في المقابل، نجحت فصائل المقاومة في جنين، في تفجير العديد من العبوات الناسفة بالآليات العسكرية الإسرائيلية، إذ توالت البيانات العسكرية الصادرة عن كتائب «جنين» و«القسام» و«شهداء الأقصى»، والتي أكدت خوض مقاتليها اشتباكات عنيفة على أكثر من محور، وخاصة في مناطق جبل أبو ضهير والنادي وحارة الدمج، وتفجيرهم عبوات ناسفة بجرافات والاحتلال وآلياته، بعدما سُمعت في المدينة أصوات انفجارات كبيرة، ورصدت عدسات المصوّرين تضرّر العديد من الآليات العسكرية وإعطابها، وهو ما اعترفت به وسائل إعلام عبرية. وفي هذا الإطار، رجّحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن تستمرّ العملية «لعدة أيام قادمة»، مشيرة إلى أنها مرتبطة بواقعة اغتيال إسلام خمايسة، أحد قادة «كتيبة جنين»، مساء السبت، بقصف جوي، كونه مسؤولاً مع الشهيد بركات، عن تنفيذ عملية «حرميش» التي قُتل فيها مستوطن. وبحسب الصحيفة، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أدركت، بعد اغتيال خمايسة، أن «هناك تنظيماً واسعاً»، «وبنية تحتية إرهابية في المخيم يجب الخروج ضدّها في عملية عسكرية يشارك فيها مئات الجنود الإسرائيليين من الجيش وحرس الحدود، والوحدات الخاصة، بغطاء جوي». وأشارت «القناة 14»، بدورها، إلى أن العملية «ستستمر خلال الساعات وربما الأيام القليلة المقبلة»، فيما أعلن جيش الاحتلال، أن «أكثر من 1000 جندي يشاركون» فيها، مضيفاً أن قواته «تخوض اشتباكات مع مسلحين في جنين وقضت على عدد منهم».
نجحت فصائل المقاومة في جنين، في تفجير العديد من العبوات الناسفة بالآليات العسكرية الإسرائيلية
والجدير ذكره، هنا، أن جنين استطاعت إدامة الاشتباك مع الاحتلال، ونقل نموذجها المقاوم إلى مناطق أخرى، حتى بات شمال الضفة الغربية في مواجهة مسلحة يومية، يتخلّلها استهداف متواصل لحواجز جيش العدو ومعسكراته، فضلاً عن توجيه ضربات قاسية إلى قواته. وعلى رغم كل الخسائر التي تكبّدتها المقاومة في جنين، فهي نجحت في ترميم نفسها واستعادة قوّتها وتطوير إمكاناتها ميدانياً وتكتيكياً وعسكرياً، وتحديداً في مجال تصنيع العبوات الناسفة والألغام، فضلاً عن اتسام عملياتها بالجرأة على غرار ما جرى في «حرميش».
ويربط الفلسطينيون بين بدء العملية العسكرية في جنين، وتوسيع الهجوم على مدينة رفح جنوبي غزة، ويخشون أن يرتكب الاحتلال مجزرة كبيرة في جنين، بدأت ترتسم ملامحها منذ اللحظات الأولى للاقتحام، فيما ينشغل العالم بمتابعة ما يجري في القطاع، وتبعات إعلان المدّعي العام في «المحكمة الجنائية الدولية»، كريم خان، تقديمه طلباً إلى المحكمة لإصدار مذكّرات توقيف دولية بحق قادة الاحتلال، على خلفية الحرب هناك.
وسبقت العدوان على جنين، اقتحامات واسعة لمدن ومخيّمات عدّة في الضفة الغربية، كان أبرزها في مدينة طوباس، التي شهدت اشتباكات مسلّحة عنيفة، نجح المقاومون خلالها في تفجير سيارة مفخّخة في جرافة عسكرية، في عملية استثنائية وصلت إلى مسامع المواطنين. وفي هذا الجانب، سلّطت وسائل الإعلام العبرية الضوء على تطوّر صناعة القنابل الناسفة والمتفجّرات في الضفة الغربية. وقال الصحافي الإسرائيلي، دورن كادوش، تعقيباً على عملية طوباس، إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشعر بالقلق إزاء ظاهرة العبوات الشديدة الانفجار التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة، لافتاً إلى أنها «باتت تواجه عبوات ذات نوعية عالية، ستشكّل خطراً على القوات الإسرائيلية».