صنعاء | بعد إعلان بنك عدن المركزي، التابع للحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، عدداً من الإجراءات القاسية ضد البنوك العاملة في صنعاء، ووقف التعامل بالعملة المطبوعة قبل الحرب والمتداولة في مناطق سيطرة «حكومة الإنقاذ»، وصف قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، الضغوط الاقتصادية المتزايدة منذ أيام بـ«الخطوات العدوانية» التي تقودها واشنطن، على خلفية الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مؤكداً، في خطابه الأسبوعي، أن «هذه الضغوط التي لن تثني الشعب اليمني وقواته البحرية عن الاستمرار في الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني». وحذّر «السعودية من الوقوع في الفخ الأميركي خدمة للعدوّ الاسرائيلي»، منبّهاً إلى أن «استهداف البنوك في صنعاء عدوان كامل الأركان، ستكون له تداعيات كبيرة على من سيشارك فيه». كما نصح الرياض «بعدم إقحام نفسها في الضغوط الاقتصادية على صنعاء عن طريق أدواتها في الداخل»، مهدّداً بأن تلك الضغوط سوف تقابل بالمزيد من التصعيد العملياتي البحري، كمّاً وكيفاً، خلال الفترة المقبلة. وأشار الحوثي إلى أن القوات البحرية نفذت، خلال أسبوع، 12 عملية ضد 12 سفينة مرتبطة بالكيان الإسرائيلي، ومخالفة لقرار الحظر اليمني في البحر المتوسط، استخدمت فيها 27 صاروخاً باليستياً ومجنّحاً وطائرة مسيّرة.وفي إطار التصعيد الاقتصادي المرتبط بعمليات القوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر المتوسط، أعلن بنك عدن المركزي، أمس، سلسلة إجراءات عقابية ضد البنوك التجارية والإسلامية العاملة في صنعاء، بعد رفضها قرارات سابقة صادرة عنه استند فيها إلى قرار التصنيف الأميركي ضد حركة «أنصار الله»، في منتصف شباط الماضي. وطاولت تلك القرارات خمسة من كبار البنوك التجارية والإسلامية التي كانت قد رفضت نقل مقارّها الرئيسة من مناطق سيطرة «حكومة الإنقاذ». كما ألقى «مركزي عدن» بآخر أوراقة الاقتصادية من خلال إعلانه وقف التعامل الكلي بالعملة القانونية التي طبعت قبل العدوان والحصار، والتي تُستخدم في مناطق سيطرة صنعاء بسعر صرف يبلغ 530 ريالاً للدولار، مقابل الإبقاء على التعامل بالعملة المتداولة في بقية المناطق، والمطبوعة بعد نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن أواخر عام 2016، والتي تدهور سعرها أخيراً ليبلغ قرابة 1780 ريالاً للدولار الواحد.
القرار الجديدأثار موجة سخط في الأوساط المصرفية في عدن


وأثارت القرارات الجديدة موجة سخط في الأوساط المصرفية في عدن، واعتبرها مراقبون غير مدروسة، محذّرين من أنها ستضاعف التعامل بالدولار الأميركي والريال السعودي، وستحول دون تدفّق الحوالات المالية الداخلية بين المحافظات الجنوبية والشمالية بالعملة المحلية. وأكد اقتصاديون، لـ«الأخبار»، أن القرار الخاص بتجميد التعامل بالعملة المطبوعة قبل الحرب، سيعقّد عملية التجارة الداخلية، وهو بمثابة إعلان انفصال مالي ستكون له تداعيات كارثية على القطاع التجاري وعلى شريحة واسعة من العمال وأصحاب المحال التجارية.
وقد رأى مصدر في حكومة صنعاء، بدوره، في حديث إلى «الأخبار»، أن التصعيد الاقتصادي الأخير يأتي بإيعاز أميركي وتواطؤ سعودي، كون الرياض هي صاحبة التأثير الأول على «مركزي عدن».
وكان «مركزي عدن» قد أعلن، قبل يومين، فرض قيود على الحوالات المالية الأجنبية، في محاولة منه لوقف وصول أيّ حوالات بالعملات الأجنبية إلى مناطق سيطرة صنعاء. ويسعى البنك، من خلال هذه الخطوة، إلى السيطرة على كلّ التحويلات المالية الخارجية والتي تصل سنوياً إلى أكثر من 4.3 مليارات دولار، وتعدّ أحد أهم مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة في الظرف الحالي، وذلك في مسعى منه للإضرار بالوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة «حكومة الإنقاذ»، وإنهاء ما تبقى من هامش في الاستقرار النقدي والاقتصادي. واعتبر مراقبون استهداف تلك التحويلات بمثابة إعلان حرب، بالنظر إلى أن أموال المغتربين لا علاقة لها بالصراع، فضلاً عن أنها تدخل في خانة الممتلكات الفردية للعاملين في دول الخليج، وتعدّ مصدر الدخل الرئيس لنحو 40% من الأسر اليمنية.
من جهتها، تقول مصادر اقتصادية في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن هذه الإجراءات التي حظيت بمباركة السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، خلال اتصال هاتفي أجراه، أول من أمس، مع رئيس الحكومة الموالية لـ»التحالف»، أحمد بن مبارك، ستزيد الأمر تعقيداً بين صنعاء والرياض خلال الأيام القادمة. كما علمت «الأخبار»، من مصادر مقربة من «مركزي عدن»، أن قرار البنك وقف التحويلات الخارجية الواردة إلى مناطق سيطرة صنعاء، جاء بالتنسيق مع الرياض، علماً أن هذا القرار سيتسبّب بمضاعفات إنسانية كبيرة، وخاصة أنه يستهدف التحويلات التي تندرج في إطار الرعايات الاجتماعية الشهرية.
وفي ردّه على تلك الضغوط الاقتصادية، توعّد البنك المركزي في صنعاء بـ»إفشال المؤامرة الجديدة كما أفشل مؤامرات اقتصادية أخرى أثناء مرحلة الحرب». ‏ورأى، في بيان صادر عنه، نقلته وكالة «سبأ» (نسخة صنعاء)، أن هذا التصعيد يستهدف الاقتصاد اليمني واليمنيين في أنحاء البلاد كافةً، مشيراً إلى أن «آثاره ستضرّ أبناء الشعب اليمني في المناطق المحتلة بشكل أكبر، إلا أن البنك المركزي في صنعاء سيعمل بكلّ الطرق لمنع ذلك»، محمّلاً «النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن أيّ تداعيات، كونه صاحب القرار الذي يستخدم المرتزقة أداةً لتنفيذ المؤامرات».