بدأت مجموعات صهيونيّة سلسلة جديدة من الإعدامات الميدانيّة للفلسطينيين في الداخل المحتلّ 1948، في شهر أيار الماضي، من خلال إطلاق النار من مسافاتٍ قريبة.
وانطلقت هذهِ السلسلة منذُ الثالث عشر من أيّار حين أُعدم الشابّ مصطفى يونس بعد خروجهِ من المستشفى مع أمهِ، ذاهباً إلى السيّارة، حيثُ أخرجته مجموعة أمنيّة صهيونيّة وأعدمتهُ، ربمّا يعود الإعدام لكونهِ من ذوي الاحتياجات الخاصّة ويعاني من الصرع، فلم ترُق لهم حركاته غير المنضبطة تجاههم ولغته العربيّة والأم المحجبّة. فقرّرت هذه العناصر إعدامه. علماً أنه في اليوم ذاته جرى إعدام الطفل زيد فضل في محافظة الخليل، ما يوضح عُمق ممارسات الإبادة التي لن تختفي بجرّة قلم أو وثيقة حقوقيّة أو هويّة زرقاء.

وأوضح شريط مصوّر الجريمة الصهيونيّة، موثقاً نيّة العناصر بقتل يونس حيث أحاطوا به من كل الجهات وثبتوه على الأرض ومن ثم أطلقوا 7 رصاصات عليه من مسافة قريبة ما أدى إلى مقتله. ومن اللافت أن مقتل مصطفى يونس يبيّن أساليب في التفكير العنصري عند هذهِ العناصر، والمعرفة التي تحصل عليها ضمن تدريباتها، وأنها ضمنياً تُبادر بالفعل والضغط على الزناد تجاه غير المنضبطين وفقَ «معاييرها» ما يجعل هذه الجريمة مضاعفة، مستهدفةً فلسطينيّة مصطفى يونس ومرضه.

في هذا الصدد، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، أمير أوحانا، يوم الخميس، إنّ كل شخص يهاجم شرطياً «دمه في رأسه»، في إشارة إلى قتله.

وأعدمت قوّات صهيونيّة، أول من أمس السبت، إياد الحلّاق، في منطقة باب الأسباط في القدس المحتلة عام 1967، والشهيد الحلاق من الحي المقدسي وادي الجوز، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وبحسب ما ذكر أهالي الشهيد، فإنه كان دائم التردّد على مدرسة للرعاية الخاصّة تقع قرب باب الأسباط.

وزعمت شرطة الاحتلال في بيان صدر عنها أن عناصرها رأوا الشاب وهو يقترب «حاملاً ما يبدو أنه مسدّس». وبحسب ادّعاءات الاحتلال لم يستجب الشاب لدعوات التوقف، «فبدأت المطاردة ومن ثم إطلاق النار عليه». ولاحقاً، بعد استشهاده، اتّضح أنه لا يحمل مسدّساً.

وأوضحت عمليّات الإعدام الميدانيّة التي قامت بها عناصر الاحتلال والاستعمار الصهيوني، باستهدافها لذوي الاحتياجات الخاصّة، بلوغها مستوى جديداً من العنصريّة التي سعت لإبادة ذوي الاحتياجات الخاصّة إبان الحرب العالميّة الثانية في ألمانيا النازيّة وإيطاليا وغيرهما في مراكز «القتل الرحيم». وتُشير هذه الإعدامات في سياقٍ استعمارٍ استيطانيّ إلى أنها تمحو جميع الفلسطينيين سواء كانوا «مواطنين» أو «محتلين»، «مسلحين» أو «متظاهرين»، جميعهم تحت تهديد المحو.

ونعمّق السؤال: ما هو دور الشرطي اليوم في المشروع الصهيوني وخاصّة في الداخل، بما أن أيّ احتكاك مع الشرطة أصبح يسبّب الإعدام الميدانيّ. وبالطبع مصطلح التعدّي أو التهجّم على الشرطيّ كما استخدمهُ أوحانا ضبابيّ، ومن الممكن أن يؤدي «عدم انضباطك» أمامهم أو أن تكون يداك في جيبك مع سلسلة من الانفعالات والخوف إلى مقتلك.

يُذكر أن دور بعض العرب في جهاز الشرطة «الإسرائيلي» منذُ نهاية الانتفاضة الأولى وتلتها الانتفاضة الثانية انتهى. وكان دورهم التالي كعُملاء إسرائيل، في تجهيز وإعادة ترتيب أوراق منظمّات الإجرام في الداخل كمستقلّة عن المنظمات الإجراميّة اليهوديّة بعد تصفيتها حتى عام 2003 في بعض المدن - المستوطنة الإسرائيليّة.

هذهِ العلاقة بين الشرطة والمنظمّات الإجراميّة (العربيّة) قامت بدايةً على أساس أشخاص وأيضاً مصالح، فدور الشرطة لم يعد فقط ممثلاً عن المؤسسة ومهملاً أو عنصرياً في التعاطي مع العرب الفلسطينيين، بل يتجاوز ذلك إلى دور حيويّ رأسمالي، بناء مراكز، «جمع أرباح» من خلال إعداد بنى تحتيّة أمنيّة في القرى والبلدات العربيّة، ويغطّي بالتالي مصالح الهيمنة لكي تضبط بسهولة المجتمعات، في حال حدوث تظاهرات عريضة ونضالات مدنيّة في الداخل، كما حدث سابقاً ضمن أحداث «برافر» والانتفاضة الثانية ويوم الأرض. بالتالي التعدّي على الشرطيّ لم يعد أمراً هيّناً تستطيع أن تتحمله الدولة رمزياً وفعلياً.