العلاقة بين إسرائيل وعدد من الدول الخليجية واحد من أهمّ النجاحات التي حققتها الفكرة الصهيونية في السنوات الأخيرة، خاصة أنها لم تقتصر على تقبّل إسرائيل والإقرار بها وبشرعية وجودها، بل انتقلت إلى الوضوح والعلانية، والعمل كذلك على إشهار التحالف. الأهمّ في هذه العلاقة أنها لم تأتِ مدفوعة الثمن، بل صاحبها تهميش حكام الدول العربية، أو كما تسمّيها إسرائيل «الدول العربية السُّنية»، للقضية الفلسطينية، إلى حدّ إزالتها من جدول أعمالهم.تاريخياً، تَركّز الخلاف بين جناحَي الصهيونية، اليمين واليسار، حول إمكانية التنازل للعرب ومداه، مقابل إمكانية تلقي الأثمان منهم ومداه. إلا أن واقع الأنظمة العربية الحالي أثبت خطأ جناحَي الصهيونية، وأن بالإمكان تلقي الفوائد الكاملة من العرب من دون أي تنازل لهم، بل يُمكن أيضاً الاشتراط عليهم. وهنا تحديداً، يكمن معنى ما يَرِد على لسان المسؤولين الإسرائيليين من أن العلاقة مع «الأنظمة السنية العربية» وصلت إلى مستويات لم تكن حتى قبل سنوات قليلة واردة حتى في المخيّلة الإسرائيلية.
أقدمت الأنظمة العربية، ليس فقط على تهميش قضية فلسطين وإنزالها من سلّم اهتماماتها، بل ووضع مقاوميها ومَن يؤيّدهم ويدعمهم في خانة الأعداء، وهو منتهى الغايات لدى إسرائيل التي باتت في موقع فرض الإرادات والشروط على العرب للتحالف معها. على هذه الخلفية، بات بالإمكان فهم رفض اليمين الإسرائيلي التنازل للفلسطينيين، وعمله على ابتلاع الأرض الفلسطينية كلها من دون استثناءات، وكذلك ما أمكن من أراضٍ عربية، بل ورفضه حتى التنازل عن أقلّ الأمور شكلية أمام الجانب الفلسطيني، ولو لم يكن لها أيّ معنى عملي.
هذا الوضع، بما هو عليه عربياً وإسرائيلياً تجاه فلسطين والحقوق الفلسطينية، يبرّر لتل أبيب الرسمية رفض أي مطلب تسْوَوي يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو من شأنه أن يعيد لاحقاً ــــ بشكل أو بآخر ــــ إحياء التسوية والعملية التفاوضية مع الفلسطينيين. وعلى هذه الخلفية، تحاول إسرائيل إحباط مشروع قرار في الكونغرس الأميركي يؤيد حلّ الدولتين. ووفقاً للإذاعة العبرية، فإن سيناتورات بارزين من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي»، بينهم ليندسي غراهام المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رفضوا طلبات إسرائيلية للامتناع عن الدفع بهذا المشروع قدماً. وأضافت الإذاعة أنّ من المتوقع تبنّي المقترح في مجلس الشيوخ بأغلبية كبيرة.
وأشارت إلى أنّ السفير الإسرائيلي في واشنطن رون درمير، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، يلحّون على السيناتورين غراهام وكريس فان هولين في مطلب شطب تعبير حلّ الدولتين من مشروع القرار، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم لا يعارضون مشروع قرار يدعو إلى مفاوضات مباشرة بين الطرفين من دون شروط مسبقة، ما لم يُشَر إلى الوضع النهائي الذي تهدف إليه هذه المفاوضات. من جهته، لفت موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي إلى أنّ غراهام وفان هولين رفضا حتى الآن المطالب الإسرائيلية. وقالت الناطقة بلسان السيناتور فان هولين إنه والسيناتور غراهام يؤيدان حل الدولتين منذ مدة طويلة، وإنهما يعملان على تبني الكونغرس لهذا الحل.