غزة | على الرغم من تهديدات رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو، ونائبه وزير الأمن بيني غانتس، بالردّ بقوة على قطاع غزة إن لم تتوقّف عمليات إطلاق البالونات الحارقة باتجاه مستوطنات غلاف القطاع، تواصلت هذه العمليات بشكل مكثّف، الأمر الذي فاقم سخط قادة المستوطنات على المستوى السياسي، وصعّد مطالباتهم بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ضدّ قادة المقاومة. وكان نتنياهو قد هدّد بـ»(أننا) سنجبي ثمناً باهظاً من التنظيمات الإرهابية في غزة»، ليتبعه غانتس بالقول إنه «إن لم تتوقف حماس عن إطلاق البالونات، فسيتمّ الردّ عليها بقوة».وخلال اليومين الماضيين، أدّت البالونات الحارقة إلى اندلاع أكثر من 90 حريقاً في مستوطنات غلاف غزة، وهو رقم قياسي في عدد الحرائق للمرة الأولى منذ عامين، فيما أثارت أصوات البالونات المتفجّرة الذعر لدى الكثير من المستوطنين، الذي ضجّوا من سياسة حكومتهم، مطالبين باستخدام «قوة رادعة» حيال القطاع. وفي هذا السياق، وجّه رئيس بلدية سديروت، ألون دفيدي، انتقاداً لاذعاً إلى حكومته، متّهماً إياها بـ»العجز»، داعياً إلى «شنّ حملة عسكرية في غزة على غرار حملة السور الواقي في الضفة عام 2002، واستئناف سياسة الاغتيالات»، فيما اعتبر رئيس مجلس «سدوت نيغف»، تمير عيدان، أن «هجمات الجيش في غزة ليست فعالة، وتثير رعب أطفال الغلاف أكثر مما تخيف التنظيمات الإرهابية في القطاع»، حاضّاً على «العودة إلى سياسة الاغتيالات حتى لو كان الثمن خوض جولة تصعيد، نحن أصلاً في داخلها».
في المقابل، برزت أصوات داخل دولة الاحتلال تتحدّث عن صعوبة الخيار العسكري تجاه غزة، وضرورة التوجّه إلى اتفاق مع القطاع. إذ قال وزير الزراعة، ألون شوستر، إنه «لا يوجد حسم عسكري مع غزة، لنُلغِ هذا الأمر من جدول أعمالنا»، مضيفاً أن ثمة «حاجة إلى إظهار الحزم وتعزيز إرادة سكان وقيادة الغلاف، وإيجاد طريقة ناعمة وذكية لضرب أهداف حماس بمعزل عن سكان القطاع المدنيين». ورأى رئيس مجلس «أشكول» المحاذية لغزة، غادي يركوني، أن «الحلّ يكمن في إبرام اتفاق سياسي مع حماس»، معتبراً أن «جولات التصعيد المتكرّرة هي نتيجة الجمود السياسي مع القطاع».
تتواصل المباحثات بين الفصائل الفلسطينية والوسطاء للعودة إلى حالة الهدوء


وفي محاولة لتهدئة مستوطني غلاف غزة، أعلن ناطق بلسان جيش الاحتلال، أمس، نشر منظومة «ليزر» لمكافحة البالونات الحارقة في أجزاء من مناطق الغلاف، مشيراً إلى أن المنظومة التي تُدعى «لاهاف أور» قادرة على إسقاط البالونات عبر توجيه أشعة «الليزر» باتجاهها، إضافة إلى القدرة على إسقاط الطائرات الصغيرة. وكان العدو قد قصف، فجراً، عدداً من مواقع المقاومة وسط القطاع وجنوبيّه، وأطلق نيران الرشاشات الثقيلة تجاه مراصد المقاومة، فيما توغّلت 4 جرافات عسكرية إسرائيلية بشكل محدود في أراضي المواطنين في المنطقة الشمالية لبلدة بيت لاهيا شماليّ غزة، وسط إطلاق نار كثيف تجاه أراضي المزارعين، لم يؤدِّ إلى وقوع إصابات. في المقابل، تَسبّبت البالونات بحرائق ضخمة في عدد من مستوطنات غلاف غزة، أبرزها حريق بين «كيبوتس أور هنِر» و»سديروت»، الأمر الذي استدعى وجود قوات كبيرة من الإطفاء في المكان، توازياً مع إغلاق الشرطة عدّة طرق داخل «سديروت» وقرب المنطقة.
سياسياً، تتواصل المباحثات بين الفصائل الفلسطينية والوسطاء وخاصة القطريين للعودة إلى حالة الهدوء في القطاع، إلا أن الموقف القطري غير الواضح في شأن تجديد المنحة، وغياب أيّ أفق لتنفيذ باقي تفاهمات التهدئة، بما في ذلك المشروعات الكبرى، يبقيان الوضع معقداً ومرشّحاً لمزيد من التصعيد، بحسب مصدر فلسطيني تحدّث إلى «الأخبار». ووفقاً للمصدر، فإن «القطريين لم يحسموا أمرهم بخصوص استمرار المنحة، ويتحدّثون عن أن قرار تجديدها من عدمه سيكون بعد آخر دفعة من المنحة السابقة، والتي ستصل إلى غزة خلال 10 أيام، فيما تصرّ الفصائل الفلسطينية على استمرار المنحة، إضافة إلى تنفيذ المشاريع التي تمّ الاتفاق عليها مع الوسطاء، والمتعلّقة بالتشغيل المؤقت والكهرباء والبنية التحتية والمستشفى الميداني».
وفرض الضغط الذي ولّدته البالونات الحارقة على دولة الاحتلال المبادرة إلى إجراء مباحثات مع قطر لتجديد مساعداتها لغزة. إذ قالت «القناة 11» العبرية إن «سلطات الاحتلال أجرت اتصالات مع كبار المسؤولين القطريين لحثّهم على مواصلة الدعم المالي لغزة». وهو ما أكّده السفير القطري في الأراضي الفلسطينية، محمد العمادي، بقوله إن «الاتصالات مع جانب الاحتلال الإسرائيلي ليست شيئاً جديداً، بل هي إجراء مستمرّ، وتأتي في إطار تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع». من جهتها، أشارت صحيفة «هآرتس» العبرية إلى أن المؤسسة العسكرية والأمنية في دولة الاحتلال تتعامل مع استمرار إطلاق البالونات الحارقة على محمل الجدّ، ولكنها تحاول تجنب ردّ عسكري شديد القسوة قد يؤدي إلى التصعيد، وتُفضّل توفير فرصة للاتصالات من خلال الوسطاء، مثل قطر ودول أوروبية أخرى، لتحقيق الهدوء في المنطقة

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا