شكّل التهديد الإيراني بوصلة الكلمة التي ألقاها وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وغيره من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين، في المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب في مركز هرتسيليا المتعدد المجالات. وحضرت الانتصارات التي حققها محور المقاومة في سوريا في خلفية ومفردات المواقف التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون.
من هنا رأى ليبرمان أن «المصدر الوحيد للإرهاب في الشرق الاوسط هو إيران»، موضحاً ذلك بالقول إنه «لولا إيران لما كان حزب الله وحماس موجودين». ورأى أيضاً أن «نقطة البداية» للمرحلة التي تمر بها حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، كان انتصار «الثورة الإيرانية». ومع أن الخطاب السياسي والدعائي الإسرائيلي يركّز بشكل مقصود على المفردات التي تحاول تعزيز الصراعات المذهبية، إلا أنه اضطر إلى القول إن «الإرهاب (المقاومة) السنّي والشيعي مدعومان من قبل إيران بشكل أو بآخر». وتناول وزير الامن الإسرائيلي رؤيته للظروف التي تسهم في اتساع نطاق المقاومة على المستوى الشعبي، حيث أفرغ فيها مزيجاً من المفردات التي تعكس الخلفيات الإسرائيلية، فضلاً عن الأداء التشويهي الذي تتلاقى فيه إسرائيل مع أنظمة وقوى سياسية عربية تهدف الى تطويق حركات المقاومة. لكنه خلص إلى أن أيّ حركات مقاومة، التي هي بتعبيره «إرهاب»، تحتاج إلى «إطار سلطوي مساند وموجه، بصورة علنية أو سرية»، مشدداً على أنه «من دون هذا العنصر لا تستطيع حركات المقاومة الوجود وهي مسألة مهمة جداً». من هنا رأى أن مصدر التهديد على إسرائيل، من زاوية دعم حركات المقاومة، هو «نظام (إيراني) يرتكز على أيديولوجيا متطرفة. ومن يمثله هم (مرشد الجمهورية الاسلامية) آية الله السيد علي خامنئي و(قائد قوة القدس في الحرس الثوري) قاسم سليماني». ولفت إلى أن إيران هي «القوة المنظمة والقادرة على التخطيط لخطوات بعيدة المدى وتوفير موارد مالية ومادية كثيرة». وعلى هذه الخلفية، تأتي إشارته إلى أنّ «نسبة كبيرة من ميزانية حزب الله تصل من طهران»، مؤكداً أن الأمر ينطبق أيضاً على حركتي حماس والجهاد الاسلامي اللتين لا تستطيعان البقاء من دون إيران». كذلك لم ينسَ الحديث عن أنصار الله في اليمن، والنظام السوري، وعلى رأسه الرئيس بشار الأسد. وبعد هذا العرض، شدد على أنه «ينبغي على كل العالم الحر أن يفهم أن المشكلة هي إيران».
وفي مناسبة أخرى، تطرق إلى كلام نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ضد إسرائيل، مقترحاً «على جيراننا في الشمال عدم اختبارنا». وأضاف «نحن نأخذ جميع التهديدات بجدية. وأنا لا أقترح عليهم اختبارنا، وأنا لا اقترح الدخول في مواجهة، لأنه من ناحيتهم سينتهي هذا الأمر بشكل سيّئ».
من على المنصة نفسها، شدّد رئيس البيت اليهودي ووزير التعليم نفتالي بينت على ضرورة «أن لا تلهينا النشاطات التقليدية لإيران عن التهديد النووي الذي تشكله على إسرائيل»، معتبراً أن «إيران النووية خطر وجودي على إسرائيل». وبهدف شرح مستوى خطورة طهران، لفت الى أن «سقوط صاروخ نووي إيراني على إسرائيل هو إبادة. في المقابل، أيّ ضربة إسرائيلية في إيران هي ضربة قاسية لكنها لن تكون إبادة لإيران». وأشار إلى أن «إيران النووية ليس مثل أيام الحرب الباردة»، مضيفاً أن النظام الإسلامي في إيران «على ما يبدو عقلاني، ولكنه موجّه دينياً». ولا يقتصر التهديد النووي الإيراني – بنظر بينت ــ على كونه يشكل خطر إبادة لإسرائيل، بل أيضاً لأن «إيران النووية لها أثر على المجتمع الإسرائيلي، وهو يمسّ بالفكرة الصهيونية». وأشار إلى أنّ هناك فرقاً كبيراً بين الدول. وتابع بالقول إن «إيران النووية هذه تشكل مظلة أمنية لمبعوثيها»، في إشارة الى حركات المقاومة. وخلص إلى أن إسرائيل «لا يمكنها التسليم بوضع كهذا، ولن نسلم بوضع كهذا».
وحدّد بينت الخطوط الحمراء إزاء أيّ اتفاق جديد في سوريا: عدم وجود إيراني في هضبة الجولان، خروج إيران من سوريا كلها، معبّراً عن تقدير خاص، بدا أنه أقرب إلى الأماني، أن سوريا ستتحول الى فييتنام بالنسبة إلى إيران في حال قررت التمركز فيها. وهو ما يتعارض مع التحذيرات الرسمية الأمنية والسياسية من هذا التمركز.
في السياق نفسه والمناسبة نفسها، وصف الوزير يسرائيل كاتس إيران بأنها «كوريا الشمالية الجديدة، وينبغي العمل في مقابلها الآن حتى لا نتأسف غداً على ما لم نقم به بالأمس». ودعا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى «ضرورة مطالبة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، خلال لقائهما على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة بعد 10 أيام، بتجميد أو تغيير أو إلغاء الاتفاق النووي مع إيران». وتأتي هذه المواقف في ظل النقاشات التي تجري داخل الادارة الاميركية إزاء مستقبل هذا الاتفاق، حيث يفترض أن يُعلم الرئيس ترامب الكونغرس في 15 تشرين الاول، ما إذا كانت إيران تلتزم بالاتفاق أو تخرقه. واستغل كاتس الأزمة الكورية التي رأى فيها دافعاً لإلزام إيران بالتوقيع على اتفاق جديد لا يمكّنها من التقدم النووي، «خاصة أن الاتفاق شكّل غطاءً لتطوير الصواريخ ودعم الإرهاب».
وكرر الموقف الإسرائيلي الذي يحذر من مفاعيل مستقبل الوضع في سوريا على إسرائيل. وعلى هذه الخلفية، دعا نتنياهو إلى ضرورة مطالبة ترامب بمزيد من التدخل في سوريا وعدم تركها لروسيا. وشدد على ضرورة أن تؤدي الادارة الاميركية دوراً فعالاً في كل ما يتعلق بالمحافظة على مصالح الامن القومي في الاتفاقات والواقع الذي يتبلور في الساحة، وعدم إبقاء الملعب لإيران وحلفائها. ورأى أن على الادارة الأميركية أن تفهم أن معركة كبح إيران في المنطقة ينبغي أن تجري أيضاً في سوريا. وحذّر من أنهم في إيران قد «يُحضرون صواريخ من أنواع مختلفة إلى سوريا، وتوفير قوة كبيرة بشكل دائم مجهزة بميليشيات شيعية هدفها تهديد ومقاتلة إسرائيل».