انطوان سعدفي الماضي، كان الخلاف قوياً على فتح جبهة في جنوب لبنان. وكان بين اللبنانيين غير المؤيدين لهذا الأمر من يقول بضرورة عدم اكتفاء لبنان بدور المساندة وانتقاله إلى دور إضافي حتى لو كانت له انعكاسات، مدمرة لأن في ذلك إنقاذاً للوحدة الداخلية. في المقابل، كان ثمة فريق لا يرى جدوى من إقحام البلاد في حرب يعرف اللبنانيون والعرب على السواء أنها تفوق طاقتها على الاحتمال، وأن لا ضرورة لزجّ الجيش في المعركة وتعريض شبانه للقتل وأرض لبنان للاحتلال، فقط من أجل اتخاذ موقف مبدئي من النزاع مع إسرائيل.
قبل ساعات من انتهاء المعارك في حرب حزيران 1967، طلب الرئيس جمال عبد الناصر من نظيره شارل حلو فتح الجبهة لتخفيف الضغط عن القوات السورية والمصرية. ارتبك حلو وأركان الدولة، فبعدما انهارت الجيوش المعدة لقتال إسرائيل ماذا يمكن جيشاً صغيراً من عشرة آلاف جندي أن يفعل؟ على الفور، استدعى الوزير السابق فؤاد بطرس، ومن ثم وزير الأنباء آنذاك ميشال إده وغيرهما للتشاور، ولا سيما في ضوء المزايدات في الشارع التي كانت تطالب بفتح الجبهة مع إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب.
كان رأي بطرس أن يدعو الرئيس حلو إلى مشاورات «فقرار إعلان الحرب على إسرائيل قرار كبير، ولن يلومك أحد إن أخذت نصف نهار للتفكير وإجراء مشاورات مع الفاعليات السياسية اللبنانية، وأعتقد أنه بعد هذه المهلة ستكون المعارك قد انتهت ولا حاجة بك عندئذ لإعلان الحرب». أما إده فكان رأيه أن العشرة آلاف جندي إذا نشروا على كامل الجبهة فسيكون عددهم قليلاً جداً. ويذكر إده أن معظم أركان الدولة، وفي مقدمهم رئيس الحكومة رشيد كرامي، كانوا يعون خطورة إقدام لبنان على دخول الحرب بعدما انهارت الجبهات العربية، ولكن لا أحد كان يجرؤ على أن يقول رأيه علناً وصراحة.
الإجماع اللبناني على ضرورة التزام لبنان مقتضيات قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي تجلّى بخاصة في مقررات مجلس الوزراء الذي انعقد مساء أمس في القصر الجمهوري، ثابت رغم المواقف التي يمليها الواجب على البعض. ولكن يبقى السؤال: هل أتى متأخراً أم أن وقته أخيراً قد حان؟