاً في برقية صادرة يوم 18/10/2017، يتمحور مضمونها حول موقف لبنان من انتخابات الامين العام لمنظمة اليونيسكو، عندما سرت شائعات عن كون لبنان صوّت لمصلحة قطر، وهو ما لم يثبت حينذاك، إلا أن حمد الشامسي تصرّف مع الشائعات كما لو أنها حقيقة مطلقة وبنى تحليلات عليها. في ما يأتي نص البرقية:* تسري معلومات بشكل كثيف في لبنان عن أن لبنان صوّت لصالح قطر في انتخابات اليونيسكو، وتشير المعلومات إلى أن الحريري كان على علم بذلك، وقد التقى الحريري وباسيل على أهداف مشتركة من هذا التصويت؛ الاول ان الحريري يريد إيصال رسائل الى السعودية لأنها غير مهتمة بأمره، ولأن لديه علاقات اقتصادية مع قطر، وهو ما يثير حنقاً سعودياً كبيراً عليه، لأن هناك معلومات عن تلقّي الحريري دعماً مالياً يفوق مئة مليون دولار. أما باسيل فهو يريد مواجهة السعودية لأنها غير راضية عن أداء رئيس الجمهورية والعهد بكامله، ولأنها تريد محاصرته بسبب موالاته لحزب الله وإيران، وبالتالي أراد الرد على مواقف السعودية من خلال هذه الرسالة.
* فجّر التصويت بالاضافة الى أمور أخرى أزمة داخل أروقة تيار المستقبل، إذ خرج الوزير نهاد المشنوق للرد على كل هذه التنازلات، كما خرج معترضاً على تصويت لبنان لقطر والوقوف بوجه السعودية ومصر ودول الخليج.
* يرى المشنوق ان مصر كان لها دور أساسي في التسوية الرئاسية وفي التقريب بين السياسيين اللبنانيين. وهو يتحدث بالمواقف الاستراتيجية وليس بالحسابات الضيقة. وتشير معلومات متابعة للعلاقة بين الحريري والمشنوق، إلى أن وزير الداخلية يعتبر مواقف رئيس الحكومة متراجعة جداً ومن شأنها أن تخسره في الانتخابات النيابية، وهو يقدم الكثير من التنازلات لصالح تحالف نادر الحريري وجبران باسيل، ولذلك يأخذ مواقف تؤيد كل ما ينتهجه التيار الوطني الحر. كما يرى المشنوق ان الحريري يقدم الكثير من التنازلات، التي كان آخرها التشكيلات القضائية، التي أُقرّت بداية تشرين الاول اكتوبر، وبعد أن كان الحريري يعترض على هذه التشكيلات، عقد اجتماع بين نادر الحريري وجبران باسيل يوم الثلاثاء قبل إقرار التشكيلات بيوم واحد، وانتهى الى موافقة الحريري من دون أي تعديلات، وهذا ما أدى الى حصول إشكال داخل تيار المستقبل، وانعكس في انتقاد المشنوق لسياسات الحريري.
* أكثر من ذلك، يذهب المشنوق في مجالسه الخاصة الى اعتبار ان الحريري يتخذ مواقف ضد السعودية بشكل غير علني، وذلك لإيصال رسائل لها بضرورة الحصول على أموال، لأنه غير قادر على الاستمرار بدون الحصول على دعم مالي.
* المشنوق يزايد على الحريري لأنه يشعر أنه مهدد في الانتخابات النيابية، لأن استطلاعات الرأي تقول إنه صاحب الاصوات الاقل، وذلك بسبب مواقفه المؤيدة لحزب الله منذ إحضاره رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا الى طاولة الاجتماع التي ضمّت القادة الأمنيين في وزارة الداخلية. لذلك يلجأ المشنوق الى التصعيد لإعادة كسب الاصوات، وهو يزايد على الحريري.
* لكل من الحريري والمشنوق حساباته الخاصة؛ فللحريري حسابات سياسية تتلاءم مع وجهة نظر باسيل وحزب الله للبقاء في السلطة، فيما المشنوق يجد أن عليه التصعيد في المواقف الكلامية ضد هذه التسوية لتعزيز وضعيته الشعبية عبر الإشارة الى عدم الوقوف الى جانب باسيل الذي أيّد قطر في انتخابات اليونيسكو بمواجهة مصر التي يعتبر المشنوق نفسه رجلها الاول في لبنان. فالحريري يعتبر أن التسوية هي الاساس ويجب الحفاظ عليها مهما كلّف الأمر، وهو نهجه الذي يبدو واضحاً من خلال الزيارات الى سوريا واللقاء مع وليد المعلم، أما المشنوق فيعتبر أن على الحريري اتخاذ قرار بوقف التنازلات، كي لا يخسر الانتخابات.
د. حمد سعيد الشامسي
السفير
التاريخ 18/10/2017