بكين | تلبية لدعوة من الصين، وصل ممثلون عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» إلى بكين نهاية الشهر الماضي، لإجراء محادثات «متعمقة وصريحة» في إطار الجهود الرامية إلى «تعزيز المصالحة الفلسطينية»، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الصينية، التي تابعت أنّه تم إحراز «تقدم إيجابي» في هذا الاتجاه. وفي الإطار نفسه، نقلت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، قوله في مؤتمر صحافي يومي، إن «الجانبين أعربا بشكل كامل عن إرادتهما السياسية لتحقيق المصالحة عبر الحوار والتنسيق، وناقشا الكثير من القضايا، وأحرزا تقدماً إيجابياً». وأشار جيان إلى أن الجانبين اتفقا على «مواصلة الحوار، والسعي إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية في وقت مبكر»، مضيفاً أنّ الطرفين «يقدّران بشدة دعم الصين الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة»، وهما توجها «بالشكر إلى الصين على جهودها في تعزيز الوحدة الداخلية الفلسطينية، والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوة التالية للحوار».
«نتائج» اللقاء
وإذ يبدو التوصل إلى أي خروقات أو اتفاقات وازنة بين الطرفين مستبعداً إلى حدّ كبير في الوقت الراهن، طبقاً لعدد من المراقبين، فإن اللقاء الأخير أسفر عن «حد أدنى» من التفاهمات، علماً أنه يأتي في إطار تعزيز الصين لصورتها كـ«صانع للسلام» في الشرق الأوسط، بعدما تبنّت بكين موقفاً أكثر «تشدداً» مما دأبت عليه سابقاً، حيال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي السياق، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» بأنّ حركتي «فتح» و«حماس» شددتا على «ضرورة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام»، وذلك في إطار «منظمة التحرير الفلسطينية»، الممثل «الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، عبر انضمام كل القوى والفصائل الفلسطينية إليها وإلى مؤسساتها». أيضاً، اتفقت الحركتان، في ختام الجلسة في بكين، على «أهمية وحدة الموقف الفلسطيني بشأن العدوان على قطاع غزة، والتأكيد على أهمية وقف حرب الإبادة والانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من القطاع، وتنسيق الجهود الوطنية المشتركة في إدخال المساعدات والإغاثة العاجلة إليه». كما اتفق الطرفان على ضرورة «وقف التراشق الإعلامي» بينهما، والعمل بدلاً من ذلك على إحياء اللجان المشتركة. ومن جملة القضايا الأخرى التي تم بحثها، ضرورة مواجهة اعتداءات المستوطنين على البلدات الفلسطينية والمسجد الأقصى، وإعطاء الأولوية لقضية الأسرى الذين «يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والإيذاء داخل السجون».

استكمال الجهود الصينية
وفي مقابل الدعم الأميركي المستمر لإسرائيل، يندرج هذا اللقاء في إطار المساعي الصينية المستمرة لتأدية دور «وسيط السلام» في الحروب، إن في غزة أو في أوكرانيا، وتحديداً من باب دعم «التقارب» بين الفصائل الفلسطينية، فيما تقود روسيا، بدورها، مثل هذه المساعي؛ إذ سبق اللقاءَ الأخير بين الفصائل في بكين لقاءٌ شبيه في موسكو، في شباط الماضي. واجتماع بكين ليس الأول من نوعه الذي يجمع بين مسؤولين فلسطينيين وصينيين في المدة الأخيرة؛ ففي آذار الماضي، التقى مبعوث وزارة الخارجية الصينية، والسفير الصيني السابق لدى لبنان، وانغ كيجيان، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بحضور السفير الصيني لدى قطر، تساو شياولين، في أول اجتماع معلن بين مسؤول صيني ومسؤولين في «حماس» منذ عملية «طوفان الأقصى».
وكان وانغ قد زار، قبل اللقاء، الضفة الغربية والتقى بوزير خارجية السلطة الفلسطينية، رياض المالكي، مجدداً دعوة بكين إلى التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وتطبيق «حل الدولتين»، كما زار الأراضي المحتلة والتقى بمسؤولين إسرائيليين. وآنذاك، أصدرت وزارة الخارجية الصينية بياناً مقتضباً، لفتت فيه إلى أنّ وانغ التقى هنية في قطر، و«تبادل وجهات النظر بشأن الصراع في غزة وقضايا أخرى»، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ومن جهتها، ذكرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، في أعقاب اللقاء، أنّ هنية أبلغ المبعوث الصيني أن الحرب يجب أن تنتهي «بسرعة»، وأنّه يتعين على إسرائيل سحب قواتها من غزة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، فيما أكّد وانغ، من جهته، أنّ الصين «حريصة على العلاقات» مع «حماس»، واصفاً الأخيرة بأنّها «جزء من النسيج الوطني الفلسطيني». وأصدر المكتب الإعلامي لـ«حماس»، بدوره، بياناً جاء فيه أن هنية «أشاد بالدور الذي تؤديه الصين في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية»، في ما يتعلق بالحرب الدائرة في غزة. وطبقاً للبيان نفسه، فقد التقى مسؤولون من «حماس»، بالسفيرة الصينية في قطر قبل شهر من اللقاء مع وانغ.