للمرة الأولى منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة عام ٢٠١٤، دوّت صفارات الإنذار، ظهر اليوم، في مدينة بئر السبع المحتلة والنقب الغربي، واللتين تبعدان ٦٠ كيلو متراً عن قطاع غزة، وذلك في رسالة من المقاومة للعدو الإسرائيلي عن إمكانية توسيع رقعة قصفها في حال استمر العدوان الإسرائيلي على غزة. بدوره، صعّد العدو الإسرائيلي من قصفه، واستهدف مبنى «سعيد المسحال للثقافة والفنون»، غربي مدينة غزة، ما أدى إلى «إصابة 18 مدنياً بينهم أطفال»، بحسب وزارة الصحة في غزة. وأفاد شهود عيان بأن «طائرات حربية إسرائيلية أطلقت أكثر من 10 صواريخ على الأقل باتجاه المبنى».
وفي إشارة إلى نية العدو استمراره في العدوان على قطاع غزة، أبلغ مجلس إشكول مستوطني غلاف غزة، في رسالة نصية، أن «الجيش سيستمر في نشاطه بالرد في قطاع غزة خلال الساعات المقبلة، لذلك يطلب من السكان الاستمرار في تعليمات البقاء قرب الملاجئ».
مجزرة الفجر
ثلاثة فلسطينيين استشهدوا، فجر اليوم، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والذي رجّح مسؤول إسرائيلي أنه ليس سوى بداية تصعيد «لا تُرى نهايته».
وفي التفاصيل، أن الأم إيناس (23 عاماً) وطفلتها بيان (خمس سنوات)، وجنينها الذي لم يولد بعد، استشهدوا جميعاً بقصف الطائرات الحربية الإسرائيلية الذي استهدف منطقة الجعفراوي. أمّا الأب محمد الخمّاش فقد اصيب بجراح متوسطة، كما أصيب 12 آخرون بجروح متفاوته، نُقلوا إثرها إلى المستشفيات لتلقي العلاج، بحسب ما قاله المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة.
القصف الإسرائيلي، بدأ في وقت مبكر من مساء أمس، حيث استهدف مواقع عسكرية للمقاومة، مخلفاً شهيداً وهو علي غندور (31 عاماً)، وست إصابات أخرى، قبل أن يتصاعد ويبلغ ذروته فجر اليوم، من دون أن يتوقف حتى اللحظة.
رداً على العدوان، قصفت المقاومة الفلسطينية المستوطنات المحيطة بالقطاع، بقذائف وصواريخ بلغ عددها، بحسب الإعلام الإسرائيلي، مئة وخمسون، وأصيب إثرها ثلاثة إسرائيليين أحدهما بجروح خطيرة. وفي حين اعترضت «القبة الحديدية» 25 صاروخاً فقط، سقطت بقية الصواريخ في «مناطق مفتوحة»، مخلفةً دماراً مادياً في المركبات والبنى التحتية في المستوطنات.
عناصر الدفاع المدني يتفقدون مواقع القصف ( محمد حمس - أ ف ب)

«لا نهاية للتصعيد»
بينما كان أعضاء الجناح السياسي لحركة «حماس» يغادرون قطاع غزة إلى مصر، أمس، وسط أجواء «إيجابية» قد تبشر بموعد اقتراب التوصل إلى «تسوية»، بدأت تل أبيب بشنّ عدوان على القطاع، بلغ ذروته فجر اليوم. وهو ما عبّر عنه مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى في حضور الصحافيين، قائلاً: «أودّ أن أوفّر عليكم طرح الأسئلة، فأنا لا أرى نهاية للجولة (العسكرية) الحالية هذه»، مضيفاً، في سياق تبرير العدوان، أنه «منذ نهاية شهر آذار/ مارس، تسير حماس في طريق المواجهة والاشتباكات، رغبة منها في خلق معادلة جديدة، ووضع آخر في الحلبة الفلسطينية». ومنذ نهاية آذار/ مارس الماضي، بدأ الفلسطينيون في قطاع غزة يتظاهرون أسبوعياً على الشريط الفاصل بين غزة وبقيّة الأرض المحتلة عام 1948، بشكل سلمي. أمّا الرد على هذه التظاهرات التي دعت إلى فك الحصار والعودة، فكانت نتيجته 164 شهيداً وأكثر من 17 ألف جريح!
المسؤول العسكري أوضح أن المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية المصغر (الكابينيت) سينعقد في وقت لاحق اليوم، من أجل تقدير الموقف والخروج بقرارات معينة. ولم يستبعد أن تُخلى المستوطنات الإسرائيلية لفترة محدودة من أجل شن حرب على غزة «تجنباً للمخاطر»، كما لم يستبعد أن يدعو الجيش إلى تجنيد الاحتياط، مشيراً إلى أن تل أبيب أمام احتمال التصعيد.
وفي تعليقه على استهداف الشهيدين أحمد مرجان، وعبد الحافظ السيلاوي، خلال مناورة تدريبية، قال إنه «ليس من المؤكد أن يكون قد تم استهدافهما عن طريق الخطأ»، مشيراً إلى أن «الجيش ليس على علم بتلك المناورات التي أجرتها حماس بالقرب من الشريط الفاصل». وأضاف أنه «إذا كانت حماس ترغب بعدم استهداف كوادرها عليها ألا تقيم مناورات على الشريط»، مدعياً أن الجيش الإسرائيلي «لا يجري تدريبات قرب الحدود لأنه يعرف كيف سيتم تفسيرها من قبل حركة حماس».


المقاومة ترفض المقترح المصري للتهدئة
منذ فرضها معادلة «القصف بالقصف والدم بالدم» نهاية شهر أيار/ مايو الماضي، ما زالت فصائل المقاومة متمسّكة بطرحها. وهو ما ترجمته اليوم برفضها لمقترح الوسيط المصري للتهدئة، مؤكدةً أنها «ستصد العدوان العسكري للاحتلال على الشعب الفلسطيني، وسترفض مقترح وقف إطلاق النار». وأعلنت حركة «الجهاد الإسلامي» استنفار كوادرها في إطار التصعيد المستمر، كما قالت «حماس» إن «المقاومة الفلسطينية تصرّ بكل شموخ وإباء وتحمل للمسؤولية الكبرى، على قلب موازين المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي».
أمّا الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في غزة، فقد أعلنت استهداف العديد من مواقع الاحتلال في غلاف غزة. وأكّدت «كتائب القسّام»، الجناح المسلح لـ«حماس»، أن «المقاومة قصفت موقع رعيم وهو مقر قيادة فرقة غزة الإسرائيلية»، مضيفةً أن «المقاومة تقصف منذ ساعات المواقع الإسرائيلية في غلاف غزة بالرشقات الصاروخية، رداً على العدوان».

القصف الإسرائيلي على غزة فجر اليوم (محمد حمس - أ ف ب)

ضمن الإطار نفسه، قال المتحدث باسم «لجان المقاومة»، أبو مجاهد، إن «العدو الإسرائيلي هو من بدأ وبادر بالعدوان، موغلاً في دماء أبناء شعبنا الفلسطيني والمقاومة»، وعليه «سيدفع العدو ثمن جرائمه والتي كان آخرها مجزرة عائلة أبو خماش».
من جهتها، نشرت «كتائب المقاومة الوطنية»، الجناح العسكري لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، مشاهد لقصف مستوطنة سديروت بصاروخ من نوع «107»، مؤكدةً استمرارها «في الدفاع عن الشعب الفلسطيني بكل الوسائل حتى لجم عدوان الاحتلال الإسرائيلي».


حمد يلتقي عباس
استقبل أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الدوحة اليوم. وقالت وكالة الأنباء القطرية، «قنا»، إن عباس أطلع آل ثاني على «مختلف تطورات الأوضاع في دولة فلسطين، والجهود المبذولة في عملية السلام، والمصالحة الوطنية، والتصعيد الإسرائيلي الخطير في قطاع غزة».