أعلَمَ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وزراءه، أمس، أنه قرّر إعادة إرسال وفد إلى واشنطن، برئاسة كل من وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس «مجلس الأمن القومي» تساحي هنغبي، لإجراء مباحثات حول الهجوم المزمع على مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة. وكان مقرّراً أن يصل هذا الوفد إلى الولايات المتحدة قبل أيام، قبل أن يعلن نتنياهو إلغاء زيارته، رداً على امتناع واشنطن عن استخدام «الفيتو» في «مجلس الأمن»، عند طرح مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق نار فوري في غزة. وأتى قرار نتنياهو، في ظلّ اعتقاد إسرائيلي عميق بالحاجة إلى «الدعم» الأميركي في أي عملية عسكرية في رفح، حتى وإن حاول رئيس الحكومة وبعض وزراء اليمين المتطرّف الإيحاء والتصريح بعكس ذلك. وينبع الاعتقاد المتقدّم، من معايير ووقائع مهنيّة لا يمكن تجاوزها إسرائيلياً، وتتمسّك بها المؤسسة الأمنية. وفي هذا السياق، اعترف مسؤولون في المخابرات الإسرائيلية لصحيفة «التلغراف» البريطانية، قبل يومين، بأن «إسرائيل قد لا تكون قادرةً على تدمير حماس رغم 6 أشهر من القتال العنيف في غزة». وحذّروا من أن «الهدف الرئيسي لاجتياح غزة يواجه الفشل، مع تحوّل الدعم الدولي ضد إسرائيل». وقال مصدر استخباراتي إسرائيلي للصحيفة: «لو سألتني هذا قبل شهر، لقلتُ بالتأكيد نعم، يمكننا القضاء على حماس، لأنه في ذلك الوقت كان الأميركيون يدعمون إسرائيل». وأضاف المصدر أن «هذا التقييم تغيّر الآن»، متوقّعاً أن «يتضاءل الدعم لإسرائيل أكثر، عندما تبدأ الحملة الانتخابية الأميركية في الصيف»، مضيفاً: «الولايات المتحدة لا تؤيّد دخول رفح (...) لذا فإن الأوراق ليست جيدة في الوقت الحالي، ما يعني أن إسرائيل بحاجة إلى القيام بشيء دراماتيكي وجذري لتغيير الزخم والمناخ».وفي سياق متّصل، زار رئيس «الشاباك»، رونين بار، القاهرة، أول من أمس، والتقى رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، الذي استضافه على «إفطار رمضان»، بحسب تقرير لباراك رافيد في موقع «واللا» العبري. وأوضح رافيد أن «هذه الزيارة جاءت في أعقاب تصريحات نتنياهو المتكرّرة عن أن إسرائيل تستعدّ لعملية برية في رفح، وهو الأمر الذي يقلق المصريين كثيراً»، مضيفاً أن «رئيس الشاباك بحث مع نظرائه في القاهرة قضيّة جمود المفاوضات حول صفقة التبادل، والوضع في الضفة الغربية على خلفية شهر رمضان، وقضية معبر رفح، والخطوات الإضافية لتأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة بعد الحرب». وفي هذا السياق، علمت «الأخبار»، من مصادر مصرية مطّلعة، أن «القوات المصرية وأجهزة استخباراتها، رصدت بالفعل تحرّكات إسرائيلية ابتدائية، تشير إلى احتمالية أن يقدم الجيش الإسرائيلي على تنفيذ عملية عسكرية في رفح، خلال أسابيع، على الرغم من أن هذه لا تزال إشارات أوّلية». لكن، في الوقت عينه، أشارت المصادر نفسها، إلى أن «الإسرائيليين أبلغوا المصريين نيّتهم اقتحام رفح، من دون الخوض في تفاصيل العملية المزمعة». وفي المقابل، «أكّد المسؤولون المصريون أمام نظرائهم الإسرائيليين، أن عملية عسكرية واسعة في رفح، تصل إلى محور فيلاديلفيا، ليست مقبولة مصرياً، وهي ستؤثّر بالتأكيد على معاهدة كامب ديفيد والتزامات مصر بموجبها». ولكن رغم ذلك، «يعتقد المسؤولون المصريون أن الجيش الإسرائيلي ماضٍ بالفعل في عملية في رفح». أما طريقتها وعمقها، فهذان «رهنٌ بما يتمّ الاتفاق عليه بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية»، وهو ما سيكون موضع البحث الأساسي للوفد الإسرائيلي الذي سيغادر إلى واشنطن خلال وقت قصير. وأكّدت هذه المصادر، مرة أخرى، ما أوردته «الأخبار» سابقاً، حول «تصوّر أميركي» طرحه الأميركيون مع المصريين، يقضي بتنفيذ إجراءات حدودية صارمة بين مصر والقطاع، من جهة، وعمليات عسكرية إسرائيلية محدودة ودقيقة في رفح، من جهة أخرى. إلا أن المصادر أشارت إلى أن «إسرائيل لم تتفاعل بإيجابية بعد، مع الطرح الأميركي».
التقى نتنياهو، للمرة الأولى، أمس، بعائلات الجنود الأسرى في قطاع غزة


على صعيدٍ موازٍ، التقى نتنياهو، للمرة الأولى، أمس، بعائلات الجنود الأسرى في قطاع غزة. وقال نتنياهو في مستهلّ اللقاء: «أعلم أن كل يوم تمرّون به هو جحيم، وبما أننا أعدنا 123 من الأسرى سابقاً، فإنني مضطر لإعادة الباقين جميعاً، ولن أترك أحداً»، مضيفاً: «أنا أتعامل مع القضية ليلاً ونهاراً»، مشيراً إلى أن «استمرار الضغط العسكري القوي الذي مارسناه وسنمارسه، وحده هو الذي أعاد وسيعيد الجميع». وفي المقابل، تحدّث أفراد من العائلات عن «الإهمال» الذي لاقوه من الدولة طوال 6 أشهر، حيث جرى التمييز بينهم وبين عائلات الأسرى من غير الجنود. كما تحدّث بعضهم عن «تهديدات» تلقّوها من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لالتزام الصمت، مشيرين إلى أن «صمتهم كان مريحاً للمسؤولين في الدولة».
وفي سياق متصل، شهد اجتماع «كابينت الحرب»، أول من أمس، لبحث تطورات المفاوضات حول صفقة جديدة لتبادل الأسرى، «توتّرات ومواجهة صعبة، بين الوزيرين بني غانتس وغادي آيزنكوت من جهة، ورئيس الوزراء من جهة أخرى»، بحسب ما كشفته قناة «كان» العبرية، التي أشارت إلى أن أعضاء في المجلس أكّدوا أنه «كان من الممكن أن نكون في منتصف الصفقة لو أظهرنا المبادرة». ومن جهته، طلب رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، مجدّداً، توسيع صلاحيات الوفد المفاوض، معرباً عن اعتقاده، بحسب «القناة 12»، بـ«إمكان عقد صفقة إذا أبدت إسرائيل مرونة بشأن عودة سكان شمال غزة، رغم ردّ حماس». وبينما «يدعم غانتس وآيزنكوت موقف رئيس الموساد، يعارضه نتنياهو، ويصرّ على شنّ عملية في رفح»، متهماً «أعضاء في المجلس بقلّة الخبرة في إدارة مفاوضات حازمة». وعلى خلفية هذه التوتّرات، إضافة إلى انشغال نتنياهو بالمفاوضات والاتصالات حول قانون التجنيد، تمّ إلغاء مناقشة «كابينت الحرب»، الذي كان من المفترض أن يجتمع مساء أمس، في استكمال للاجتماع السابق.
(الأخبار)