لم تكد ساعات قليلة تمرّ على التحذيرات الإسرائيلية من اتّساع قدرة المقاومين الفلسطينيين على استهداف معسكرات الاحتلال ومستوطناته في شمال الضفة الغربية، مع ما بات ذلك يمثّله من «كابوس» بالنسبة إلى المستوطنين وقادتهم الذين يخشون تكرار عملية «طوفان الأقصى»، حتى وقعت عملية دهس على حاجز «عورتا» العسكري بالقرب من مستوطنة «إيتمار» المقامة على أراضي قرية عورتا جنوب شرق مدينة نابلس، أسفرت عن مقتل جنديين إسرائيليين، بحسب ما أقرّ به العدو. واللافت في العملية الفدائية، التي وقعت مساء أول من أمس، حدوثها على حاجز «عورتا» الذي ترغم قوات الاحتلال، الفلسطينيين الراغبين في التوجه إلى شمال الضفة، على سلوكه، بدلاً من الطرق الحديثة التي يسلكها المستوطنون، حفاظاً على هؤلاء من «خطر» حدوث عمليات فدائية. وبحسب «التحقيق الأولي» لجيش الاحتلال، والذي أوردت نتائجه صحيفة «هآرتس»، نقلاَ عن مصدر أمني، فإن الجنديين اللذين قتلا «تعرّضا للدهس أثناء تفتيش سيارة أخرى، فيما لم يكن لدى القوات التي كانت موجودة في المكان وقتها الوقت الكافي للرد على المنفذ». وتضاربت الأنباء حول مصير منفّذ العملية؛ فبينما نقلت الصحيفة نفسها، عن مصادر أمنية زعمها أنه «سلّم نفسه» للسلطة الفلسطينية، ادّعت مواقع إخبارية محلية أن العملية عبارة عن «حادث سير»، وأن «السائق هو من قام بتسليم نفسه»، خلافاً لما توالى من أحاديث حول اعتقاله من قبل أجهزة أمن السلطة نفسها وتسليمه إلى الاحتلال، وخلافاً لرواية وسائل إعلام العدو والتي أشارت إلى أن «المنفذ هاجم جنود الجيش بمركبته وأسقط اثنين منهم، ثم عاود الرجوع عليهما عند الحاجز». وفي وقت لاحق، استولت قوات الاحتلال على مركبة من محيط مخيم بلاطة، زعمت أنها استخدمت في العملية، فيما طالب رئيس «مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية»، يوسي دغان، الجيش الإسرائيلي، بإغلاق الحواجز الأمنية في منطقة العملية.
من جهتها، وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، العملية، بـ«الصعبة»، لافتة إلى أنها «تذكير مؤلم بساحة قتال أخرى نشطة، إلى جانب غزة والحدود الشمالية»، ومستدركة بأنه «حتى السادس من أكتوبر، كانت ساحة الضفة الغربية الساحة الأكثر اشتعالاً». وشدد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بدوره، على «ضرورة» مواصلة السيطرة على الضفة باعتبارها «الحزام الأمني للمستوطنات على خط التماس»، قائلاً إن «إسرائيل يجب أن تخرج إلى حرب دفاعية في الضفة الغربية، وكل من يتحدث عن إقامة دولة فلسطينية يهدر دم المستوطنين ويعرّض وجود الدولة للخطر». بالتوازي مع ذلك، ذكرت «القناة السابعة» أن جيش الاحتلال أعلن توزيع مزيد من الأسلحة على المستوطنين في الضفة الغربية، علماً أن 250 ألف إسرائيلي كانوا قد تقدّموا بطلبات من أجل الحصول على رخص حمل السلاح بعد عملية «طوفان الأقصى»، وفقاً لأرقام «لجنة الأمن الوطني».
شنت قوات الاحتلال عدة اقتحامات، ليل الأربعاء - الخميس، تخلّلتها مواجهات واشتباكات وإلقاء عبوات ناسفة


وفي أعقاب العملية الفدائية، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية في اتجاه المنطقة الشرقية من مدينة نابلس، والتي اقتحمتها من حاجز «بيت فوريك» العسكري، وحاصرت منطقة «قبر يوسف» بالقرب من مخيم بلاطة، وحي «الضاحية»، لتأمين اقتحام المستوطنين للمنطقة. وفي وقت لاحق، اقتحم جيش العدو المدينة برفقة حافلات تقلّ المستوطنين، من حاجز «عورتا» وصولاً إلى «قبر يوسف». غير أن الاقتحام الذي وصفته قناة «كان» بـ«أضخم اجتياح منذ بداية الحرب»، تصدّى المقاومون له وسط اشتباكات دارت لساعات، بينما شنّت طائرة مسيّرة إسرائيلية غارتين على أحد المواقع عند مدخل مخيم بلاطة شرق نابلس.
أيضاً، اقتحمت قوات الاحتلال عدة أحياء في مدينتَي رام الله والبيرة، فجر أمس، حيث داهمت شركة صرافة في محيط دوار المنارة وسط رام الله، ودققت في سجلاتها المالية وتسجيلات كاميرات المراقبة، وعاثت خراباً في المكان. كما أطلقت قنابل الصوت والغاز السام والعبوات الحارقة في اتجاه سوق الخضر المركزي (الحسبة) ومجمع البيرة التجاري (المالكي)، ما تسبب باحتراق ما لا يقل عن 200 محل تجاري وبسطة، بعدما أتت النيران على ما تحتويه من بضائع وخضروات وفواكه. ومساء، استشهد المواطن وجيه الرمجي متأثراً بإصابة خلال اقتحام مدينة البيرة.
وعلى خط مواز، شنت قوات الاحتلال عدة اقتحامات، ليل الأربعاء - الخميس، تخللتها مواجهات واشتباكات وإلقاء عبوات ناسفة، ولا سيما في طوباس ومدينة جنين ومخيمها. وإذ ظل اقتحام جنين متواصلاً حتى مساء أمس، فقد أسفر عن إصابة ما لا يقلّ عن ستة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال. فبعدما اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية المخيم، وحاصرت حي الزهرة ومستشفى «ابن سينا»، المتاخمين للمخيم، دفعت بتعزيزات، ونشرت القناصة في وادي برقين غرب جنين وسط اشتباكات مع مقاومين فلسطينيين. ومساء أمس، عرضت «سرايا القدس - كتيبة طوباس» مشاهد من تفجير عبوة أعدّت مسبقاً في نقطة تدريب لقوات الاحتلال وتحقيق إصابات مباشرة في صفوف العدو، ومشاهد من تصدّي المقاومين لقوات الاحتلال التي اقتحمت مدينة طوباس. أما مدينة طولكرم، فاقتحمها جيش العدو وداهم عدة أحياء فيها، وحاصر مستشفى «الشهيد ثابت ثابت الحكومي»، كما داهم منزل المعتقل محمد شحرور في الحي الشرقي، وفتشه وعبث بمحتوياته، قبل أن يأخذ قياسات المنزل تمهيداً لهدمه. وفي الخليل، اقتحمت قوات الاحتلال، فجراً، بلدة بيت أمر (جنوب)، ومخيم العروب (شمال)، وأجرت في الأخير عمليات تمشيط بعشرات الجنود المشاة، ودهمت منازل المواطنين، وسط اندلاع مواجهات. وفي القدس، اقتحم عشرات المستوطنين، أمس، باحات المسجد الأقصى المبارك، بحماية قوات الاحتلال، حيث نفذوا جولات استفزازية، وأدّوا طقوساً تلمودية. وفي جنوب بيت لحم، هاجم مستوطنون سيارات الفلسطينيين قرب دوار مستوطنة إفرات، ورشقوها بالحجارة، كما أغلقوا الشارع ومنعوا تنقلات المركبات. كذلك اقتحمت قوات الاحتلال قرية حوسان غرب بيت لحم، ما أدى إلى اندلاع مواجهات.