كتب أسعد أبو خليل بمقال مقتضب في جريدة "الأخبار" اللبنانية عن اتهامات مزعومة، نسجها من خياله وهو جالس يشرب القهوة وهو يشعر باشمئزاز نحو العراق وحكوماته المتعاقبة بعد حكم ديكتاتوري. يبدو أن أسعد لم يعرف تاريخه. وقد تحدّث بلغة ومفاهيم غير واضحة عن الطائفية في السياسة العراقية. ويبدو أن أبو خليل لا يعرف أن أول من تضرّر في العراق هم الشيعة، وكيف كانوا حطباً لجهنم وللسيارات المفخّخة التي كانت تنفجر بمعدّل عشر سيارات يومياً في بغداد وحدَها.عندما تحدّث أبو خليل عن الفساد يبدو أيضاً، كأنه لا يقرأ عن الدول التي تُحتل من قبل الغرب، وتحديداً من قبل الولايات المتحدة الأميركية، التي تركت الفاسدين، من الذين تربّوا لديها، كيف يحكمون ويسرقون العراق والعراقيين.
لا أحد ينكر وجود ملفات فساد في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003، وهذا الأمر كان مفهوماً في ظل مرحلة من عدم الاستقرار سادت العراق تلك السنوات. لكنّ الواقع، أن الحكومة الحالية تسعى لتقوم بواجبها بفتح ملفات الفساد الخطيرة من الحكومات الماضية، وإعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج.
أستغرب عندما يتهم أسعد أبو خليل العراق وسياسيّيه بعلاقتهم مع الكيان الإسرائيلي، وأبو خليل يعلم جيداً أن مواقف العراق حاسمة وجازمة تجاه القضية الأم، أي القضية الفلسطينية. وبقي موقف العراق ثابتاً، وعبّرت عنه المكوّنات كافة، من المرجعية الدينية العليا التي أعلنت مئات المرات عن مواقفها الثابتة من فلسطين وتبنّي حقوق شعبها في أرضه، وتكريس العداء الراسخ للكيان الإسرائيلي الغاصب.
أما عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وحكام البيت الأبيض، فيبدو أن أبو خليل غير مطّلع على الوقائع السياسية في العراق، والتي تظهر أن الشعب العراقي يرفض بصورة دائمة أي وجود للقوات الأميركية على أرضه. وكانت لهذا الشعب صولات وجولات ما زالت إلى يومنا، ويجري التعبير عنها، من خلال هيئة الحشد الشعبي البطل، والفصائل المسلّحة التي كانت السدّ المنيع للعراق والأمة الإسلامية. وكل هذه المكوّنات، كان لها مواقفها الثابتة الداعمة للقضية الفلسطينية والمندّدة بجرائم العدو في غزة، وحتى اليوم، لا تزال فصائل المقاومة العراقية توجّه الضربات النوعية إلى موانئ الكيان الإسرائيلي.
صديقي أبو خليل...
لا أحد يزاود على الشعب العراقي في وطنيته وانتمائه، ومواقفه البطولية تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية. وقد بات العراق عقبة كبيرة أمام واشنطن، التي تعلن العداء للعراق وللحشد الشعبي، وتنفّذ أميركا حقدها من خلال الاغتيالات المتكررة لقادة الحشد الشعبي، وآخرهم كما تعلم أبو تقوى، ومن قبله خيرة القادة والأبطال، مثل أبي مهدي المهندس والحاج القائد قاسم سليماني وغيرهما من أضاحي الشهادة والحرية، ويبدو أنّك لا تعلم حجم التضحية التي يقدّمها العراق وشعبه تجاه القضايا المصيرية للأمة الإسلامية.
أدعو أبو خليل لزيارة العراق، والاطّلاع على الأوضاع، قبل كيل الاتهامات التي تهدف إلى تشويه صورة تعكس صورة العراق الحديثة، ولكنّ قلمك خانك جداً، ولا تعلم أن "سبايكر وحدَها" تمثّل قصة كبيرة ينبغي أن تقرأها وتقف عندها لتتعلّم دروساً عن التضحية والشهادة قدّمها شباب كانوا يريدون الدفاع عن وطنهم، هم من الجنوب والأوسط العراقييْن.

*باحث سياسي عراقي