«عاميت غير قادر على الحفاظ على مكان عمل، ومايكل لا يعرف إن كان سيظل في مكان سكنه حتى الشهر المقبل. أما مريم، والدة إلعاد، فأعلنت إفلاسها بسبب أنها لا تستطيع الخروج للعمل وتركه في المنزل». هذا حال جنود العدو المصابين باكتئاب ما بعد الصدمة جرّاء مشاركتهم في الحروب التي خاضتها إسرائيل، وفق مقابلات معهم نشرها اليوم، موقع «واينت» العبري.
عشرون عاماً مرّت منذ إنهائه خدمته العسكرية، إلا أن عيمات ستيلر «لا يقدر على نسيان ما رآه حتى اليوم خلال الحروب، وهو لا يتمكن أيضاً من عيش حياة طبيعية والخروج لإيجاد عمل، رغم أنه أب لأربعة أبناء».
يروي ستيلر: «خدمت في الجيش محارباً ومسعفاً حربياً، شُخّصت كمصاب حرب، وباكتئاب ما بعد الصدمة. أنا لا أنجح في الحفاظ على عمل، ليس لأنني لا أرغب في ذلك، ولكن بسبب الألم والحزن والصعاب». ويضيف: «لا أستطيع التواجد بين الناس والضجيج، هناك أيام لا أستطيع فيها الخروج من البيت، ومع الأطفال يبدو الأمر أصعب. لديّ طفلة تخاف مني، وابنتي الأخرى تصطحبني إلى الدكان لأنني لا أستطيع الذهاب وحدي. وأخرى عمرها سبع سنوات وهي لا تفهم لماذا يبكي والدها طوال الوقت».
المقابلات المنشورة، تأتي بعد أيام على إحراق الجندي الإسرائيلي، ايتسيك سعيديان، نفسه في يوم «ذكرى قتلى المعارك الإسرائيلية»، وفي خضم احتجاج أعلنه مصابو الحرب النفسيون، جرّاء إهمال المؤسسات الإسرائيلية المعنية لهم.
وفي هذا الإطار، يصف ستيلر أن «ألم الخدمة العسكرية يرافقني حتى اللحظة. في أربعة أشهر، قُتل 11 من رفاقي، يرافقني ذلك إلى كل مكان، وطوال حياتي. أنا وأمثالي نبذل ما في وسعنا للبقاء على قيد الحياة. لا يوجد لدينا المال ولا القدرة حتى على الصراخ. لقد أعطيت كل ما لديّ للدولة ولكن في اليوم الذي فتحت فيه عينيَّ داخل المستشفى، الدولة اختفت، وأهملتني».

هناك مصابي حرب لا تعترف بهم المؤسسات المعنية حتى اليوم، يشرح مؤسس جمعية «أسوفي» التي تساعد مصابي الحروب. ويضيف: «هناك أيضاً من لا يستطيع منهم التعامل مع البيروقراطية داخل المؤسسات المعنية بمثل حالاتهم. ولذلك يتوجه هؤلاء إلى الاقتراض من البنوك. أعرف أن بعضهم لا يوجد عنده منزل ولا طعام وآخرين فاقدون للأمل. وبعض هؤلاء لديهم أولاد، ويعرف ثمن علبة الجبنة فقط من عدد الزجاجات التي يبيعها». في إشارة إلى أن بعض هؤلاء الجنود يعملون في جمع العلب والزجاجات الفارغة من النفايات واستبدالها في محالّ التدوير.
أما الجندي مايكل، فقال: «أدفع حتى اليوم ثمن خدمتي العسكرية، ولا أرى نهاية لذلك»، مضيفاً: «كنت محارباً في وحدة جولاني، شاركت في حروب كُتب عنها الكثير، أُصبت جسدياً وبقيت مدة خمسة شهور مسرّراً في المستشفى، وعندما خرجت، بدأت أفهم أنني أعاني نفسياً أيضاً، حاولت الحصول على اعتراف بأنني معوّق جيش، ولكن البيروقراطية جعلتني أتراجع، إنه شيء لا يمكن احتماله».
«أيضاً إلعاد يدفع ثمناً كبيراً بسبب الخدمة العسكرية»، يضيف التقرير. «كان باستطاعته أن يكون اليوم مديراً، كان تلميذاً ممتازاً خدم في وحدة استخبارات نخبوية، حتى أُصيب خلال الحرب»، تشرح مريم والدة إلعاد. وتضيف: «نحن اليوم في إفلاس مالي، 11 عاماً ونحن نحاول الحصول على اعتراف بأن ابننا مصاب حرب ومعاق جيش، ولكنهم أعطوه بطاقة باعتراف 39% فقط، وهي في الحسابات المعيشية لا تساوي شيئاً. اقترضت من أجل جلسات العلاج النفسي، وفي نهاية الأمر لم يعد لدينا في البيت ما نأكله».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا