"على الإسرائيليين انتظار الردّ بدءاً من الليلة". العبارة التي أوردها الموقع الإلكتروني لصحيفة "اسرائيل اليوم"، بعد كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، أبلغ تعبير عما يمكن وصفه بنقطة تحوّل في المقاربة الإسرائيلية بعد اغتيال الشهيد سمير القنطار. فقبل الكلمة شيء، وبعدها شيء آخر. ويتضح من تعامل إسرائيل ووسائل إعلامها مع الكلمة أن تل ابيب اكتشفت انها أخطأت في تقديراتها من جديد، حول رد فعل حزب الله على عملية الاغتيال، بعدما استبعدت في حساباتها الابتدائية أي ردّ، ورأت أنه، في اقصى تقدير، سيكون رمزياً.
الصدمة عبّرت عنها تل ابيب بـ "صمت تعليقي"، بعد وفرة تعليقات الى حد الإفراط في اليومين الماضيين. تحولت وسائل الإعلام العبرية ليل أمس الى أشبه ما يكون بوكالات انباء، تنقل ما يرد على لسان نصر الله تباعاً، وبلا تعليقات. ولفت أيضاً استنفار اعلامي، عبر بثّ مقتطفات متلاحقة من الكلمة مع اختيار مقاطع تتحدث عن مسؤولية اسرائيل عن الاغتيال وتبنّي القنطار والتشديد على انه احد كوادر الحزب، وبطبيعة الحال إن الرد آت. علماً أن اسرائيل واصلت صمتها الرسمي تجاه اغتيال القنطار، ولم يصدر عن اي مسؤول موقف يتبنى الاعتداء.
قبل الكلمة، كانت تل ابيب قد انشغلت وإعلامها بتداعيات الاغتيال واليوم الذي يلي. وبرزت بصمات المؤسسة الامنية الاسرائيلية في تقارير المراسلين والمعلقين. وكان واضحاً التوجه الى طمأنة الاسرائيليين من الآتي، رغم خرق بعض المراسلين الذين حذّروا من خطأ تل ابيب في تقديراتها. لكن بعد كلمة الأمين العام لحزب الله، يتوقع ان يزداد التشكيك في "الإنجاز" الإسرائيلي والتحذير من الثمن غير المحسوب.
الجيش الإسرائيلي بدأ بتغيير نشاطاته الروتينية على الحدود الشمالية

وكانت رسالة المؤسسة الأمنية الاسرائيلية قد عبر عنها، كعادته، مراسل الشؤون العسكرية في القناة الثانية العبرية روني دانيئيل. الأخير أكّد قبل كلمة نصر الله ان الجيش الاسرائيلي يصغي جيداً إلى كل ما يصدر عن حزب الله، وتحديداً ما صدر في تشييع القنطار، الامر الذي دفعه إلى اتخاذ خطوات احترازية. لكنه شدّد على أنه "يجب ان نفهم ان مجال الرد ليس واسعاً. نصر الله يريد ان يقوم بعمل ما يظهر كرد، من دون أن يدفع اسرائيل الى ردود قاسية، اذ يصعب التصور بأن حزب الله سيخطو خطوة تسبب فتح جبهة مع اسرائيل".
وكان المعلق الرئيسي للشؤون العسكرية في القناة العاشرة العبرية الون بن دافيد، قد عبّر (قبل كلمة نصر الله) عن أمله ألا تكون اسرائيل قد اخطأت في تقدير اهمية القنطار لدى حزب الله، مشيراً الى أن "قناة المنار تبث عنه منذ الصباح. والأمر يعني ان حزب الله يتعامل مع عملية الاغتيال بجدية، وهو ملزم بالرد"، كاشفاً ان الجيش الاسرائيلي باشر سلسلة من الاجراءات الاحترازية على طول الحدود مع لبنان، و"هو من يوم أمس بدأ بتغيير حركته ونشاطاته الروتينية والابتعاد عن الاماكن المعروفة والاعتيادية لتحركاته".
وبدا امس ان رسائل الطمأنة لم تجد نفعاً لدى المستوطنين. اذ اعلنت مستوطنات عدة في شمال فلسطين المحتلة فتح الملاجئ استعداداً للأسوأ، كما في مستوطنتي شلومي ونهاريا اللتين بادرتا الى اعلان الاستنفار، رغم تعليمات الجبهة الداخلية التابعة للجيش الاسرائيلي بضرورة ممارسة الحياة الطبيعية في المستوطنات الشمالية. وكشفت القناة الثانية العبرية ان "التوتر هو سيد الموقف"، وتحديداً في مستوطنات اصبع الجليل وكريات شمونة، لافتة الى ان "الجيش الاسرائيلي جاهز لمواجهة اي تطور"، وقد نشر احترازياً منظومة القبة الحديدية شمالاً.
وحول مسؤولية اسرائيل عن اغتيال القنطار، اشارت القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي، الى ان اسرائيل تعمد الى عدم الاعتراف بهذا النوع من العمليات، كما انها لا تنفيه. واضافت: "سياسة اسرائيل منذ حكومة (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو الاولى والثانية، تقوم على الضبابية. لكن من قام بهذا العمل هو بالتأكيد ليس سلاح الجو التابع لدولة زيمبابوي"!