«حوّل» مقال مشترك في صحيفة «واشنطن بوست» اشترك في صياغته كبار مسؤولي الإدارة الأميركية المعنيين في شؤون المنطقة ومسار «التسوية»، إدارة بلادهم، إلى «مجرد ناطق باسم إسرائيل» كما وصف المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، وأضاف أن «تبني غرينبلات وكوشنر للرواية الإسرائيلية، ومهاجمتهما المستمرة لحماس يعكس مدى تفاهة الإدارة الأميركية التي تحوّل مسؤوليها إلى مجرد ناطقين باسم الاحتلال الإسرائيلي».
وفي مقالتهم المشتركة، عرض كل من كوشنر، وغرينبلات، وفريدمان، على حركة حماس، تسهيلات اقتصادية مهمة لقطاع غزة، مقابل ما أسموه «وقف الإرهاب ضد إسرائيل، وإعادة جنودها الأسرى»؛ حيث تقتضي الخطة الأميركية التي طرحها هؤلاء صيغة معينة من المساعدات الإنسانية توُفَّر لغزة، بواسطة ترتيبات على مستوى دولي. ولكن ذلك كله منوط بوقف كل أنشطة المقاومة، بدءاً من إطلاق الصواريخ، مروراً بالطائرات الورقية والبالونات الحارقة، وصولاً إلى تظاهرات «مسيرات العودة وكسر الحصار». بالإضافة إلى ذلك، على الحركة إعادة الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2014.
هؤلاء المسؤولين، ألقوا المسوؤلية عن الحالة الإنسانية الصعبة التي يعانيها القطاع على الحركة، معتبرين أن إنجازات وتسهيلات اقتصادية من شأنها تحسين حياة الفلسطينيين المحاصرين منذ 11 عاماً، ستحصل فقط «إذا ساعدت حماس في ذلك».
المقالة التي كتبها من يُعتبرون «وسطاء لعملية السلام»، جاءت متماهية تماماً مع الرواية الإسرائيلية المُضللة والتي تفتقر إلى الحد الأدنى من الأدلة المنطقية، والحقائق الموضوعية. فقد تجاهلت الإدارة الأميركية مسؤولية إسرائيل عن الحصار المفروض على القطاع منذ عقد من الزمن، وألقت بالمسؤولية على المقاومة «التي تخوض حرباً خاسرة». وبلغ الحد بوقاحة هذه الإدارة إلى الطلب من «حماس» الاعتراف بإسرائيل «كحقيقة قائمة منذ سبعين عاماً»، والقبول بهذا الطرح الذي «بات مقبولاً على مستوى دول كثيرة في الشرق الأوسط».
يأتي الاقتراح، بالتوازي مع تجديد الاتصالات والوساطات لتحقيق المصالحة بين «حماس» و«فتح»، وقد كُتبت المقالة المشتركة بعنوان «المساعدة في متناول الفلسطينيين. الأمر يعتمد على حماس». ودعا المسؤولون الأميركيون الحركة إلى انتهاج ما أسموه «سياسية جديدة من أجل سكان غزة»، معتبرين أن «قيادة حماس تستخدم سكان القطاع المحاصر كأسرى لديها». وادعى هؤلاء أنه «في نهاية رحلة مثمرة استغرقت ستة أيام إلى المنطقة أخيراً، كانت هناك حقيقة واضحة بشكل مؤلم: كابوس قيادة حماس مستمر ويطيل، دون داعٍ، معاناة الشعب الفلسطيني في غزة».
وبالعودة إلى تجدّد الاتصالات بين الحركتين الفلسطينيتين، قال رئيس المتكب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، إنه «اتصل هاتفياً برئيس الاستخبارت العامة المصرية عباس كامل، أبلغه أن الحركة تتفق مع خطة لتجديد عملية المصالحة مع فتح». وبحسب ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر غير رسمية، فإن «خريطة الطريق المصرية التي وافقت عليها حماس تتكون من أربع مراحل، سيستغرق تنفيذها أربعة أشهر. وبموجب بعض المراحل، ستوقف السلطة الفلسطينية جميع العقوبات التي يفرضها الرئيس أبو مازن على قطاع غزة، ثم يتبع ذلك مناقشة إدارة القطاع سياسياً واقتصادياً بين الجانبين».
كوشنر وغرينبلات وفريدمان شدّدوا على أن «قيادة حماس، تعامل سكان القطاع كرهائن لديها. يجب الاعتراف بهذه المشكلة، وإلا فإننا سنشهد جولة أخرى مدمرة»، مدعين أن ذلك هو ما «تسبب بوصول نسبة الفقر إلى 53% وتجاوز معدل البطالة بين أهالي القطاع نسبة الـ49%». أضافوا أنه «لا يوجد سبب يمنع الفلسطينيين (في الضفة الغربية وغزة) من تحقيق النجاح الاقتصادي والاندماج في الاقتصاد الإقليمي ــ إذا سمحوا لنا بالمساعدة... كما قال الرئيس ترامب عدة مرات، فإن الأمن الاقتصادي هو الأمن القومي الذي سيحقق الاستقرار».
كذلك، أثار هؤلاء في مقالتهم «المعضلة» التي تواجه الدول المانحة، على قاعدة «هل يجب مساعدة المدنيين مباشرة، من ضمن ذلك أن تكون هناك مخاطرة لتمويل الإرهابيين؟ أو أنه يتوجب وقف تمويل حماس والتحقق من المواطنين الذين يفترض أن تسيطر عليهم حماس؟». وادعوا أنه «في الماضي، حوّلت الحركة المنح والاستثمارات في البنية التحتية إلى أسلحة واستخدامات خبيثة أخرى». وبحسب هؤلاء، فإن «البنى التحتية التي دُمرت في (بعض الأحيان) كانت نتيجة للظروف التي أوجدها عنف حماس... هناك جهات لديها موارد وجاهزة للدخول إلى العمل والتمويل. ولكن بدون إحداث تغيير حقيقي مصحوب بضمانات أمنية، فإن التقدم يبدو مستحيلاً».