بدأت في إسرائيل، أمس، مشاورات طارئة عقب إعلان المدّعي العام في «المحكمة الجنائية الدوليّة»، كريم خان، تقديمه طلباً إلى المحكمة لإصدار مذكّرات توقيف دوليّة ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم تشمل «التجويع» و«القتل العمد» و«الإبادة و/أو القتل»، وأخرى مماثلة ضد رئيس حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، وقائد «كتائب القسام»، محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، بزعم ارتكابهم «جرائم حرب» و«جرائم ضدّ الإنسانية» خلال هجوم السابع من أكتوبر. ووصف نتنياهو القرار بـ«الفضيحة»، معلناً، في اجتماع كتلة «الليكود»، أن ذلك «لن يوقفني أو يوقفكم (عن استكمال الحرب)». كما اعتبر، في تصريح لاحق، أن «الأمر السخيف والكاذب الذي أصدره المدعي العام للجنائية الدولية ليس موجّهاً ضدّي فحسب بل ضدّ دولة إسرائيل». وتوجّه إلى المدّعي العام في لاهاي، قائلاً: «بأيّ جرأة تجرؤ على مقارنة وحوش حماس بجنود الجيش؟ هذا هو بالضبط ما تبدو عليه معاداة السامية الجديدة، فقد انتقلت من الجامعات في الغرب، إلى المحكمة في لاهاي. يا للعار». أيضاً، بدأ نتنياهو جمع تواقيع من أعضاء «الكنيست» على عريضة ضدّ قرارات المحكمة، فيما أفاد موقع «واللا» بأنه تمكّن من الحصول على 106 إمضاءات من الأعضاء حتى الآن.وندّد وزير «مجلس الحرب»، بيني غانتس، بدوره، بالإعلان، زاعماً أن «إسرائيل شنّت الحرب الأكثر عدالة بعد المجزرة التي نفّذتها منظمة إرهابية (...) ووضع قادة دولة خرجت إلى معركة دفاعية عن مواطنيها في صفّ واحد مع إرهابيين متعطّشين للدماء، هو عمىً أخلاقي». وانسحب التنديد كذلك على المعارضة، التي قال رئيسها، يائير لبيد، خلال اجتماع كتلة حزبه «هناك مستقبل» في «الكنيست»، إن قرار خان «كارثة سياسية وأخلاقية»، معتبراً أنه «لا يُعقل أن يتمّ إصدار مذكّرات اعتقال ضد نتنياهو والسنوار وهنية ومحمد الضيف بعد أن ذبحونا وأولادنا في 7 أكتوبر»، مضيفاً أن «هذا أمر لا يُغتفر؛ نحن نخوض حرباً عادلة، وليكن واضحاً أننا لن نمر على هذا بهدوء. وينبغي القول إن هذا فشل سياسي رهيب، فقد قمنا بشن الحرب فيما العالم كله يدعمنا. وندعو الأميركيين من هنا، وأتوقّع من الإدارة أن تدعمنا وأن يجتمع الكونغرس ويستنكر مذكّرات الاعتقال». أمّا رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، فوصف المحكمة بـ«المعادية»، معتبراً أن «الجميع ضدّنا»، ولكنه بدا شامتاً، إذ قال: «ينبغي علينا مواجهة ذلك، لكن يجب تذكير الزملاء في الائتلاف أن مواجهة أمر كهذا من دون الأميركيين، تكاد تكون مستحيلة».
ندّدت «حماس» بطلب المدّعي العام لـ«الجنائية الدولية» إصدار أوامر اعتقال بحق ثلاثة من قادتها

وعلى مقلب اليمين الفاشي، هاجم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، المحكمة، ورأى أن «مثل هذا العرض المنافق والكاره لليهود الذي قدّمته المحكمة لم نرَ مثيلاً له منذ البروباغندا النازيّة. إن كارهي إسرائيل يجيئون ويذهبون، ونصر إسرائيل لا يتزحزح (لأنه وعد إلهي). إن مذكّرات التوقيف هي المسمار الأخير في نعش المحكمة السياسية المعادية للسامية».
من جهتها، ندّدت الإدارة الأميركية بإعلان «المحكمة الجنائية الدولية»؛ وأعلن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، رفض بلاده القرار، معتبراً أن هذا الأخير «قد يقوّض جهود التوصل إلى اتفاق تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة»، مضيفاً أن «مساواة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بين إسرائيل وحماس أمر مخز». كذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن «البيت الأبيض»، قوله إن «(الرئيس الأميركي جو) بايدن يقول إنه لا يمكن أبداً المساواة بين إسرائيل وحماس أمام الجنائية الدولية (...) ويصف طلب إصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال بأنه شائن». وفي السياق نفسه، أعلن عدد من أعضاء «الكونغرس» من «الحزب الجمهوري»، عزمهم طرح قانون يفرض عقوبات على كبار شخصيات المحكمة.
وفي المقابل، ندّدت حركة «حماس» بطلب المدّعي العام لـ«الجنائية الدولية» إصدار أوامر اعتقال بحق ثلاثة من قادتها، وتقدّمت بطلب إلى المحكمة لإلغاء المذكّرات. وأشارت الحركة، في بيان، إلى أن طلب إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه «تأخّر سبعة أشهر». وفي حالة صدور المذكّرات، سيصبح نتنياهو وغالانت، وقادة «حماس» كذلك، في خانة الزعماء الذين تتهمهم المحكمة بارتكاب جرائم حرب، ومنهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس السوداني السابق، عمر البشير. ويمكن للمذكّرات أن تمنع نتنياهو وغالانت من السفر إلى عدد من الدول الأعضاء في المحكمة (بما فيها جميع الدول الأوروبية تقريباً)، ولكن طالما هما في منصبيهما، فإن الحصانة الدبلوماسية تنطبق عليهما. كما يمكن أن تؤثّر قرارات المحكمة على عمليات تصدير السلاح إلى الكيان.



سوليفان يغطّي عملية رفح
مع انتهاء زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، لإسرائيل، أمس، أفادت «القناة 14» الإسرائيلية بأن تقييم كبار المسؤولين الذين التقاهم المسؤول الأميركي، هو أن «الولايات المتحدة ستدعم العملية في رفح وسترفع حظر الأسلحة، حتى لو لم يكن ذلك علنياً»، ولكن «من الممكن أن يطلب الأميركيون عدم استخدام أسلحة معيّنة». وكان سوليفان التقى وزير الأمن، يوآف غالانت، الذي أعلمه بضرورة توسيع العملية في رفح، خلال الفترة المقبلة. ومن جهته، نقل موقع «واللا» عن مصادر أميركية حديثاً عن «انفراجة كبيرة على طريق التطبيع بين إسرائيل والسعودية»، فيما أعلن «البيت الأبيض»، أمس، أن «سوليفان أثار مخاوف بشأن عملية محتملة كبيرة في رفح»، مشدّداً على أن «العمليات العسكرية الإسرائيلية تتطلّب خطة سياسية للمساعدة في ضمان الهزيمة الدائمة لحماس».