يمر الوقت ثقيلاً على سكان تجمع «الخان الأحمر» جنوب القدس المحتلة، فهم لا يملكون سوى ٤٨ ساعة لمغادرة بيوتهم تمهيداً لهدمها من قبل جيش العدو الإسرائيلي وإقامة مستوطنة إسرائيلية مكانها. التجمّع تحوّل وبأمر من جيش الاحتلال إلى منطقة عسكرية مغلقة، وكل الطرق الداخلية والمؤدية إليه مغلقة. ففي ساعة متأخرة من فجر اليوم، دهم الجيش تجمع «الخان الأحمر»، وسلّم السكان أوامر إغلاق الطرق، والإعداد للإخلاء. هذه الإجراءات اعتبرها رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، «محاولة لحصار التجمع واعتصام المواطنين والمتضامنين، ومنع وصول المتضامنين إليه»، مؤكداً أن «أرض التجمع مملوكة بالكامل ومسجلة في «الطابو» لأهل بلدة عناتا المجاورة»، لكن هذه الأوراق لا تقنع المحكمة العليا الإسرائيلية التي رفضت التماس سكان التجمع وأمرت الحكومة بهدم البيوت متى وجدت ذلك مناسباً.
مواجهات اليوم
أصيب عصر اليوم 35 فلسطينياً بعدما اعتدت قوات الاحتلال عليهم، خلال محاولتهم التصدي لعملية تشريد سكان «الخان الأحمر». وقالت مصادر صحافية محلية إن قوات الاحتلال «اعتدت بوحشية على الناشطين في محاولة صدّهم لعملية هدم القرية». وذكرت المصادر أن «قوات الاحتلال استخدمت العصيّ في قمعها للفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة بعضهم برضوض، كما اعتقل عدد (غير محدد) من النشطاء». وكانت قوات جيش العدو قد دهمت فجراً التجمع، وشقت طرقاً فيه تمهيداً لهدمه، يوم الجمعة المقبل، إذ بدأت عمليات المسح وأخذ القياس التي أجراها ممثلو «الإدارة المدنية»، التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ الأحد الماضي، وذلك لفحص امكانية إدخال المركبات والجرافات في أزقة التجمع.

تاريخ صراع التجمع مع المستوطنين
في آب/ أغسطس من عام 2017 أعلن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن وزارته تستعد لإخلاء سكان «خان الأحمر» وقرية سوسيا، إذ كان الاحتلال قد طلب من السكان الانتقال إلى المنطقة التي خصّصتها «الإدارة المدنية» على أراضي قرية أبو ديس، وهو ما رفضه أغلب أبناء القرية. ويعيش اليوم ما يقارب ١٩٠ فلسطينياً في التجمع، الذي يقع في بادية القدس الشرقية. ويخوض سكان التجمع منذ 2009 معركة ضد أوامر الهدم، وضد الأوامر التي تمنع إقامة مبان عامة، كالعيادات والمدارس.


التجمعات البدوية
تعيش عشرات التجمعات العربية الفلسطينية البدوية في المنطقة الواقعة بين القدس وأريحا، بينها عشيرة الجهالين، التي كانت تتنقل في مناطق النقب. وخلال نكبة 1948، طرد جيش العدو تجمعات بدوية كثيرة من النقب، إلى الضفة الغربية المحتلة. ومع احتلال الضفة الغربية، عام 67، ضيّق الاحتلال الحيّز الذي يتنقلون فيه بما يلائم نمط حياتهم، ومنعهم من الوصول إلى مصادر المياه والرعي، بواسطة الإعلان عنها مناطق إطلاق نار.
وتفاقمت معاناة هذه التجمعات في أعقاب «اتفاقية أوسلو»، وتوسيع المستوطنات وشق الطرق الالتفافية. وبعدما مُنع الفلسطينيون من سكّان الضفة الغربية من دخول القدس، ضمن سياسة عزل المدينة عن الضفة، فقد الفلسطينيون البدو في المنطقة السوق المركزي لبيع منتجاتهم.