أما فاطمة قنديل، وهي مديرة إحدى المدارس الثانوية في القطاع، فحكت لـ«الأخبار» عن طقوس هذه الفترة المفقودة، وقالت: «أهل غزة عموماً يضعون التعليم في أعلى سلّم أولوياتهم. كل المنظومة الحكومية والأهلية والمجتمع يتكاتفون في هذه الفترة لتمرير موسم اختبارات الثانوية. تُمنع الحفلات في الأماكن العامة، وتُؤجل الفعاليات العائلية لدى الأسر التي يتقدّم أحد أبنائها إلى امتحانات التوجيهي، ويُسخّر كل شيء لخدمة أبنائنا الطلبة. لقد قتلوا كل ذلك. طوال عام دراسي كامل ونحن نحاول إيجاد حلّ للآلاف من طلبة القطاع. لم يتركوا مدرسة سليمة، ولم يسمح الاحتلال بتوفير أي جو من الاستقرار الميداني لصناعة بيئة تعليمية هادئة ومقبولة، فضلاً عن الآلاف من الشهداء من المدرّسين. لقد أوصل جيش الاحتلال رسالته في قصفه مبنى وزارة التربية والتعليم. يريدون القضاء على كل أشكال الحياة».
جيش الاحتلال دمّر أكثر من 250 مدرسة في شمال القطاع، وخمس جامعات مركزية
إلى جانب المقاعد التي تحمل أسماء الشهداء الطلاب، جلس رمزي قاسم، وهو طالب في الثانوية العامة أُصيب بشظايا قذيفة هشّمت قدميه، وأقعدته على كرسي متحرّك. يقول لـ«الأخبار»: «أُصبت واضطررت لتركيب أسياخ من البلاتين في قدميَّ الاثنتين، وخلال نزوحنا المتكرّر، كنت أحمل كتبي وحقيبتي المدرسية. كان لديّ أمل في إمكانية العثور على حلّ يحول دون حرماننا من تقديم الاختبارات. حتى الشهر الأخير الذي سبق بداية الامتحانات، ظللت أتصرّف على أساس أنني سأتقدّم إلى تلك الاختبارات، لكن أملي خاب، والعالم الحر بأسره مُطالب بالتدخّل لوقف هذه الإبادة».
جدير بالذكر، أن جيش الاحتلال دمّر منذ بداية الحرب أكثر من 250 مدرسة في شمال القطاع. كذلك، دمّر خمس جامعات مركزية هي، «الإسلامية» و«الأزهر» و«الأقصى» و«فلسطين» و«الإسراء»، فضلاً عن عشرات الفروع في شمال القطاع وجنوبه. ويقدّر مصدر في وزارة التربية والتعليم، تحدّث إلى «الأخبار»، أن إمكانية استعادة الحياة التعليمية في غزة في حال توقّفت الحرب، تُعد أمراً مستحيلاً، حتى بعد عام كامل من الآن، بالنظر إلى تحويل كل المدارس المتبقّية، سواء منها الحكومية أو تلك التابعة لوكالة «الأونروا»، إلى مراكز إيواء تسكنها الآلاف من الأسر التي فقدت منازلها، هذا إلى جانب الاستهداف المتعمّد للكوادر التربوية ومنظومة التربية برمّتها.