تعلن الولايات المتحدة الأميركية سياساتها الخارجية بشكل مباشر عبر وثائق قانونية ملزمة للمؤسسات والعاملين فيها، وهم بمئات الألوف، وتتم مراقبة أعمالهم وتقييمها وفق هذه الوثائق. ورغم أن تلك السياسات، عندما يتم تطبيقها، تؤدي إلى عدد لا يحصى من الأزمات والآلام حول العالم، فإن النص الذي يتضمن تلك السياسات يظهر كوثيقة إنسانية/أخلاقية، وليس ثمة اشكالية في اللغة المستخدمة في وثائق الأمن القومي، لكن عندما نعرج على الوثائق المدنية، فإننا نحتاج إلى التمحيص لندرك كيف يتم بناء المشاريع التدخلية الاجتماعية/الثقافية وإعطائها الجاذبية والمشروعية من خلال نص قانوني يقدم كل المداخل الرئيسية لبناء المشروعية والمقبولية من قبل الجهات التنفيذية في المجتمعات المستهدفة. ولسوء حظ تلك المجتمعات، فإنها لا تزال تفتقد الدفاعات المعرفية الضرورية للتملص من عملية الخداع والتوظيف الأميركي، وتتحوّل نخبها بذلك إلى ضحايا ومن ثم إلى أدوات للهيمنة الأميركية.الوثيقة التي نحن بصدد الاستفادة منها كنموذج، صادرة عن وزارة الخارجية في حزيران 2019 تحت عنوان «استراتيجية الولايات المتحدة حول المرأة، السلام والأمن»، وهي ضمن برنامج ثلاثي يضم وثيقة أخرى تحت عنوان التمكين الاقتصادي للمرأة، ووثيقة جامعة بين الاثنتين تتعلق بالقضايا المشتركة وتستهدف توظيف المرأة في مواجهة «الإرهاب».
تعبّر هذه الوثيقة عن الاستراتيجية الكلية لاجتذاب وإقناع وتطويع واستتباع وتوظيف المجتمع النسائي حول العالم لخدمة المصالح الأميركية الأمنيّة، وتتسم هذه الوثيقة، كما كل الوثائق الاستراتيجية الأميركية، بنسبة من الغموض والالتباس، الأمر الذي ينعكس بشكل تلقائي على برامج «تمكين النساء» حول العالم وإمكانية فهم أهدافها بدقة، وهي تتحرّك وفق هذه الوثائق الثلاث.

طبيعة التدخّل
تعتبر الولايات المتحدة أن قيامها بالتدخل في شؤون عائلة موجودة في قرية نائية وبعيدة آلاف الكيلومترات حقاً طبيعياً لها، فتعمل على إعادة تشكيلها وفقاً للمصالح الأميركية وتحاول تعديل نظام حياتها بما ينسجم مع الثقافة والسياسات الأميركية بطرق ووسائل متعددة، بغض النظر عن مصالح تلك العائلة ومستقبل حياتها.
يعرّف مارك هوفمان، المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة لندن الاقتصادية، عمليات التدخل بالتالي: «يمكن تفسير التدخل (أو عدم التدخل) على أنه فعل تجاوز أو تأكيد أو تحول في الهويات والحدود بينها». هناك تحميل للهويات غير الأميركية (إقرأ: الغربية) لعناصر من الهوية الأميركية، تخول المؤسسات الأميركية، العاملة في تطبيق السياسة الخارجية، ممارسة تأثير غير عادي على تلك الهويات، بحيث تتحول الفئات القابلة لحمل تلك العناصر إلى أدوات فعالة ومدمجة ضمن الاستراتيجية الأميركية، وهذا ما ستبيّنه وثيقة «المرأة، السلام والأمن» وسائر الوثائق التي تتعلق بالنفوذ المدني/الاجتماعي.
يمكننا إحالة هذه العملية إلى مفاهيم وعناوين أخرى من قبيل الإمبريالية الثقافية التي يوضحها بشكل وجيز وخصب الباحث الأميركي من أصول ألمانية هانس مورجنتاو، في كتابه الشهير «السياسة بين الأمم»، بالقول: «ما نقترح تسميته بالإمبريالية الثقافية هي الإمبريالية الأكثر دقة، وإذا نجحت بمفردها، فهي أكثر السياسات الإمبريالية نجاحاً. إنها لا تهدف إلى احتلال الأراضي أو السيطرة على الحياة الاقتصادية، ولكن إلى غزو عقول الرجال والسيطرة عليها كأداة لتغيير علاقات القوة بين دولتين. إذا كان بإمكان المرء أن يتخيّل الثقافة، وبشكل أكثر تحديداً، الأيديولوجية السياسية، بكل أهدافها الإمبريالية الملموسة، للدولة "أ" التي تغزو عقول جميع المواطنين الذين يحددون سياسات الدولة "ب"، فإن الدولة "أ" ستحقق نصراً أكثر اكتمالاً وستكون قد أسست سيادتها على أسس أكثر استقراراً من أي فاتح عسكري أو سيد اقتصادي. لن تحتاج الدولة "أ" إلى التهديد أو استخدام القوة العسكرية أو استخدام الضغط الاقتصادي لتحقيق أهدافها؛ ولهذه الغاية، فإن خضوع الدولة "ب" لإرادتها، كان سيتحقق بالفعل من خلال إقناع ثقافة متفوقة وأيديولوجية سياسية أكثر جاذبية». ومن بعد توضيح المفهوم يشير مورجنتاو إلى التوظيف الواقعي: «الدور النموذجي الذي تلعبه الإمبريالية الثقافية في العصر الحديث تابع للطرق الأخرى. إنها تلطف العدو، وتهيئ الأرضية للغزو العسكري أو الاختراق الاقتصادي»، هذا التوظيف الذي سيظهر بشكل أكثر قرباً في الوثيقة المقصودة بالبحث.
يتم تعليل عمليات التدخل الأميركي على أساس «نشر القيم» الأميركية، ويتم استخدام الأفكار والعناوين الليبرالية من قبل الحزبين الجمهوري والديموقراطي بنفس الوتيرة، كما أن برامج وزارة الخارجية في قضايا المرأة وسائر مجالات التدخل المدني بقيت على حالها خلال الإدارات الحربية (عهد بوش الإبن مثالاً) وفي مراحل الحروب البديلة (مرحلة أوباما) وحتى خلال رئاسة ترامب الذي يهين المرأة علناً (حربه الذكورية على هيلاري كلينتون كنموذج من خطاب عام) وهو للمفارقة الرئيس الذي صدرت الوثيقة في عهده. لذلك، فإن الاتجاه الليبرالي في السياسات الداخلية، والذي يمثّله الحزب الديموقراطي مقابل الحزب الجمهوري المحافظ الذي يدعو إلى الالتزام العائلي والشخصي، يتحول إلى سياسة تقليدية في العمل الخارجي، حيث تتحول الأفكار والمفاهيم إلى أدوات لتحقيق المصالح. ويشير القسيس الأميركي روبرت ماكلروي في كتابه «الأخلاق والسياسة الخارجية الأميركية» إلى أنه «في مثل هذا العالم من المنافسة الشديدة بين الدول، هناك مجال ضئيل للاختيار الهادف من جانب صانعي القرار في الدولة، وحتى مساحة أقل لاختيار القيم الأخلاقية التي تتعارض مع المصلحة الوطنية»، ويؤكد الباحث نفسه على هيمنة الاتجاه الواقعي في السياسة الدولية بما يحوّل الشعارات حول الحرية وحقوق المرأة إلى أدوات يتم تسخيرها لتحقيق مصالح واقعية مباشرة، أمّا الأفكار الليبرالية النظرية فلها قصة أخرى، يذكرها ماكلروي في سياق تاريخي: «ظهرت مجموعة الباحثين الليبراليين في السياسة الدولية بين الحربين واعتقدوا أن مرحلة ما بعد الحرب الأولى ستكون الأكثر استقراراً وعدلاً وسلاماً من أي مرحلة في التاريخ البشري، واعتقدوا أن سبب الحرب لم يكن طبيعة الفرد البشري بل طريقة التفاعل بين الدول في علاقاتها، ويمكن تفادي الحرب من خلال تغيير البرنامج السياسي، واعتقدوا كذلك بأن التفاعل العميق بين الدول سيؤدي إلى منع الحرب تبعاً للتداخل الاقتصادي والثقافي». هذه الأفكار نفسها تتم إعادة قولبتها ونشرها رغم عدم ارتباطها بالوقائع التاريخية، وسنشاهد نماذج لذلك في الوثيقة حول المرأة، بما يوضح كيفية استخدام الشعارات المثالية لتشريع العمليات الواقعية، ونفهم بالتالي كيفية رصف كلمات: المرأة، السلام، الأمن، في عبارة واحدة تشكّل عنوان الوثيقة.

منهج التلاعب بالخطاب
ما نرمي إليه هنا هو كشف النقاب عن ميكانيزمات اللغة المستخدمة، بحيث تلزم مؤسسات الهيمنة قانونياً، وتستخدم في الوقت عينه في إقناع الضحايا بضرورة العمل لمصالح الأميركي، وتمنع المحتجين الناقدين للسياسة الأميركية من الفهم الواضح لتلك البرامج والإجراءات، فتنال مشروعية متفاوتة في كل الساحات والشرائح.
تلعب اللغة دوراً فائق الأهمية هنا، حيث تعطي المشروعية للهيمنة وتحدّد فلسفة ومعايير برامج النفوذ المبنيّة على أساس إقناع النساء بالمشروع الأميركي، فلسنا أمام نص نظري أو شكلي بعيد عن الوقائع، بل إن ما تتعرض له المرأة في ساحات النفوذ الأميركي من استهداف ببرامج إعلامية وإغاثية وثقافية إنما ينبع ويتلخّص في هذا النص، والذي يرفق به نص آخر هو الوثيقة العملانية التطبيقية التي تعمل على تنفيذها منظمة التنمية الأميركية. وعندما نعالج لغة هذه الوثيقة إنما نفهم كل هذا الاستهداف وبرامجه التي تصرف فيها عشرات المليارات من الدولارات، وقد أشارت وثيقة الأمن القومي لحكومة بايدن إلى «مضاعفة عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على تمكين النساء والفتيات»، كما أننا نفتح المجال لمنهجية في فهم النص الأميركي الرسمي في المجالات الأخرى ووثائق أخرى كذلك.
نستفيد من دراسات الباحث في اللسانيات في جامعة فرايبورغ الألمانية ديديه مايلات، الذي عمل على التدقيق في أشكال التلاعب في الخطاب، وتفيدنا تعريفاته في تشكيل خلفية أولية عن المعالجات التي سنقوم بها تجاه نص الوثيقة، فالتلاعب الخطابي حالة عامة ولا تتعلق بالسياسة الخارجية للدول، بل هي أسلوب بشري سلبي في التحكم بقرارات الآخرين واستخدامهم، لكنها تشكل صلب الخطاب الخارجي لأغلب دول العالم.
يقترح ديديه فهماً للتلاعب «على أنه محاولة تواصلية مؤلفة من خطوتين، لتضليل عملية اختيار السياق عند تفسير الكلام. ونجادل كذلك في أن مثل هذه المحاولات تستغل بشكل منهجي نقاط الضعف أو العيوب المتأصلة في النظام المعرفي البشري»، إخراج المعرفة من سياقها، حيث يأتي الخطاب معزولاً عن التجربة الواقعية، ويقوم بمهمة تقديم المتكلم ونواياه بطريقة مختلفة عن الحقائق المعروفة، لكن بفعل الاقتطاع من السياق وعزل الكلام عن الماضي السلوكي للمتكلم، يتم تأطير وعي وإدراك المتلقي ضمن الخطاب نفسه حصراً، بعيداً عن المعطيات الأخرى المتوفرة في الذاكرة والتداول، لكن ما يتم تقديمه هو مواد معرفية ضحلة السياق، كما يرى ديديه، أي إنه تم إرفاقها وإسنادها إلى سياق غير مكتمل، «الخطاب المتلاعب هو شكل من أشكال الاتصال الذي يضع المرسل إليه في حالة حيث سيتم توجيهه إلى افتراضات عملية ضحلة السياق. وبالتالي، فإن التلاعب يشكل شكلاً من أشكال القيود المعرفية على اختيار الافتراضات السياقية».
يتم استغلال عيوب النظام المعرفي البشري، كما يشير ديديه، حيث لا يمتلك الجميع القدرة على ربط السياقات، خصوصاً عندما يكون المتلقي متأثراً مسبقاً بهوية المتكلم وسطوته، وبشكل أخص إذا كان الخطاب مدروساً بدقة بحيث لا يثير حساسية أو انتباه المتلقي لأي فكرة نقدية. يشير ديديه إلى آلية متناسبة مع هذه العملية: «يكمن التحوّل التواصلي الذي أدخله الخطاب المتلاعب في القيود أو القيود الخارجية التي يفرضها المتلاعب على العملية التفسيرية، على الرغم من أن العملية نفسها لم تتغير».
أحد العوامل المساعدة على هذا الفصل السياقي هو مخاطبة رغبات المتلقي وإرضاؤه، ففي تعريف ديديه «التلاعب هو ظاهرة موجهة نحو الهدف في جوهرها مصممة لإرضاء اهتمام المتحدث»، والغاية النهائية هي بناء شراكة تبادلية تصب لصالح منتج الخطاب المتلاعب مع فوائد جزئية للمخاطب، فهي صفقة جائرة في النهاية، «المتلاعبون يجعلون الآخرين يعتقدون أو يفعلون أشياء تصب في مصلحة المتلاعب وتتعارض مع مصالح من يتم التلاعب بهم»، على أن هذه الشراكة تتم دون تصريح، فالمتلاعب يقدّم نفسه بريئاً غير مغرض، يقول ديديه، «يكون الاتصال تلاعباً عندما يحتفظ المتحدث ببعض المعلومات ذات الصلة، أو يقدّم المعلومات المناسبة حتى يستنتج المستمع أنه يجب أن يتصرف بطريقة تحابي مصالح المتحدث، دون أن يكون على علم بذلك». ما نراه في الخطاب الأميركي وأسلوب الاستمالة المعتمد تجاه الشرائح الاجتماعية المستهدفة من قبل وزارة الخارجية يستند إلى تقديم الخدمات للفرد المستهدف دون مقابل مشروط، ومن ثم استتباع المستهدف ليحقق الأميركي مكتسبات تمس الأمن القومي والازدهار المستقبلي للبلاد التي يعيش فيها الفرد المستهدف بالخدمات، وهذه هي لعبة المحاباة.

تحليل الوثيقة
تؤسس الوثيقة التي نروم التحقيق بشأنها لشراكة بين فئة اجتماعية مدنية فردية وبين الدولة الأكثر نفوذاً وتدخلاً في شؤون الدول الأخرى في العالم، والأكثر شناً للحروب واستخداماً للعنف في التاريخ البشري، شراكة تقوم على أساس التنمية والتمكين والتطوير لوضع تلك الفئة الاجتماعية، النساء تحديداً، بالمقابل يحصد الأميركي السلام والأمن. وإذا وضعنا هذين المفهومين في السياق التاريخي للسلوك الأميركي، سنجد تلقائياً أن المعنى المقصود هو السلام للمصالح الأميركية والأمن للولايات المتحدة، وهذا ما سيعكسه نص الوثيقة بشكل موارب لكننا سنضيئ عليه من خلال التحليل.
تقوم الفرضية الأساسية لعملية تحليل النص، على أساس أن الأميركي يقوم بهندسة الأفكار وتطويع الإرادات لدى الفئة المستهدفة المتلقية لبرامجه التنموية، من خلال الخدمات غير المشروطة، التي يقوم بها تحت مظلة «واجبات الرجل الأبيض». وكما تقول الباحثة الأميركية من أصول هندية في قضايا النسوية جياتاري سبيفاك، حول السياسات الأميركية في المجال النسوي، أنها تقدّم نفسها تحت الشعار التالي: «الرجال البيض ينقذون النساء السمر من الرجال السمر»، استغلال أي شعور بالضعف أو المظلومية للتقدّم نحو عملية انقاذ، وهذا لا يتعلق بالتدخل الاجتماعي فقط، بل حتى التدخل السياسي إلى جانب الأقليات واستخدام شعار «حق تقرير المصير» الذي تدعمه الولايات المتحدة ليتاح لها استغلال حالة الأقليات وتسعير النزاعات، وهي الدولة التي تنتهك هذا الحق (تقرير المصير) في جميع أنحاء العالم.
تجدر الإشارة إلى أن السياق النقدي الذي نعمل عليه، لا يتناول استفادة المرأة من الخدمات غير المشروطة، بل إن تحليل النص سيبيّن كيفية هندسة الأميركي لبرنامجه التوظيفي، فاستجابة المرأة واستفادتها ليست هي المشكلة، المشكلة في استغلال الأميركي لهذه الاستجابة، ومضمون الرسائل الثقافية التي يبنى عليها هذا الاستغلال.

توجيه العاملين
نقطة أساسية ينبغي الإلفات إليها قبل الخوض في النص نفسه، وهو المعنى المتوجه إلى العاملين في وزارة الخارجية، بدءاً من المخططين للبرامج إلى الجهات الرقابية إلى جهات التدريب إلى المنظمة الأميركية للتنمية وصولاً إلى العاملين ما وراء البحار في المنظمات المدنية التي تخترق المجتمعات المستهدفة. هذه الوثيقة بطبيعة الحال، ككل وثيقة رسمية، تهدف لإعطاء دفع لحركة العاملين في المؤسسة التي تصدر عنها تلك الوثيقة، ومن جملة ما تقدّمه الوثيقة التي بين أيدينا لهؤلاء العاملين:
1) إعطاء لغة تبرر لهم القيام بعمليات الاختراق والاستتباع تجاه أنفسهم ومجتمعهم
2) إعطاء تبرير وأداة لتسويق عملياتهم لدى المجتمعات المستهدفة
3) الحفاظ على التناغم بين الخطاب الأكاديمي النظري وبين الخطط التنفيذية
4) التوفيق بين الأفكار المثالية المتعارف عليها اجتماعياً وإنسانياً وبين برامج الهيمنة
5) تنسيق الأعمال والمصالح والغايات بشكل يتجاوز الدفاعات لدى الآخرين.
اللافت في هذا النص الرسمي، أنه يقوم بكل هذه الوظائف تجاه العاملين، وفي نفس الوقت يقوم بعملية الإقناع تجاه المستهدفين.

التحكّم بالمستهدفين
يعمل الخطاب في الوثيقة كأداة للتحكم بالمستهدفين، بالتزامن مع الوعود التي يقدّمها لهم بالخدمات المختلفة، بما يسمح له بإقناعهم بتقبل الهيمنة واعتبارها فرصة للشراكة مع القوي، كما يقدّم، عبر الخدمات غير المشروطة، صورة الخيريّة الأميركية المجانية وتقبّل سلة القيم والسياسات غير المعلنة والملحقة بصورة الخيريّة الأميركية البريئة، والمصالح الأميركية المشروعة. من ناحية أخرى، وفي طريقه لتحقيق المصالح الفردية للمستهدفين، فإنه يشرع ويخفي ويغفل عمليات تقويض المصالح الوطنية للمستهدفين أنفسهم، فهذه الخدمات التي يقدّمها الأميركي تشكّل جزئية من مسرح الهيمنة على الموارد في البلاد التي يتم تقديم المساعدات لها.

عمليّات قلب المعنى
تتم عمليات قلب المعنى في الوثيقة المعنونة بـ«المرأة، السلام والأمن»، عبر ستة ثنائيات أساسية: التنمية تمهّد للزبائنية، الشراكة يتم تحويلها إلى توظيف، المساعدة تتيح المجال للاستغلال، الإنقاذ طريقاً للاستتباع، الحرية كمفتاح للإتاحة، والتمكين كمبرر لزرع بذور النزاعات. هنا نكون قد وصلنا إلى عملية التحليل المباشرة للنص، والتي ستنقلنا إلى الفهم المباشر لآليات بناء الخطاب المهيمن، وهو الجزء المركزي في عملية الهيمنة، كما يشير هانس مورجنتاو في كلامه عن الإمبريالية الثقافية، لأنه يؤسس لإقناع المستهدفين بضرورة تقبّل الهيمنة وفوائد الخضوع لها. سنخرج المفاهيم من السياق الضحل، بتعبير ديديه، ونعرضها في سياق الوقائع الفعلية، حينها سندرك كيف تمّت عملية قلب المعنى، ونبيّن المعنى الحقيقي للكلمات الست.

1-التنمية/الزبائنية
سنأخذ نموذجين أساسيين للسياق التاريخي السلوكي الأميركي، لبنان بعد حرب 2006، وإيران خلال الأحداث الأخيرة بعد وفاة مهسا أميني، فالتنمية التي يروج لها الأميركي ويمارسها على الأرض، بطرق خطابية ومالية وعملياتية، إنما ترنو لتحويل المرأة المستهدفة إلى زبون يخدم المصالح الأميركية مقابل التنمية، وبغض النظر عن تجاوب المستهدفين، فإننا سنبيّن من خلال السياق التاريخي أن المعنى الحقيقي لكلمة التنمية إنما هو تأسيس الآلية الزبائنية.
- العبارة الأولى التي نعالجها في النص هي: «التأكد من حصول النساء والفتيات على وصول آمن ومتكافئ إلى المساعدة الإنسانية»، في النموذج اللبناني حيث تعرّضت نساء لبنان للويلات خلال الحرب التي مولتها أميركا وشنّها الكيان الصهيوني المؤقت بالأسلحة الأميركية، وفي النموذج الإيراني حيث أدّى الحصار المطبق الذي أعطاه ترامب اسم «الضغوط القصوى» إلى تراجع الشروط المعيشية للمرأة الإيرانية، تبدأ عمليات التنمية الأميركية لتأسيس الزبائنية، فالوصول الآمن للمساعدات إلى النساء في مناطق النزاع يعني بحماية أميركية وتشريع التحرّك الأميركي الأمني تحت حجة إيصال المساعدات إلى النساء، وبشكل متكافئ لإعطاء النساء خصوصية وإطباق عملية العزل النفسي عن باقي المجتمع بهدف فتح المجال لعلاقة خاصة مع المؤسسات الأميركية.
- العبارة الثانية هي: «تنمية وتعزيز النساء المؤهلات في عمليات السلام، وبعثات حفظ السلام، والإدارات الوطنية، بما في ذلك على مستويات القيادة العليا في جميع المجالات ذات الصلة، بما في ذلك السياسية، القطاعات الديبلوماسية والتنموية والعسكرية على قدم المساواة مع نظرائهم من الرجال»، في الدول المستهدفة بالحصار والإجراءات الاقتصادية العدوانية والحروب المباشرة أو عبر الوكلاء، يكون السعي لوصول المرأة إلى مواقع قيادية بتشجيع ودعم أميركي، بغض النظر عن طبيعة تجاوب المرأة، هادفاً إلى تحويلها إلى زبون للمؤسسة الأميركية، تقوم بإتاحة المؤسسات الأمنية للتدخل الأميركي دون عوائق.

2-الشراكة/التوظيف
في مقولة الشراكة، كيف يمكن لشراكة أن تقوم بين امرأة في دولة مستهدفة وبين قوة عظمى؟ ما هي عناصر التبادل في هذه الشراكة؟ وما هو ميزان التكافؤ بين الطرفين؟ وهل يمكن أن تسمّى علاقة كهذه بالشراكة؟ لا يعبّر النص بشكل مباشر عن شراكة بين الولايات المتحدة والنساء بطبيعة الحال، وإنما يوجّه الجهات الفاعلة تحت المظلة القانونية لوزارة الخارجية الأميركية بالعمل على إشراك المرأة في نشاطات محددة في بلادها، مثلاً: «تشجيع المشاركة المتزايدة والهادفة للمرأة في مبادرات قطاع الأمن التي تموّلها حكومة الولايات المتحدة»، ماذا تستفيد الولايات المتحدة من هذا التوظيف القائم بتمويل أميركي؟ عملياً يفترض أن تؤدي مشاركة المرأة في الأجهزة الأمنية برعاية ودعم ودفع أميركي، إلى توظيف هذه المرأة لصالح الجهة الراعية والتي تشرف على عملها مهنياً وإلكترونياً حيث أصبح يتمحور العمل الأمني حول الخوارزميات بشكل رئيسي، خصوصاً إذا عرفنا أن هذا التمويل الأميركي في المجال الأمني يخدم المصالح الأميركية، وتشرف عليه أجهزة الاستخبارات، بالمقابل تقتضي المحاباة أن تصبح نظرة هذه المرأة للأميركي الذي يشجّع ويموّل ترقيها الاجتماعي نظرة إيجابية تفاعلية بشكل تلقائي.
يصل النص إلى قضية التدخّل الأميركي الديبلوماسي والعسكري والإنمائي وإشراك النساء في الدول المستهدفة بالتدخل في تلك «الأنشطة»، يفترض النص هنا مسبقاً مشروعية تلك التدخلات ويحاول تقديمها على أنها لخدمة «النساء» في البلدان المستهدفة، «تشجيع إشراك القيادات النسائية والمنظمات النسائية في منع النزاعات وحلها، وفي جهود بناء السلام بعد الصراع. عند الاقتضاء، ستقود التدخلات الديبلوماسية والعسكرية والإنمائية للولايات المتحدة بالقدوة من خلال إشراك النساء الأميركيات في مثل هذه الجهود، وستشرك القيادات النسائية المحلية كشريكات حيويات»، بناءً على تجارب التدخل الأميركي في البلدان المختلفة، فإن إشراك القيادات النسائية المحلية في التدخلات الديبلوماسية والعسكرية والإنمائية من خلال تعزيز مشاركتهن السياسية والتمكين والقدرات والتطوير المهني، توظيف يخدم تلك التدخلات التي تحقق المصالح الأميركية. فما الفارق بين استهداف شعب بأكمله واستهداف نسائه؟ وهل يمكن أن يحتل الأميركي بلداً أو يحاصره ويقدّم المساعدة لنسائه؟ ولماذا يقوم بإشراك النساء في تلك التدخلات وبأي هدف؟

3-المساعدة/الاستغلال
من أساليب الخداع البشرية التقليدية هي استغلال الآخرين عند حاجتهم للمساعدة، لكن ما هو غير تقليدي هو خلق الحاجات من خلال توليد الأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم تأتي المساعدة الأميركية، وهذا ما يحصل في عمليات التدخّل الأميركية المختلفة، ويعبّر النص بشكل صريح أن «النساء والفتيات أكثر أماناً، وحماية أفضل، ويتمتعن بفرص متساوية للوصول إلى برامج المساعدة الحكومية والخاصة، بما في ذلك من الولايات المتحدة والشركاء الدوليين والدول المضيفة»، لا يقصد بـ«أكثر أماناً» عدم تعرّض النساء للمخاطر، حيث إن الوثيقة تتحدّث بشكل رئيسي عن حماية المرأة وحساسيتها تجاه الأزمات والمخاطر، ولكن أكثر أماناً بالنسبة للمؤسسة الأميركية، بحيث لا تجد الكثير من العوائق والحواجز الأمنية والسياسية والنفسية للاتصال بالفئات النسوية، وهذا ما يتيح لها استغلال هذه السلاسة في التعامل والتواصل لتحقيق أهدافها.
في مستوى متقدّم من الوثيقة، توضح وزارة الخارجية الأميركية أن التدخلات الأميركية تأخذ بعين الاعتبار استغلال وضعية النساء خلال الأزمات، «تصميم التدخلات الديبلوماسية والعسكرية والإنمائية للولايات المتحدة في المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث لتحقيق أقصى قدر من الحماية للنساء والفتيات، والسعي لضمان حصول النساء والفتيات على المساواة في الوصول إلى العدالة، والمساعدة الإنسانية، والرعاية الطبية المناسبة، والنفسية الاجتماعية». هنا تفترض الوثيقة إمكانية الاستفادة من النساء في تصميم التدخلات الأميركية في الدول الأخرى تحت عنوان الحماية للنساء، في حين إن هذه التدخلات نفسها تؤدي إلى تشريد النساء وقتلهن وتخريب حياتهن المعيشية والاقتصادية.

4-الإنقاذ/الاستتباع
في ساحات الحروب والأزمات، ونقصد هنا المناطق التي أنتج فيها الأميركي الحروب والنزاعات، أو تلك المناطق التي يستغل الأميركي حصول الحروب والأزمات فيها، على أن أولويتنا في منطقتنا لسلوكيات زرع الأزمات والحروب الأميركية، التي يعمل خلالها على توظيف الموقع الاجتماعي للنساء وخصوصياتهن النفسية والعاطفية لكبح حالات المقاومة، «أصبحت النساء أكثر استعداداً وقدرة بشكل متزايد على المشاركة في الجهود التي تعزّز السلام المستقر والدائم»، وهنا تجدر الإشارة إلى «السياق الضحل»، حيث إن تعزيز السلام من قبل الدولة الأكثر قياماً بالحروب في العالم، يعني بشكل بسيط هو تعزيز سلام القوات والمصالح الأميركية، من خلال الشراكة مع النساء، بحيث يستتبع فئة لصالح تحقيق السلام له.
يؤكد النص مراراً حرص وزارة الخارجية الأميركية، ومن خلفها الحكومة في واشنطن، على حماية أمن النساء: «تتم حماية أمن النساء والفتيات وحقوق الإنسان واحتياجاتهن- من قبل حكوماتهن، مع تعزيزها حسب الاقتضاء بقوات إقليمية أو غيرها من قوات قطاع الأمن- حتى يتمكنوا من المساهمة بشكل هادف محلياً ووطنياً وعالمياً». هنا نعود للسياق الضحل مجدداً، حيث أن تشجيع الدول على إنقاذ النساء من قبل الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تسبباً بتخريب الأمن الدولي والأمن المحلي للدول، يسمح للأجهزة الأميركية باستتباع المرأة وتحويلها إلى فئة تتطلع دوماً إلى الحماية الأميركية.

5-الحرية/الإتاحة
بعد تعزيز «السياق الضحل» بالوقائع وتخصيب السرد الأميركي الرسمي بمشهد السلوكيات والسياسات الأميركية الحاشدة بشكل لا يخيب الذهن، نرى العبارة التالية في النص: «تعزيز القيم الأميركية للحرية الفردية والحرية الدينية»، بالمعنى الآتي: الحرية الفردية تعني إتاحة الأفكار والمشاعر والعقول والقلوب لعمليات الإقناع الأميركية، الهادفة للاستتباع والتوظيف، فكيف يمكن الجمع بين تمويل العدوان الصهيوني على لبنان وبين نشر منظمات المجتمع المدني الممولة أميركياً في نفس القرى والأحياء التي دمرتها الصواريخ الأميركية للترويج لأفكار الحرية؟
مع مواكبة العديد من البرامج الثقافية التي تنشرها هذه المنظمات نفهم أن نشر الحرية والقيم الأميركية والقصف بالصواريخ له هدف واحد، وتساهم وزارة الخارجية الأميركية في كلا القرارين في وقت واحد وفي غرفة واحدة. أمّا في قضية الحرية الدينية، فنجد أن الولايات المتحدة تحارب الحجاب في إيران، بينما تتغنى باحترامه في ساحات كثيرة، ذلك أن الحجاب في إيران يعني هوية ثقافية/سياسية ترفض الهيمنة، ولذلك ينتفي مفعول الحرية الدينية هنا، وهذا ما يبيّن طبيعة مفهوم الحرية ومغزاه والغاية من استخدامه، وما يترتب عليه من المفاهيم والشعارات والإجراءات والرموز الثقافية والسلوكيات والبرامج الميدانية.
يستذكر النص عبارة من وثيقة أخرى، هي وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» التي صدرت في عهد ترامب، حيث «أشارت استراتيجية الأمن القومي أيضاً إلى أن "الحكومات التي تفشل في معاملة النساء على قدم المساواة لا تسمح لمجتمعاتها بالوصول إلى إمكاناتها [بينما] المجتمعات التي تمكّن المرأة من المشاركة الكاملة في الحياة المدنية والاقتصادية تكون أكثر ازدهاراً وسلماً"». بالعودة إلى استكمال السياق، الاعتماد في استراتيجية الأمن القومي على مفهوم الحرية وإعطاء المرأة حرية المشاركة لإتاحة الفرصة للأميركية للتدخّل في نصف المجتمع، وربط هذه المشاركة بالازدهار والسلام، غير مفهوم السبب، خصوصاً إذا أخذنا قائمة بالدول التي تتدخّل فيها الولايات المتحدة في شؤون المرأة، لا نلاحظ التحسن الاقتصادي والسياسي فيها، رغم التطور الكبير في مساحة حركة المرأة الناتج عن التغيرات الاجتماعية والثقافية المتراكمة. كما أن الولايات المتحدة تتدخل في شؤون المرأة في الدول التي تعطي للمرأة مساحة غير معتادة في الحياة العامة مثل الجمهورية الإسلامية، وذلك للاستفادة من الفرص الممكنة للتدخل.

6-التمكين/النزاع
الثنائية الأخيرة في القراءة تقع في المستوى الاجتماعي، حيث تهدف إلى عزل الفئة المؤنّثة في المجتمع عن الفئة المذكّرة، وخلق النزاع بين الطرفين، بالاستفادة من التفاوت وتوزيع الأدوار والخلافات والنزاعات الشخصية والعائلية والاجتماعية القائمة في أغلب المجتمعات حول العالم. تقرّر وزارة الخارجية «دمج وجهات نظر المرأة ومصالحها في منع النزاعات، وحل النزاعات، وأنشطة واستراتيجيات بناء السلام بعد الصراع، بما في ذلك النساء من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً، من خلال التشاور مع القيادات النسائية المحلية في تصميم وتنفيذ وتقييم مبادرات الولايات المتحدة»، هنا في المستوى الأوّل تمكين المرأة برعاية أميركية من دمج «وجهات نظرها» في منع النزاعات، والاستفادة منها في تصميم وتنفيذ وتقييم مبادرات الولايات المتحدة، يجعل فئة النساء جزءاً من المشروع الأميركي في مواجهة الفئات المعارضة للتدخّل الأميركي.
المستوى الثاني للتمكين يتعلّق بمحاربة الإرهاب، «الجهود المستمرة لمعالجة الأثر السلبي للإرهاب والتطرف العنيف تكون أكثر فعالية واستدامة عندما نقوم بتمكين النساء والفتيات ليصبحن مشاركات فاعلات وقادة في منع الإرهاب والعنف السياسي والتصدي لهما». يفترض بنا الانتباه إلى أن تعريف الإرهاب في القاموس الديبلوماسي الأميركي يصيب حالتين: إمّا حالة المقاومة التي يحاربها الأميركي، وإمّا الحركات الإرهابية المتطرفة التي يموّلها الأميركي سرّاً ويوظّفها لفتح المجال لهيمنته وتدخّله ومحاربة المقاومة. إعطاء المرأة الدور لمواجهة حالة المقاومة، التي هي المستهدف الأساسي للتدخلات الأميركية، هو هدف مركزي لمشروع التمكين. وتقول السيدة لورا بوش، زوجة الرئيس الأميركي جورج بوش الذي احتل جيشه أفغانستان بعد حادثة الحادي عشر من أيلول، معبّرة بشكل واضح عن التكامل بين الأعمال الحربية وبين تحرير المرأة: «إن الحرب ضد الإرهاب هي أيضاً كفاح من أجل حقوق المرأة وكرامتها». وإذا أخذنا الوضعية الخاصة للمرأة في أفغانستان، فإن علينا أن نلتفت إلى أن «داعش» التي هي أداة أميركية هي الأكثر فتكاً بنساء أفغانستان، وإلى أن الحروب التي أدارتها الولايات المتحدة في هذا البلد الفقير قد حوّلت حياة النساء والرجال فيه إلى جحيم.
المستوى الثالث يبين الوظيفة التفصيلية للمرأة في المشروع الأميركي في مكافحة رافضي الهيمنة، «تمكين المرأة كشريك في منع الإرهاب ومكافحة التطرف والتجنيد. ويشمل ذلك تعزيز أصوات التعددية والتسامح، وتقويض قوة الأيديولوجيات الإرهابية؛ تقويض تجنيد الإرهابيين، ورفع مستوى الوعي بديناميكيات التطرف والتجنيد من خلال التواصل والتدريب والتبادلات الدولية». يعتبر النص أن المرأة أقل ميلاً للعنف، وبذلك يحاول توظيفها في مواجهة القوى التي تعترض طريق الجيش الأميركي وحلفائه من دول وحركات إرهابية، وذلك من خلال تأثيرها على دوافع الالتحاق بحركات المقاومة نظراً لتحمّلها تأثيرات الخسائر البشرية في عائلتها على الصعيد النفسي والحياتي.

مهسا أميني
شهدت الجمهورية الإسلامية خلال المرحلة الفائتة تجربة مباشرة لتحويل قضية المرأة إلى تهديد أمني، حيث تم استغلال وفاة السيدة مهسا أميني لتفجير أزمة أمنية متعددة المجالات والأبعاد: المرأة، الأقليات القومية، المذاهب الإسلامية، الخلايا الإرهابية، الوضع المعيشي.
بالرغم من أن إيران تحتل موقعاً مرموقاً لناحية دور المرأة في الساحات العائلية والاجتماعية والسياسية فيها، إلا أن الأميركي، وتحت عناوين حقوق المرأة، كان قد نثر بذور النزاع في بعض البيئات الاجتماعية وقد نضجت على أكثر من محور، بالتزامن مع الرغبة الأميركية لإخضاع المفاوض الإيراني وتسليم إيران لقرارها السياسي والاقتصادي، لكن الشرارة كانت من قضية نسوية، وهكذا يمكن أن نفهم أكثر كيفية اتصال المفردات الثلاث: المرأة، السلام والأمن.

* باحث