«لم تكن عملية التوغل الإسرائيلية التي نُفذّت، مساء أمس، معدّة لاستهداف القيادي بركة، وإنما كانت بمثابة مخطط عدواني كبير هدفه خلط الأوراق». هذا ما قالته، اليوم، «كتائب الشهيد عز الدين القسّام»، الذراع المسلحة لحركة «حماس».وفي بيانها، ذكرت أنّ «القوة الخاصة تسلّلت مستخدمةً مركبة مدنية في المناطق الشرقية من خانيونس، واكتشفتها قوة أمنية تابعة للقسام»، الأمر الذي دفع بالأخيرة إلى «تثبيت المركبة والتحقق منها؛ حيث حضر إلى المكان القائد الميداني نور الدين بركة (الذي استشهد بالنتيجة)، للوقوف على الحدث».
وإثر انكشاف القوّة الإسرائيلية «بدأ مجاهدونا بالتعامل معها ودار اشتباك مسلّح أدّى إلى استشهاد القائد بركة وزميله ماجد القرّا، وحاولت المركبة الفرار بعدما تم إفشال عمليتها». ونتيجة لذلك، «تدخّل الطيران الإسرائيلي بكافة أنواعه، في محاولة منه لتشكيل غطاءٍ ناريٍ للقوة الهاربة، منفّذاً عشرات الغارات».
البيان أضاف أنّ «المجموعة من كتائب القسّام استمرت بمطاردة القوة الإسرائيلية والتعامل معها، رغم القصف الإسرائيلي الكثيف، حتى السياج الفاصل بين القطاع وبقيّة الأرض المحتلة عام 1948»، موقعةً «في صفوفها خسائر فادحةً».
وخلال ذلك «هبطت طائرة مروحية عسكرية قرب السياج وأجلت، تحت الغطاء الناري المكثف، القوة الإسرائيلية الهاربة». وكانت «القسام» في هذا الوقت «تطلق النار على الطائرة من مسافة قريبة»، كما جاء في البيان.
وأوضحت «كتائب القسّام» أنّ «الطائرات الحربيّة قصفت المركبة الخاصة بالقوّة المتسللة في محاولة منها للتخلّص من آثار الجريمة والتغطية على الفشل الكبير الذي منيت به هذه القوة ومن يقف وراءها». وقد أسفرت العملية عن استشهاد ستة من عناصر «القسّام»، بالإضافة إلى شهيد سابع من «ألوية الناصر صلاح الدين».
إلى ذلك، حمّلت «القسّام» إسرائيل «المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الخطيرة وتبعاتها». قائلةً إنّ «المقاومة لقّنت الليلة العدو درساً قاسياً وجعلت منظومته الاستخبارية أضحوكةً للعالم».


وفي وقت سابق من اليوم، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، إن «الوحدة الخاصة التي اشتبكت مع القسّام، الليلة الماضية، في قطاع غزة، نفّذت عملية ذات أهمية كبيرة لأمن إسرائيل». وقد أسفرت العملية التي باءت بالفشل عن مقتل الضابط الإسرائيلي برتبة مقدم، محمود خير الدين، وإصابة آخر بجروح متوسطة.
وقد رثته وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف بالقول: «فقدنا الليلة في غزة محارباً كبيراً، متعدّد المهمات، مات خلال تنفيذ عملية مهمة جنوب غزة، ولقد كانت الليلة قاسية علينا، لأن هذا الضابط أسهم بالكثير في أمن إسرائيل». أمّا وزير العلوم الإسرائيلي، أوفير أوكينوس، فرأى أن «على الحكومة الإسرائيلية العودة إلى سياسة الاغتيالات في القطاع».
في غضون ذلك، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن أيزنكوت، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغامان، عقدا «جلسة لتقييم الوضع بمشاركة كبار قادة الجيش وجهاز الشاباك، واستعرضا جاهزية الجيش وقوات الأمن في مواجهة تطورات مستقبلية». وأوضح أن جيش الاحتلال عزّز من وجود «قواته في القيادة الجنوبية العسكرية، وهو جاهز لتفعيل قوة كبيرة لو تطلب ذلك»، في إشارة إلى قطاع غزة.
تأتي هذه التطورات، بعدما قطع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، زيارته إلى باريس من أجل ترؤس اجتماعات أمنية. ولكنّه رفض التصريح لوسائل الإعلام فور خروجه من الطائرة، كما أبعد مساعدوه وحرّاسه الصحافيين عنه.
وأعلن مكتب نتنياهو أنّه سيجري «خلال الساعات المقبلة مشاورات أمنيّة في مقر وزارة الأمن في تل أبيب (الكرياه)، ومن المقرّر أن يشارك فيها وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وآيزنكوت، ورئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس الشاباك، وعدد من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي».
وذكرت القناة «العاشرة» الإسرائيلية أنه بسبب التصعيد في الجنوب تقرّر «إغلاق محطة القطارات في سيديروت ونتيفوت وأوفاكيم (مستوطنات في غلاف غزة)»، مع الإبقاء على قيود الحركة للمستوطنين الإسرائيليين في عددٍ من المستوطنات.