على رغم ضعف حظوظ نجاحها، في ظلّ الرفض الشامل لها حتى من قِبَل حلفاء الولايات المتحدة، تواصل الإدارة الأميركية مساعيها إلى فرض «صفقة القرن»، مُدشّنة عملية إعلانها التي طال انتظارها بخطوات اقتصادية تأمل أن تنجح في إطفاء جذوة الغضب على ما تخطّط له. من المنامة، التي باتت مختبراً لأي خطوة تطبيعية مع إسرائيل، ستفتتح واشنطن مسار ما تُسمّيه «السلام الاقتصادي». وهو مسارٌ تعمل السعودية بدورها على التوطئة له بجملة مشاريع، يبدو أن نظام «الإقامة المميزة» لن يكون بعيداً منها، في ظلّ ما يكشفه الإعلام العبري من أن النظام المذكور يستهدف استقطاب فلسطينيي 48 بمغريات «العمل والتملّك». لكن كل تلك الخطوات لا يظهر أنها ستؤدي إلى ما تشتهيه الولايات المتحدة وحلفاؤها، بالنظر إلى افتقار الرؤية «الترامبية» لبعد سياسي، و«التغوّل» الكبير الذي تنطوي عليه الخطة حتى إزاء الحلفاء التقليديين وعلى رأسهم السلطة.أكدت غالبية الفصائل الفلسطينية رفضها «ورشة العمل الاقتصادية» التي تنوي الولايات المتحدة الأميركية ومملكة البحرين عقدها في المنامة في الـ25 والـ26 من الشهر المقبل. هدف الورشة صار معروفاً، وهو إطلاق المرحلة الأولى لـ«صفقة القرن»، إذ ستسعى الإدارة الأميركية إلى شراء فلسطين حرفياً، بإقناع الدول العربية والغربية بالاستثمار في فلسطين والدول المحيطة بها (لبنان، الأردن، مصر) بمشاريع بقيمة 68 مليار دولار.
في المقابل، أعلنت السلطة الفلسطينية رفضها المبادرة، قائلة إن أحداً لم يستشرها أو يدعها، فيما رفض السياسيون ورجال الأعمال المحسوبون عليها المشاركة في «ورشة العمل». هؤلاء جميعهم أكدوا عدم حضور المؤتمر، فيما قال المتحدث باسم رئيس السلطة، نبيل أبو ردينة، إن «قرار المشاركة يعود إلى عباس».
على الصعيد نفسه، استنكر عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، مسار التطبيع العربي الرسمي المتمثل في استضافة البحرين «ورشة عمل أميركية صهيونية تهدف إلى فتح الطريق أمام تطبيق صفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية المركزية للأمة تحت عنوان السلام من أجل الازدهار»، مضيفاً أن «التطبيع البحريني مع الإسرائيليين إذعان لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزمرة البيت الأبيض». ودعا البطش «أبناء الأمة وأبناء الشعب البحريني والخليج العربي إلى التصدي لمخططات تصفية فلسطين، ففلسطين ومقدساتها لا تقايَض بالأموال ولا بملء البطون أو الجيوب رغم معاناة الحصار والعقوبات على شعبنا، فهي قضية إجماع للأمة العربية والإسلامية ولا يمكن التنازل عنها». وبعد إعلان غالبية القيادات الفلسطينية رفضها المشاركة، قال وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، أنْ لا «وجود لأي دوافع خفية وراء الاجتماع المقرر في المنامة»، مضيفاً في بيان أن «المنامة ملتزمة تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، والمؤتمر يهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من النهوض بقدراته وتعزيز موارده».
كذلك، دخلت الإمارات على خط مساندة الخطة، بإعلانها في وقت متأخر أمس «الترحيب بورشة العمل الاقتصادية (السلام من أجل الازدهار»، مؤكدة «المشاركة بوفد فيها». وقالت الخارجية الإماراتية في بيان إن أبو ظبي «تقف مع كافة الجهود الدولية الرامية إلى ازدهار المنطقة وتعزيز فرص النمو الاقتصادي، والتخفيف من الظروف الصعبة التي يعيشها الكثير من أبناء المنطقة خاصة أبناء الشعب الفلسطيني».
أما عن المشاركة الإسرائيلية، فقالت القناة الـ13 العبرية إن إسرائيل «تنوي الاستجابة لدعوة الولايات المتحدة للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في العاصمة البحرينية الشهر المقبل في إطار صفقة القرن»، ناقلة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن واشنطن أرسلت دعوة رسمية إلى إسرائيل للمشاركة في المؤتمر، وإن الدعوة أُرسلت بنسخة ورقية، وهي في طريقها إلى إسرائيل عبر البريد الدبلوماسي. كذلك، يعتزم وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، الحضور، وفق ما أعلنه المتحدث باسمه عمري شينفيلد لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، مؤكداً أنه «في حال بقاء كحلون في منصبه الحالي، يريد بالتأكيد المشاركة في القمة».