ترفض مصر، التي استضافت الجولة الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، الإعلان رسمياً عن انهيار المفاوضات. لكن، ما عداها والقطريين، فإن الأطراف الثلاثة الباقية، أي المقاومة وإسرائيل والولايات المتحدة، أعلنت - بشكل أو بآخر - انتهاء المفاوضات، ما يعني انهيارها، على الأقل خلال هذه الأيام. وعليه، صادق «كابينت الحرب» على توسيع محدود للعملية العسكرية البرية الجارية في رفح، في جلسة مساء الأول من أمس، الأمر الذي أنبأ بأن إسرائيل ليست معنية بالتفاوض حالياً. وعلى رغم أن الوزراء أنفسهم صادقوا على تجديد التفويض الممنوح للوفد المفاوض، إلا أن هذا التجديد يُعدّ لزوم ما لا يلزم تفاوضياً، بل هو لزوم مراعاة الجمهور الإسرائيلي المتأثّر بحراك عائلات الأسرى، ولكي لا تظهر الحكومة في حالة متقدّمة من اللامبالاة حيال حياة هؤلاء، كما ظهرت حتى الآن بالفعل.أما المقاومة، التي أنهت فعلياً، بمغادرة وفدها القاهرة أول من أمس، جولة المفاوضات لتغادر بعدها الوفود الأخرى، فقد أعلنت صراحة، في بيان أمس، أن «قيادة الحركة ستجري مشاورات مع قيادات الفصائل (...) من أجل إعادة النظر في استراتيجيتها التفاوضية، في ضوء سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورفضه ورقة الوسطاء، والهجوم على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة واحتلال معبر رفح». وأكّدت الحركة، أن «رفض إسرائيل مقترح الوسطاء من خلال ما وضعته من تعديلات عليه أعاد الأمور إلى المربع الأول». وتابعت: «إن هجوم جيش العدو على رفح واحتلال المعبر مباشرة بعد إعلان حماس موافقتها على مقترح الوسطاء، يؤكدان أن الاحتلال يتهرب من التوصل إلى اتفاق». وبدوره، أعلن المتحدث باسم «البيت الأبيض»، جون كيربي، مساء أمس، بشكل رسمي وواضح، أنه «ليس لدينا اتفاق بشأن الرهائن»، وأشار إلى أن «الاجتماعات وجهاً لوجه بشأن اتفاق الرهائن، قد انتهت، لكننا نعمل على إبقاء الطرفين منخرطين في المحادثات»، مضيفاً أنه «يمكن التغلّب على الفجوات المتبقية في صفقة الرهائن (...) لكن ذلك يتطلّب شجاعة أخلاقية ومواقف قيادية، ونحن لم نستسلم بعد».
خطة العمليات في رفح تمتدّ على شهرين


وفي موازاة مصادقة «الكابينت» الإسرائيلي على توسيع محدود للعملية في رفح، والتحرّكات الميدانية لجيش الاحتلال في الأحياء الشرقية للمدينة، وحديث وسائل الإعلام عن أن «خطة العمليات هناك تمتد على شهرين»، نقلت «فايننشال تايمز» عن مصدر مطّلع، قوله إن «الشعور بالصدمة هو في أعلى مستوى في الحكومة الإسرائيلية، بسبب توتر العلاقة مع واشنطن». وكان اجتماع «الكابينت»، شهد مساء الخميس، جدالاً حاداً بين الوزراء، حول طريقة التعامل مع الموقف الأميركي المستجدّ، وخصوصاً اتجاه الرئيس جو بايدن. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «وزراء هاجموا بن غفير خلال اجتماع الكابينت بسبب تغريداته ضدّ بايدن»، مضيفة أن «آيزنكوت قال (لوزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، إن عليه إبداء كثير من الاحترام للرئيس الأميركي». وفي المقابل، «اقترح بن غفير، خلال الاجتماع، تقليل المساعدات لغزة إذا فرضت واشنطن عقوبات على إسرائيل». وفي السياق نفسه، نقلت «سي إن إن» عن نتنياهو قوله إن «الرئيس بايدن ارتكب خطأ بوقف إرسال شحنة الأسلحة إلى إسرائيل»، وإعرابه عن أمله في أن «نجد مع بايدن طريقة للتغلّب على خلافاتنا».
في المقابل، كان الأميركيون يؤكدون أنهم لا يعارضون رغبة إسرائيل في «القضاء» على حركة «حماس» في قطاع غزة، وأنهم طرحوا على الكيان «بدائل لكيفية ملاحقة عناصر حماس»، في حين نقلت وكالة «رويترز» عن «البيت الأبيض»، قوله إن «بايدن أمر فريقه بمواصلة العمل مع إسرائيل لإلحاق هزيمة دائمة بحماس». لكنّ «القناة 13» العبرية قالت إن مسؤولين أميركيين عبّروا، أمس، عن غضبهم في محادثاتهم مع المسؤولين الإسرائيليين، وقالوا: «أنتم ليس فقط لم تستمعوا إلينا ودخلتم إلى رفح، بل أنتم أيضاً لا تخصّصون وقتاً لإجلاء المواطنين». لكن إلى الآن، لا يبدو أن الإدارة الأميركية ترى في التحركات الإسرائيلية الأخيرة خرقاً لخطوطها الحمر، إذ أعاد المتحدث باسم «البيت الأبيض» التذكير بأنه «إذا تحرّكت القوات الإسرائيلية نحو رفح بعملية برية واسعة، سنوقف إرسال أنواع معينة من الأسلحة (...) لكن العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية حالياً مركّزة في منطقة معبر رفح».