تشير الأنباء الأولية الواردة من عواصم النقاش حول الورقة الأميركية – الإسرائيلية لاتفاق في غزة، إلى احتمالية عالية لوجود «فخ» يُنصب للمقاومة. والواضح، حتى الآن، أن الجانب الأميركي يتعهّد، بموجب ضمانة شفهية، بأن الاتفاق المعروض من قبل إسرائيل «سيقود حتماً إلى وقف الحرب». وهو موقف لفظي فقط، خصوصاً أن النصوص التي جرى تبادلها بين الوسطاء والفصائل الفلسطينية، لا تتضمّن كلاماً حاسماً وواضحاً حول بندَي وقف الحرب والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من القطاع. ودفع ذلك بجهات فلسطينية رفيعة إلى القول لـ«الأخبار»، إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، «مهتمٌّ شخصياً بإنجاز اتفاق هدنة طويلة نسبياً، بهدف استعماله في حملته الانتخابية، وإسكات الأصوات المعترضة في الشارع، وكذلك التخلّص من ملاحظات مسؤولين في حملته الانتخابية يحذّرون من انعكاسات سلبية كبيرة على الحملة في حالة استمرار الحرب».وبحسب المصادر، فإن «الورقة الفعلية التي سلّمها الوسطاء، تشتمل على طلبات العدو بتحقيق هدنة في مرحلة أولى تستمرّ لستة أسابيع، على أن يجري خلالها إطلاق سراح جميع الأسرى المدنيين الأحياء لدى المقاومة، والشروع في تنفيذ المرحلة الثانية التي تقضي بإطلاق سراح الجنود وبقية الأسرى، بما في ذلك جثث الجنود»، لكنّ الورقة لا تشير صراحة وبشكل واضح، إلى وقف تام ودائم لإطلاق النار، بل تتحدّث عن «مفاوضات يجب أن تحصل بين المعنيّين بهدف التوصّل إلى ترتيبات تضمن الوقف الدائم لإطلاق النار». كما تربط الورقة الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال بالتوصل «إلى ترتيبات المرحلة التالية»، حيث تطالب إسرائيل بضمانات عملانية لعدم بقاء الجناح المسلّح لـ«حماس» في غزة.
وأضافت المصادر أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً كبيرة على الوسيطين المصري والقطري، وتطلب منهما ممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني، وهو ما يمثّل جوهر الاتصالات التي جرت مع قيادة «حماس» في الدوحة، أمس، بعدما رفضت الأخيرة إيفاد ممثّلين عنها إلى القاهرة. وكذلك هو فحوى الاتصالات الجارية في الوقت نفسه مع قيادتَي «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في مصر. ويبدو أن الأميركيين يتّكلون على مصر وقطر، لإقناع المقاومة بالسير بالاتفاق، وضمان المرحلة الأولى، على أن يكون هناك «وعد أميركي»، بأن «تمارس الإدارة الأميركية الضغط اللازم لضمان عدم عودة إسرائيل إلى الحرب». كما يبدو أن الأميركيين يراهنون على مُغريات من قبيل توسيع حملة الإغاثة الإنسانية في القطاع، علماً أنه تقرّر أن يعاود الرصيف العائم الأميركي العمل يوم السبت المقبل، لنقل كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى كل مناطق غزة، على أن يتمّ توزيع ما هو موجود اليوم في منطقة العريش المصرية، أو ما يُنقل من قبرص، بإدارة وإشراف الأميركيين.
المقترح الذي تسلّمته المقاومة لا يشير صراحة وبشكل واضح، إلى وقف تام ودائم لإطلاق النار


وكانت الدوحة، استضافت أمس، اجتماعات بين رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير المخابرات المصرية عباس كامل، ومدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، بهدف التوافق على الإطار الذي سيأتي الطرفان، أي العدو والمقاومة، على أساسه، إلى طاولة المفاوضات. وتوجّه، بعد تلك الاجتماعات، كل من آل ثاني وكامل للقاء قيادة حركة «حماس». وبحسب مصادر «الأخبار»، فقد قدّم الوسيطان للحركة ورقة المقترح، وقالا إنهما يهتمّان بمعالجة «المطالب المُسبقة»، التي وضعتها كل من «حماس» وإسرائيل، وضمان الانتهاء منها قبل دخول الاتفاق حيّز التنفيذ. والحديث هنا يدور، بشكل أساسي، حول مسألتَي «التعهّد والالتزام بإنهاء الحرب»، وفق ما تطالب به المقاومة، و«ضمان حقّ إسرائيل في استئناف القتال»، بحسب ما تدعو إليه إسرائيل.
وعلى المقلب الإسرائيلي، نقلت قناة «كان» الرسمية أن «مجلس الحرب قرّر أن أيّ وفد إسرائيلي، لن يذهب إلى الدوحة، إلا بعد أن تردَّ حماس على الاقتراح»، فيما أشارت مصادر مطّلعة إلى أن هذا الرد «ممكن إعلانه خلال الأيام القليلة المقبلة». لكن هذه المصادر أوضحت أن «حماس وجدت في نسخة المقترح التي تسلّمتها عدة فوارق أساسية عن ما كان قد أعلنه بايدن في خطابه الأسبوع الماضي، وهو ما يحتاج إلى نقاش معمّق واستيضاحات قبل الردّ عليه». ومن جهتها، أشارت مصادر مصرية مشاركة في المفاوضات، إلى أنه «إذا وصل ردّ حماس الرسمي في وقت قريب، فيمكن حينها أن ينضمّ وفد إسرائيلي إلى المفاوضات»، علماً أن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، جدّد القول، أمس، إن المقاومة «ستتعامل بإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف شامل للعدوان في غزة، والانسحاب الكامل وتبادل الأسرى».
وإلى القاهرة، كان قد وصل، أول من أمس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، في زيارة ناقش فيها مع المصريين، بشكل أساسي، مسألة إدارة قطاع غزة بعد الحرب. وفي موازاة ذلك، تفيد المصادر المصرية بأن «الاتصالات التي تجريها القاهرة مع السلطة الفلسطينية في رام الله، عن طريق رئيس الحكومة محمد مصطفى، تتقدّم نحو الوصول إلى اتفاق على صيغة متكاملة بشأن تولّي السلطة إدارة معبر رفح، شريطة انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خارج المعبر»، فيما لا يزال موقف حركة «حماس» هو أنه لا حديث في مصير المعبر، قبل انسحاب العدو منه بشكل كامل، وعودة الفريق الذي كان يشغّله قبل الحرب، إليه.



بن غفير «يحرد» ويجمّد دعمه للحكومة
أعلن حزب «عوتسما يهوديت» (القوة اليهودية)، بقيادة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرّف، إيتمار بن غفير، أنه «في ضوء حقيقة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يُخفي مسوّدة الاتفاق مع حماس، والتي تشمل بنداً حول إنهاء الحرب»، فإن «عوتسما يهوديت» «لن يصوّت إلى جانب الائتلاف (الداعم للحكومة)، في الكنيست، وسيصوّت بحسب ضميره، حتى يتوقّف نتنياهو عن إخفاء مسوّدة المقترح الإسرائيلي للصفقة». ونقل موقع «واينت» العبري، عن مسؤولين في حزب بن غفير، قولهم إن «نتنياهو تهرّب من عرض المقترح على بن غفير، على الرغم من تعهّده بإطلاعه عليه سابقاً».