غزة | حمل المشهد الميداني في قطاع غزة، أمس، جملة من العمليات الميدانية التي شكّلت صدمة، بل وإهانة قاسية للعدو. ففي اليوم الـ244 للحرب التي شُنّت تحديداً بهدف منع تكرار سيناريو عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر، أي اقتحام الحدود والوصول إلى مواقع جيش الاحتلال ومستوطناته، تمكّنت مجموعة من «كتائب القسام» من اقتحام السياج الحدودي الفاصل، في اتجاه موقع «كرم أبو سالم» العسكري شرق مدينة رفح جنوبي القطاع. ووفقاً للكتائب، فقد «تجاوزت مجموعة من المقاومين السياج الفاصل، وهاجمت مقر قيادة فرقة العدو العاملة في مدينة رفح، واشتبكت مع قوة إسرائيلية راجلة وجهاً لوجه من مسافة لا تتجاوز العشرة أمتار، قبل أن تعود أدراجها إلى داخل القطاع مجدداً». وهو الحدث الذي أفردت له وسائل الإعلام العبرية منذ الصباح مساحة واسعة من التحليل، ووصفته بـ«الخطير والصعب»، مشيرة إلى أن المجموعة العسكرية استغلّت الضباب الكثيف، وتمكّنت من العبور من فتحة نفق تبعد 200 متر عن السياج، قبل أن تُفاجأ بقوة راجلة من جيش الاحتلال، كانت تقوم بمهمة التمشيط، وتشتبك معها وجهاً لوجه، ما تسبب بإصابة جنديين، قبل أن يعترف العدو في وقت لاحق بمقتل جندي.وتتجاوز القيمة الرمزية التي يحملها عمل مبادِر كهذا، الخسائر البشرية؛ إذ نفّذ المقاومون العملية في المنطقة التي حشد لها العدو خمسة ألوية قتالية، ويشنّ عليها منذ ما يزيد على شهر كامل، حملة برية وجوية هي الأعنف، وتحمل هدفاً واحداً هو القضاء على ما تبقّى من كتائب المقاومة هناك. ووسط ذلك كله، لا تكتفي المقاومة بالتصدي لجيش الاحتلال المتوغّل في عمق المناطق العمرانية المأهولة، إنما تلاحقه في مناطق تحشّداته، حتى خارج القطاع. وعمل كهذا، يقوّض كل «المنجزات الميدانية» التي يزعم العدو تحقيقها في كل مناطق غزة، إذ إن تمكّن المقاومة التي تتعرّض لكل هذا الضغط الميداني في رفح، من تنفيذ هكذا عملية، يعني أنها قادرة إن شاءت، على تنفيذ مهمات أكثر زخماً وإيلاماً في مناطق تتعرّض لضغط ميداني أقل.
تجاوزت مجموعة من «القسام» السياج وهاجمت مقر قيادة فرقة العدو العاملة في رفح


وإلى جانب الحدث في عمق «غلاف رفح»، أعلنت المقاومة عن سلسلة من العمليات الميدانية والنوعية في عمق المدينة، إذ تمكّنت «كتائب القسام» من تفجير عين نفق مفخّخة بقوة راجلة مكوّنة من خمسة جنود، والقضاء عليها، في تل زعرب غرب رفح. وخلال النهار، توالت البيانات العسكرية الميدانية، حيث تحدّثت «كتائب القسام» عن استهداف خمس آليات، بين دبابة وجرافة، في محاور التوغّل شرق وغرب المدينة، فيما أكدت «قوات الشهيد عمر القاسم» التابعة لـ«الجبهة الديموقراطية» تفجير جرافة «دي ناين» في منطقة العبد جبر في مخيم يبنا غرب رفح، بعبوة شديدة الانفجار. أما «سرايا القدس»، فقد أعلنت عن استهداف مقاوميها، بالاشتراك مع «كتائب القسام» ، قوة معادية كانت تتحصّن في مبنى في مخيم يبنا بقذيفة «تي بي جي» مضادة للتحصينات، ما تسبّب بوقوع أفرادها بين قتيل وجريح. كذلك، تحدّثت السرايا عن استهداف آلية عسكرية بقذيفة «آر بي جي» في محور تل زعرب، وأضافت أنها قصفت القوات المتوغّلة في محيط منطقة العبد جبر بقذائف الهاون النظامية من عيار 60 ملم. أيضاً، قصفت «كتائب القسام» مقر القيادة والسيطرة التابع للعدو في موقع «كرم أبو سالم» بوابل من صواريخ «رجوم» القصيرة المدى.
ولم يكن «محور نتساريم» في وسط القطاع أكثر هدوءاً، إذ كانت المقاومة، أمس، عند أعلى مستويات الزخم والمشاغلة هناك. وأعلنت «كتائب المجاهدين» عن قصف مواقع العدو المستحدثة بوابل من الصواريخ وقذائف الهاون، وكذلك أكّد عدد من الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة استهداف الحاجز بالعشرات من قذائف الهاون. وفي محور التقدم الجديد في شرق مدينة دير البلح والمنطقة الوسطى، قالت «سرايا القدس» إنها أطلقت صاروخي «بدر 1» في اتجاه القوات المتوغّلة، كما استهدفت «كتائب القسام» جرافة «دي ناين» بعبوة «شواظ»، وفجّرت دبابة «ميركافا» بقذيفة «الياسين 105» شرق دير البلح. وأمام كل تلك التطورات، رأى عدد من الصحف الإسرائيلية تعذّر عودة سكان «غلاف غزة» من المستوطنين، ولا سيما بعد تجدّد التهديد بتكرار عمليات الاقتحام.