غزة | سُجّل أمس واحدٌ من أكبر أيام الحرب دموية؛ إذ أظهرت الصور التي وثّقتها كاميرات الصحافيين، للمرة العاشرة بعد الألف، أكواماً من أجساد الأطفال المقطّعة والمحترقة، والتي لم تثُر في «المجتمع الدولي» سوى الإدانات والتصريحات التقريرية التي لم يُبنَ عليها أي موقف فعلي يساهم في فرملة عجلة المجازر المستمرة. ولم تمنع المذابح السابقة التي ارتكبها العدو في مدينة رفح، وكل ما رافقها من حملات إعلامية عالمية ومواقف دولية، من إعادة تكرار النسق الوحشي نفسه في مواقع أخرى من قطاع غزة. وبينما كانت العيون شاخصة على جنوب القطاع، ارتكب جيش الاحتلال مجزرة كبرى بحق النازحين في مخيم النصيرات. وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي، فقد قصف الجيش الإسرائيلي غرفتين صفيتين في مدرسة تابعة لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا) تؤوي الآلاف من النازحين، ما تسبب باستشهاد 40 نازحاً، بينهم 14 طفلاً و9 نساء، فضلاً عن إصابة 74 آخرين، بينهم 23 طفلاً و18 امرأة.وبحسب شهود عيان تحدّثت معهم «الأخبار»، فإن طائرات العدو أقدمت، في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء - الخميس، على قصف المدرسة بثلاثة صواريخ، علماً أن مركز الإيواء المستهدف، يحمل الرقم 149 من المراكز التي سُجلت فيها مجازر على الشاكلة نفسها، حيث استهدف جيش الاحتلال، طوال أشهر الحرب، الأماكن المكتظة بعشرات الآلاف من النازحين، بقذائف الدبابات والصواريخ من الطائرات المقاتلة، فيما يزعم، في كل مرة، أنه استهدف فيها عناصر تابعين لحركة «حماس». وقبل يومين فقط، كان العدو قد قصف بوابة أحد المراكز الطبية في مدينة دير البلح، ما تسبب باستشهاد ثمانية عناصر من أجهزة الشرطة إلى جانب إصابة العشرات. وأمس، قصفت طائرات الاحتلال برجاً سكنياً يؤوي المئات من النازحين بمحاذاة مدرسة تؤوي هي الأخرى نازحين في مدينة دير البلح. وفيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، نيته تصنيف إسرائيل في قوائم الدول التي تقتل الأطفال، أعلنت «منظمة الصحة العالمية» أنها وثّقت 464 اعتداءً على المرافق الصحية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، تسبّبت بمقتل 727 شخصاً وإصابة 933 آخرين، وتضرر 101 منشأة وسيارة إسعاف.
علاوة على كل ذلك، يتكرر بشكل روتيني تدمير المباني السكنية على رؤوس ساكنيها؛ إذ أعاد جيش العدو، أمس، قصف سبعة مبانٍ سكنية، ما تسبب باستشهاد العشرات من النازحين، ومعظمهم من النساء والأطفال. غير أن السلوك الإسرائيلي المستمر منذ بداية الحرب على القطاع، والذي تفضحه كل وسائل الإعلام وتوثّقه المؤسسات الحقوقية الدولية، لم يجد فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن، أي دليل على أن إسرائيل ارتكبت مجازر بحق المدنيين، إذ أعلن، في تصريح صحافي، أنه لا معلومات لديه عن ارتكاب الجيش الإسرائيلي أي مجزرة، رغم أن العدوان تسبب باستشهاد ما يزيد على 36 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال.
أما المفارقة التي تُسجل هنا، فهي أن إذاعة «مكان» الإسرائيلية التي تبث باللغة العربية، تنقل بشكل يومي أخبار المجازر الإسرائيلية، والأرقام التي توثّقها وزارة الصحة، بخصوص الشهداء والجرحى ونسبة الأطفال والنساء من بينهم.