مهما قلنا من كلمات الدعم والتضامن، تبقى أقلّ بكثير من أن تُلامس بعضاً من طهارة دماء شهداء انتفاضة الشعب الفلسطيني وبطولات المقاومين على امتداد مساحة فلسطين من بحرها إلى نهرها، من القدس، إلى غزة، إلى الضفة وإلى فلسطينيّي عام 1948، قلب فلسطين النابض بالتحدّي.ظنّ الصهاينة بعد كل ما ارتكبوه من جرائم على مدى تاريخهم، أن بإمكانهم تقطيع فلسطين. فردّت عليهم، وفتحت صفحة جديدة من تاريخها المقاوم. صفحةٌ ما بعدها ليس كما قبلها. فاجأتهم وقدّمت مشهداً واضحاً. المعركة تدور اليوم في عمق الكيان الصهيوني الذي يعيش أزمته الداخلية غير المسبوقة، بينما الشعب الفلسطيني موحد خلف مقاومته. إنها بدايات الانتصار. نعم، قال الشعب الفلسطيني كلمته بدماء أطفاله وشهدائه. فلسطين ليست أرخبيلاً. فلسطين واحدة موحّدة، بشعبها المنتفض، ومقاومتها ضدّ الاحتلال. وهي كانت، وستبقى تصنع وحدتها الوطنية على أساس مقاومة الاحتلال الصهيوني بكلّ الأشكال والأساليب السياسية والشعبية والعسكرية، حتى التحرير الكامل لترابها الوطني وإقامة دولتها الوطنية المستقلّة، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.
نحن لسنا متضامنين ولا داعمين للانتفاضة الفلسطينية فحسب، نحن الشعب اللبناني وفي الحزب الشيوعي اللبناني، شركاء في المصير الواحد. نحن مَن كتب معكم تاريخاً مشتركاً مضرّجاً بدماء الشهداء منذ ثلاثينيات القرن الماضي، في «الحرس الشعبي»، و»قوات الأنصار»، وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، «جمول»، ضدّ الاحتلال الصهيوني، وضدّ مشاريع التقسيم على درب التحرير والتغيير الديموقراطي.
معكِ يا فلسطين الانتفاضة مستمرّون على العهد والوعد. في انتصارك، انتصار لقضيّة محقّة وعادلة لا تزال وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء. في انتصارك، انتصار لشعوبنا العربية ولشعبنا اللبناني على عدوّ مشترك يسعى إلى فرض التوطين ومنع حقّ العودة وتأبيد احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشرقي من بلدة الغجر، وإلى نهب ثروتنا النفطية.
فمِن لبنان، ومِن بيروت إلى شعبنا الفلسطيني المنتفض في الداخل نتوجّه اليوم ونقول: هي بيروت العروبة، بيروت المقاومة الوطنية والصمود، بيروت التي وقفتم معها ومع أهلها، تقف اليوم معكم لتوجِّه لكم التحيّة، تحيّة العهد والوفاء لهذا التاريخ، تحيّة الإجلال والإكبار للشهداء.
ومن هذه التظاهرة التضامنية، يطلق شعبنا اللبناني صرخته إلى كل الشعوب العربية وقواه الوطنية الحيّة وإلى كل أحرار العالم، داعياً إلى المزيد من الدعم واستمرار التحركات الشعبية دعماً للانتفاضة الفلسطينية. لن نترك الشعب الفلسطيني وحيداً في هذه المعركة. واقفون معه وإلى جانبه وبكلّ ما لدينا من إمكانيات وطاقات، دعماً لمقاومته ضدّ هذا الكيان العنصري وضدّ رعاته الدوليين والإقليميين، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية، وأدواتها في المنطقة مِن أنظمة التطبيع الخائنة الشريكة في العدوان والإجرام.
وستبقى فلسطين حرّة. فلسطين عربية، عربية.
والمجد والخلود للشهداء.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا