بغداد | تشهد بغداد، منذ أكثر من أسبوع، انتشاراً أمنياً مكثّفاً، وذلك على خلفية استمرار الهجمات التي طاولت مطاعم وشركات تحمل أسماء علامات تجارية أميركية، بداعي أنها تدعم إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة، فيما كشفت مصادر أنّ المجاميع التي تقوم بالهجمات تنتمي إلى فصيل مسلح عراقي يسمى «ربع الله»، يعمل من أجل مقاطعة تلك العلامات. وتهاجم مجاميع مجهولة، منذ منتصف الشهر الماضي، مطاعم وشركات أميركية، بعبوات صوتية محلية الصنع، وتقوم بتكسير محتوياتها، ومنها مطاعم «KFC»، و«جلي هاوس ليز»، و«معهد كامبرج»، وشركة «كتربلر» وغيرها. وخلال هجوم على مطعم «KFC» في شارع فلسطين في قلب بغداد، قبل يومين، قامت القوات الأمنية بتفريق المحتجين عبر إطلاق النار في الهواء، بعد مهاجمتهم المطعم وتكسيره.وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت إلقاء القبض على متّهمين بمهاجمة المطاعم في بغداد بموجب المادة الرابعة من «قانون مكافحة الإرهاب»، مبينة أن «بعض المتّهمين ينتمون إلى جهاز أمني، وشاركوا في الأعمال التخريبية بحجّة استهداف المصالح الأميركية». وقالت، في بيان، إنه «جرى إلقاء القبض على عدد من المتهمين الذين اعترفوا خلال التحقيق معهم بقيامهم، بالاشتراك مع مجموعة من المتهمين الهاربين، بأعمال تخريب»، مشيرة إلى أن «مذكّرات قبض قضائية صدرت بحق متهمين، وستتم متابعة باقي المطلوبين من قبل أجهزة وزارة الداخلية وباقي الأجهزة الأمنية الأخرى». وجاء ذلك في وقت نشرت فيه منصّات على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثّق قيام أشخاص، يستقلّون عجلات ودراجات نارية، بالهجوم، وترديدهم شعارات تدين حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وفي هذا السياق، يكشف مصدر ينتمي إلى أحد الفصائل المسلحة، أنّ «الهجمات يقف وراءها فصيل مسلح واحد، لخلق نوع من التصعيد احتجاجاً على ما يجري في غزة»، مبيناً، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ جماعة تطلق على نفسها اسم «ربع الله» هي من تنفّذ تلك الهجمات، رغم عدم إعلانها عن تبنيها، «ولكنها قامت بذلك لسببين: الأول مناصرة غزة، والثاني إحراج الحكومة العراقية حتى تضغط لإخراج القوات الأميركية من البلاد». ويضيف المصدر أن «الغضب من قبل الشباب على وجود علامات تجارية تدعم الكيان الصهيوني هو أمر محقّ، ولكن هذه الطريقة قد تعرّض سمعة الفصائل المسلحة جميعاً للتشويه وبالتالي تضعفها». ويتابع أنّ «هناك توجيهات صدرت إلى كلّ من ينتسب إلى الفصائل والحشد الشعبي بعدم الانجرار وراء مثل هذه التصرفات، كون ذلك ينافي التاريخ الجهادي للمقاومة».
«الحشد» ينفي صلته بالهجمات، ويدعو إلى مقاطعة المنتجات الأميركية


بدوره، يقول ضابط رفيع في وزارة الداخلية العراقية، لـ«الأخبار»، إن وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، «طلب عدم الاصطدام مع المهاجمين للمطاعم والشركات الأميركية، وقال إن دورنا يقتصر فقط على حماية تلك المنشآت من أي خطر»، لافتاً إلى أن «الانتشار الأمني جاء بناء على معلومات استخبارية تفيد بوجود عمليات تخريب أكبر خلال الأيام المقبلة».
ويوضح الضابط أنّ «القوات الأمنية اعتقلت عدداً من المشاركين في الهجمات، وبعد الاعترافات تبين أن عدداً منهم كان ينتمي إلى "الحشد الشعبي"، وهذا ما تأكدنا منه بعد التدقيق في الهويات التي يحملونها وهي تابعة لفصيل مسلح». ويضيف أنّ «هؤلاء المعتقلين سيعامَلون وفقاً للمواد القانونية، وهناك متابعة شخصية من وزير الداخلية».
وفي المقابل، ينفي القيادي في «الحشد الشعبي»، علي حسين، صلة الحشد بهذه الهجمات، ويقول، لـ«الأخبار»، إنه «لا علاقة لنا بها»، لافتاً إلى أنّ «الحشد جهاز أمني يأخذ توجيهاته من القائد العام للقوات المسلحة». ويضيف أنّ «موقف الحشد الشعبي واضح تجاه الأميركيين والكيان الصهيوني، ورافض لوجود قوات للولايات المتحدة، ولكنّه لا ينجرّ وراء أي فتنة تريد المساس به»، معتبراً في الوقت نفسه أنّ «مقاطعة المنتجات الأميركية واجب وطني». ويؤكد حسين أنّ «هناك فصائل مسلّحة ليست لها علاقة بعملنا ومهماتنا، ولهذا يجب الفصل»، داعياً القوات الأمنية إلى حفظ الأمن وإبعاد الفتنة.