على إثر قراره مقاطعة جلسات «الكنيست»، ودخوله في مواجهة علنية مع «الليكود»، أعلن حزب «عوتسماه يهوديت» انتهاء الأزمة الائتلافية، بمجرّد بدء عدوان «درع وسهم» على قطاع غزة، موضحاً أنه «بعد اتّخاذ موقفنا في الاعتبار، والانتقال من سياسة الاحتواء إلى الهجوم واغتيال قادة الجهاد الإسلامي، قرّرنا العودة عن قرار مقاطعة التصويت في الهيئة العامة للكنيست، آملين استمرار هذه السياسة على المدى البعيد». وعلى رغم أن القرار بشنّ العدوان «لم يعلم به بن غفير مسبقاً» وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، لكنّ مصادر في دائرة وزير «الأمن القومي» ادّعت أن «الضغوط التي مارسها الأخير على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قادت إلى تغيير الموقف». أمّا المقرّبون من نتنياهو فنفوا ذلك، فيما قالت مصادر من الائتلاف الحاكم إن «القرارات الأمنية لدولة إسرائيل غير مرتبطة بأيّ شكل من الأشكال بحزب أو تكتّل في الائتلاف، وهي تُتّخذ وتُنفّذ فقط بناءً على اعتبارات أمنية وسياسية».وفي ترجمة لرفع «الحظر» عن مشاركته في جلسات الحكومة و«الكنيست»، شارك زعيم حزب «عوتسماه يهوديت» في جلسة المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية («الكابينت») مساء أمس، بعدما قال لمقرّبين منه إنه «لا يهمّني تسجيل نقاط، المهمّ أنه بعد أربعة أشهر توقّفنا عن ممارسة سياسة الاحتواء». وأتت هذه التطوّرات بعد أيام من تنفيذ جيش الاحتلال عدواناً قصيراً على قطاع غزة، وُصف من قِبَل بن غفير بأنه ردّ «ضعيف» على إطلاق المقاومة من القطاع 104 صواريخ باتّجاه مستوطنات الجنوب، ردّاً على استشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان. وعلى رغم الانتقادات التي تعرّضت لها حكومة نتنياهو على خلفية ذلك، فإن وزير الأمن، يوآف غالانت، أمر الجيش و«الشاباك» بإعداد قائمة أهداف موسّعة، لا تشمل مواقع عسكرية فقط، وإنّما شخصيات محدّدة للاغتيال، فيما عُلم أنه قُبيل قرار بن غفير المقاطعة، «بدأ الجيش، من وراء الكواليس، يحضّر للعدوان الذي هدف إلى اغتيال القادة الشهداء الثلاثة»، طبقاً لما ذكره موقع «واينت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت».
وبحسب الموقع نفسه، فإنه «يوم الجمعة، عُقد اجتماع في مقرّ "الشاباك"، وفيه صادق نتنياهو وغالانت على العدوان، وحُدّد يوم الأحد كساعة صفر لبدئه، ولكن في اللحظات الأخيرة، قرّر الجيش تأجيل الضربات، حتى نضجت ليل الإثنين - الثلاثاء الظروف المناسبة لبدء العملية».
اعتبر أعضاء من «عوتسماه يهوديت» أن الضغط الذي سلّطه بن غفير كان له الفضل في بدء العدوان

كذلك، أوضح «واينت» أن «نتنياهو لم يدعُ الكابينت إلى الاجتماع والمصادقة على الضربة لأنه لا يُتوقّع أن تقود إلى حرب»، وهو ما أعلنته أيضاً المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، التي ذكرت أنه «بناءً على المعلومات التي استُعرضت أمامها، لم يكن هناك داعٍ قانوني لعقد الكابينت للمصادقة على الضربة». وفيما انشغلت المنظومة السياسية منذ صباح أمس بقرار نتنياهو، وامتناعه عن إطلاع أعضاء المجلس الوزاري المصغّر على الموضوع، ادّعت مصادر أن رئيس الحكومة فعل ذلك حتى لا تُسرَّب معلومات قد يستخدمها بن غفير في إطار تسجيله النقاط، والظهور كمن ساهمت الضغوط التي مارسها في شنّ العدوان.
وعلى رغم ما تَقدّم، اعتبر أعضاء من «عوتسماه يهوديت»، خلال مقابلات مع الموقع وإذاعته، أن الضغط الذي سلّطه بن غفير كان له الفضل في بدء العدوان؛ إذ أشار عضو «الكنيست»، تسيفكا فوغل، إلى أن حزبه «مارس ضغوطاً منذ اليوم الأول لانضمامه إلى الحكومة» لتفعيل الاغتيالات السياسية، آملاً «استمرار هذه السياسة حتى إنْ دخلت حماس على الخطّ». وعلى هذه الخلفية، رأى المحلّل السياسي لـ«القناة 12» الإسرائيلية، عميت سيغال، أن «الهدف من العدوان هو الحفاظ على الحكومة الإسرائيلية من احتمال سقوطها»، إثر مقاطعة «عوتسماه يهوديت» جلساتها، واشتراطه للعودة إليها شنّ عملية عسكرية في الضفة الغربية المحتلّة. ولعلّ ممّا يعزّز هذا الافتراض، هو أن مقاطعة جلسات التصويت في الهيئة العامة لـ«الكنيست»، تعني عملياً فقدان الأغلبية المطلوبة لإقرار قانون الميزانية لعامَي 2023 - 2024، والذي إن لم يُقرّ حتى نهاية الشهر الحالي، سيقود أوتوماتيكياً إلى حلّ الحكومة.
ومن هنا، اعتبر سيغال أن «الأزمة بين نتنياهو وبن غفير انتهت هذه الليلة عند الساعة 02:24 في رفح»، واصفاً عملية «درع وسهم» بأنها «السلّم» الذي وُضع من أجل إنزال بن غفير عن «السقف المرتفع الذي صعد إليه». لكنّ المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أعرب عن اعتقاده بأن للعدوان ثلاثة أهداف: أوّلها تحقيق الردع، وثانيها منع «عمليات إرهابية» أخرى مخطَّط لها في الضفة الغربية، وآخرها «الانتقام» الذي رأى فيه «هدفاً عاطفياً وليس عسكرياً».