تم تحديث التقرير عند الساعة 9:40 مساء بتوقيت بيروت
تستمر وسائل إعلام العدو الإسرائيلي بكشف مزيد من التفاصيل، عن الاعتداء الذي استهدف مفاعل نطنز النووي في إيران أمس. المعلومات التي سربتها أجهزة استخبارات إسرائيلية وغربية، لوسائل إعلام عبرية وغربية، تشير إلى تورّط جهاز الموساد بالتفجير الذي استهدف مجمع الشهيد أحمدي روشن، في مفاعل نطنز.

وكشفت «القناة 13» العبرية، أن ما جرى هو «انفجار في مفاعل نطنز، ناجم عن زراعة قنبلة بالداخل»، بعدما كان الحديث يدور عن هجوم سيبراني. وبحسب تقدير القناة فإنه «يتطلب 9 أشهر لعودة المفاعل إلى تخصيب اليورانيوم».


واشنطن: لا علاقة لنا بالهجوم
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، خلال مؤتمر صحافي اليوم، إن بلادها «ليست متورطة بأي شكل من الأشكال» في الهجوم الذي استهدف منشأة نظنز.

وعن المعلومات المتوفرة لدى الجانب الأميركي، أجابت ساكي: «ليس لدينا ما نضيفه إلى التكهنات حول الأسباب أو التأثير»، مضيفة أنه لا يوجد ما يشير إلى حدوث أي تغيير في المفاوضات مع إيران هذا الأسبوع

طهران تتوعد بالردّ
بدورها، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية، اليوم، أنه تم التعرف إلى هوية الشخص المتسبّب في حادثة تفجير منشأة نطنز النووية.

واعتبر وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، أن الهجوم هو «فخّ نصبته إسرائيل غدراً» يجب على الإيرانيين تجنب الوقوع فيه.

وقال خلال إطلاعه لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان على وضع المحادثات النووية في فيينا، إن إسرائيل بشنّها هجوماً على نطنز، تسعى إلى «الانتقام من نجاحات إيران في الطريق نحو رفع العقوبات القمعية»، متعهداً بالانتقام دون تحديد التفاصيل.

ونشر ظريف نص رسالة وجهها إلى مجلس الأمن الدولي، جاء فيها «إن الاستهداف المتعمد لمنشأة نووية محمية ـــ مع وجود مخاطر عالية لتسرّب عشوائي لمواد مشعة ــ ـيعتبر إرهاباً نووياً وجريمة حرب».

ولفت في الرسالة إلى أن «إسرائيل هددت، وتتفاخر الآن، باتخاذ إجراءات لمنع استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، بعد الانتخابات الأميركية».

وأضاف أنه «إذا كانت الولايات المتحدة تريد تجنب عواقب هذه المقامرة الحمقاء، فيجب عليها التوقف عن اعتبار الإرهاب الاقتصادي الذي يرتكبه ترامب أو الإرهاب النووي الأخير، بمثابة نفوذ تفاوضي، وعليها إزالة جميع العقوبات المفروضة أو المعاد فرضها، منذ اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة».

ولفت إلى أن بلاده «بعد التحقق في الوقت المناسب من إزالة جميع العقوبات الأمريكية، ستستجيب بوقف جميع الإجراءات العلاجية، والتي سترتفع في قفزة كبيرة إلى الأعلى، في أعقاب هذا العمل التخريبي الإرهابي الأخير».



كذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، اليوم الاثنين، إن بلاده ستردّ على إسرائيل في الزمان والمكان المناسبين على هجوم نطنز، مشيراً إلى أن الحادثة كانت ستؤدّي إلى كارثة وجريمة ضد الإنسانية في حال أدّت إلى تلوث إشعاعي.

اجتماع أميركي ــ إسرائيلي أمني
مساء اليوم، نقل الصحافي في موقع «والا» العبري، باراك رافيد، في تقرير على موقع «axios» عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن كبار مسؤولي الأمن القومي الأميركيين والإسرائيليين سيعقدون الثلاثاء، جولة افتراضية ثانية من المحادثات الاستراتيجية بشأن إيران.

وتأتي المحادثات بعد يومين على الهجوم في نطنز، وقبل يوم واحد من استئناف المحادثات النووية في فيينا.

ووفق رافيد، يقود الحوار الاستراتيجي مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ونظيره الإسرائيلي مئير بن شبات، بمشاركة مسؤولين من مختلف أجهزة الأمن القومي والاستخبارات.

ويقول مسؤولون إسرائيليون، بحسب رافيد، إنه من المتوقع أن تركز هذه الجولة على أنشطة إيران في سوريا ولبنان والعراق واليمن. ومن المتوقع أيضا مناقشة محادثات فيينا، فضلا عن الهجمات الأخيرة على السفن الإيرانية والإسرائيلية في البحر الأحمر والخليج العربي.

«نقطة الغليان»
التسريبات لوسائل الإعلام عن مسؤولية الموساد لاقت انتقادات واسعة من قبل المحلّلين العسكريين، إذ رأوا أنها تلغي سياسة الغموض التي اتبعتها إسرائيل سابقاً، وهي تجعل كيان العدو يقترب من «اللحظة حيث لن يكون أمام طهران خيار سوى الرد بضربة عسكرية»، وفق ما ذكرت «القناة 12» العبرية. وبحسب محلّلها روني دانييل، فإن «إيران ضبطت نفسها حتى الآن، والمخابرات الإسرائيلية أعربت قبل أشهر عن مخاوفها من أنّ إيران وصلت إلى نقطة الغليان وقد تطلق هجوماً قريباً».

بدوره، أشار محلل «القناة 12» إيهود يعاري، إلى أنه مع استمرار التسريبات «فإننا نقترب من اللحظة حيث لن يكون أمام طهران خيار سوى الرد بضربة عسكرية»، معتبراً أن إيران ضبطت نفسها حتى الآن، على الرغم من اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في تشرين الثاني 2020، والذي ألقت باللوم فيه على إسرائيل، والضربات الإسرائيلية المتتالية في سوريا، إلّا أن «المخابرات الإسرائيلية أعربت قبل أشهر عدة عن مخاوفها منّ أن إيران وصلت إلى نقطة الغليان وقد تطلق هجوماً قريباً».

وأشار المحلل العسكري لصحيفة «يسرائيل هيوم»، يوآف ليمور، اليوم، إلى أن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران «تستوجب من إسرائيل تيقظاً استخباراتياً وعسكرياً بمستوى مرتفع»، مشيراً إلى أن «جهاز الأمن الإسرائيلي موجود الآن في حالة تأهب لامتصاص ضربة وسط تقديرات بأنّ إيران ستردّ على الهجمات الإسرائيلية».

وعن توقيت الهجوم رجّح ليمور أنه «إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن التخريب في منشأة التخصيب، فإنه تم نقل تقرير بشأنه إلى الأميركيين». وأضاف أن الإدارة الأميركية عبّرت عن استيائها من الهجمات الإسرائيلية ضد إيران في الأسابيع الأخيرة؛ وتمثل ذلك بتسريب معلومات حساسة إلى وسائل إعلام أميركية «وعلى ما يبدو بهدف التلميح لإسرائيل بأن الولايات المتحدة ليست معنيّة بأن تعرقل إسرائيل محاولاتها لفتح صفحة جديدة مع طهران. وليس واضحاً كيف سيكون رد فعل إدارة بايدن على التخريب الحالي، الذي يأتي في توقيت حساس، بعد أيام من استئناف المحادثات بين إيران والقوى العظمى».

ورأى المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إيتمار آيخنر، أن «الانطباع هو أن إسرائيل تفعل أي شيء من أجل تعطيل الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية في الطريق إلى إحياء الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات المفروضة على طهران»، لافتاً إلى أن الهجوم في نطنز جاء في توقيت حساس، في موازاة وصول وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إلى إسرائيل، في أول زيارة لمسؤول في إدارة بايدن.

وأضاف أن «إسرائيل تقوم هنا برهانٍ خطير، فمن شأن هجمات محتمَلة في المستقبل ضد إيران أن تشعل المنطقة فيما ليس لدى إسرائيل دعم أميركي. وإحدى المشاكل هي أن الثرثرة الإسرائيلية بعد هجمات ناجحة، قد تجبي لاحقاً ثمناً باهظاً. ومن الجائز أن الهجوم في نطنز، إذا نُسب لإسرائيل، سيثير أفكاراً أخرى في البيت الأبيض حول كيفية التعامل معها».

ومع استمرار تسريب المعلومات، اتّهم نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، عضو الكنيست يائير غولان (حزب ميرتس)، رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، بأنه كشف عن الهجمات الإسرائيلية في إيران، من أجل مصالحه السياسية، في أعقاب تعثّر مساعيه بتشكيل حكومة جديدة.

وعبّرت مصادر سياسية إسرائيلية عن شكوكها في أن التصعيد الحالي بين إسرائيل وإيران، والمخاطرة المفرطة، ليست نتيجة لمصالح أمنية إسرائيلية، بل لمصلحة سياسية ــ شخصية ــ جنائية لنتنياهو.

وبحسب الكاتب في صحيفة «معاريف» بن كسبيت، فإن نتنياهو كما «جنّد كورونا لتشكيل حكومته السابقة، فقد يكون الآن يتلمّس تصعيداً محكوماً مع إيران لإنزال (رئيس حزب يمينا نفتالي) بينيت و(رئيس حزب الصهيونية الدينية صموئيل) سموتريتش عن الشجرة، أو حتى عناصر أخرى مثل (رئيس حزب تيكفا حداشا) جدعون ساعر أو (رئيس حزب أزرق ــ أبيض) بيني غانتس».

وقال ديبلوماسي رفيع المستوى للصحيفة إن «فوائد هذه الأعمال محدودة للغاية. في غضون أسبوع أو أسبوعين من ارتفاع أسعار النفط، يتعافى الإيرانيون من جميع الأضرار التي لحقت بهم، لكننا نخاطر بفتح حلبة».

ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، عن مسؤولين أمنيين، قولهم إن التسريبات الأخيرة حول هجمات منسوبة لإسرائيل ضد أهداف إيرانية لم تُنسّق مع أجهزة الأمن وكبار المسؤولين الأمنيين، ولم تتم المصادقة عليها مسبقاً.

وانتقد هؤلاء هذه التسريبات لأن «هذه العمليات المنسوبة لإسرائيل تجري بين حين وآخر ولكنها تحت سقف الضجيج، لأن تسريباً أو تلميحاً حيالها يُفسر أنه تبنّي مسؤولية إسرائيل وتستوجب من إيران شن هجوم انتقامي».

من جهته، قلل مدير المخابرات العسكرية السابق للجيش الإسرائيلي عاموس يادلين، من حجم الضربة التي استهدفت المفاعل النووي إذ قال إن «إيران لديها المعرفة اللازمة لمواصلة برنامجها النووي بغض النظر عن الأضرار»، وقال إن حملة «الضغط الأقصى» التي شنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لم تبطئ جهود إيران النووية، بل دفعتها إلى الأمام، وإن إيران هي التي تحدد الشروط في المحادثات في فيينا بمطالبتها المتشددة بتخفيف كامل للعقوبات.
وهو ما أكده يعاري أيضاً، معتبراً أنه على الرغم من النكسات المختلفة المنسوبة لإسرائيل، إلا أن إيران واصلت إحراز تقدم في برنامجها النووي.