غزة | لم تكن الحملة السعودية الواسعة أخيراً ضد حركة «حماس»، عبر قناتَي «العربية» و«الحدث» اللتين بات محظوراً عملهما في غزة، دخاناً بلا نار، بل هي حريق أُشعل في الإمارات أولاً، فقد كان المبادر إلى نشر تقارير بشأن إمساك جاسوس وهرب آخر من الكوادر الأمنيين والعسكريين في الحركة موقع «أمد»، التابع للقيادي المفصول من «فتح»، محمد دحلان، ثم جاء دور الإعلام السعودي الذي صبّ غضبه على «حماس» بعدما راسلت الأخيرة «أنصار الله» علناً لأول مرة منذ بدء العدوان السعودي ــ الإماراتي على اليمن. برغم أن الهجمة الإعلامية من «أمد» جاءت بعد أيام من مؤتمر جمع نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، صالح العاروري، وأمين السر لـ«اللجنة المركزية لفتح»، جبريل الرجوب، فإن المتحدث باسم «التيار الإصلاحي» التابع لدحلان، عماد محسن، ينفي الرابط بين الحدثين (بالإشارة إلى أن دحلان رحّب علناً بالمؤتمر ونتائجه). يقول محسن لـ«الأخبار»، إن التيار «جاد في بناء شراكة وطنية مع القوى الوطنية بما فيها حماس، وقد سعى إلى إنهاء أكثر من 140 ملف قتل بالشراكة معها إلى جانب العمل الإغاثي عبر لجنة التكافل الوطني». لكن مصادر في التيار نفسه تؤكد أن الخلاف أخذ منحى أكثر حدة منذ مدة بسبب رفض إشراكهم في الحالة السياسية ضمن إطار القوى والفصائل، وكذلك في «الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة».
اشتدّت الحملة بعد مؤتمر الرجوب ــ العاروري ورسالة «حماس» إلى «أنصار الله»

شكوى ردّت عليها مصادر فصائلية بالقول إنه تم إبلاغ تيار دحلان بأن هذا ممكن إذا شكّلوا حالة مستقلة لأنه يصعب التعامل معهم بصفتهم تياراً داخل تنظيم، وخاصة أن «فتح بقيادة محمود عباس قد ترى ذلك تدخلاً في شؤونها وانحيازاً إلى طرف على حساب آخر، ما له تداعيات على بعض الفصائل التي تتلقّى أموالاً من منظمة التحرير»، الأمر الذي ولّد شعوراً لدى دحلان بأن الفصائل تنسق معه فقط عبر «لجنة التكافل» للاستفادة من أمواله كأن دوره ليس أكثر من صراف آلي، على حد تعبير مصادر في «الإصلاحي»، وخاصة مع عجز قائدهم على مدى سنوات عن حل قضايا القتل المتورط فيها عناصره خلال أيام الانقسام (2006 ــ 2007) إذ لا يزالون هاربين خارج غزة. فدحلان، قائد «فرق الموت» كما كان يُشار إليه خلال أحداث الانقسام، صار «قائد فرق إغاثية» منذ عام 2017، وحاول بالمساعدات الممولة إماراتياً تحقيق ما لم يحققه بالسلاح، من نفوذ واقتحام للمشهد السياسي، فشكّل تياراً مستفيداً من وجود أتباع له في بعض مناطق القطاع، وأيضاً من الانقسامات التي عانت منها «فتح» جراء حالة السخط على قيادة الحركة في رام الله وسياساتها تجاه غزة.
تعود المصادر الفصائلية وتوضح أن الحملة، التي بدأتها مواقع دحلان، تترافق مع هجوم إقليمي ضد «حماس»، معبرةً عن تخوفها من البرنامج الأمني والسياسي للرجل الذي يمثل ذراعاً أمنية لولي عهد الإمارات، محمد بن زايد. تقول المصادر نفسها: «تزامن الهجوم السعودي الإماراتي مع رسالة حماس العلنية إلى أنصار الله في اليمن مطلع الشهر الجاري، بعدما بادرت الأخيرة إلى عرض صفقة تقضي بإطلاق ضباط سعوديين مقابل الإفراج عن معتقلي حماس في السعودية». لكن مدير موقع «أمد»، حسن عصفور، يقول لـ«الأخبار»، إن «الحملة الإعلامية الحالية ضد حماس هي تعبير عن رفض النفوذ والتدخل القطري والتركي في شؤون غزة، لأن ذلك يهدف إلى إقامة كيان مستقل تقوده حماس». أما الكاتب والمحلل السياسي القريب من «حماس» إبراهيم المدهون، فيرى أن العلاقة بين «حماس» ودحلان ليست في أحسن أحوالها جراء اختلاف المسارات بين الطرفين، ومع ذلك يرى أنه «ليس شرطاً أن تقطع حماس علاقتها بدحلان إذا اقتربت من (رئيس السلطة محمود) عباس».