بحسب مسح أجراه مركز أبحاث الرأي العام بجامعة ماساتشوستس لويل، خلال الشهر الماضي، فإنَّ هناك 59% من ناخبي الحزب الديموقراطي داخل ولاية ماساتشوستس يعارضون إعادة ترشح الرئيس جو بايدن لولاية ثانية في انتخابات 2024. ويُظهر المسح، الذي شمل 800 عيّنة بهامش خطأ بنسبة 3.9%، تفضيل الناخبين الديموقراطيين ترشُّح وزير النقل بيتي بوتيجيج بنسبة 53% مقابل معارضة 23%، متقدماً على نائبة الرئيس كامالا هاريس (51% إلى 38%)، وعضو مجلس الشيوخ عن الولاية إليزابيث وارين (47% إلى 42%)، والسيناتور بيرني ساندرز (42% إلى 47%).
(تصميم محمد معلّم)

لم يكن مستغرباً وجود حاكم الولاية تشارلي بيكر، وهو من الحُكَّام الجمهوريين القلائل المعارضين للرئيس السابق دونالد ترامب، في المركز الرابع (45% إلى 37%)، من بين 18 شخصية شملها الاستطلاع. بيد أنَّ ثلاثة أسماء تذيّلت القائمة كان حضورها أكثر إثارة من غيرها: قائدة المنتخب الأميركي النسائي لكرة القدم ميغان رابيون، ومؤسّس موقع فايسبوك مارك زوكربيرغ، ومغنية البوب تايلور سويفت. تزامن ظهور الاسم الأخير مع فوزها بثلاث فئات في حفل توزيع جوائز «إم تي في» الأسبوع الماضي.
صحيح أنَّ 5% فقط (مقابل معارضة 84%) من الناخبين يرغبون في رؤية تايلور سويفت مرشحة للرئاسة (غالباً ضد ترامب) في الانتخابات الرئاسية القادمة، إلَّا أن مجرد وجود اسمها في حد ذاته أعاد للأذهان مواقفها السابقة ضدَّ الأخير، وتأثيرات المشاهير على سير الانتخابات الرئاسية. لا ينسى الأميركيون تغريدة سويفت «سَنُصوِّت ضدَّك في نوفمبر (2020)»، في أعقاب جريمة مقتل جورج فلويد، متهمةً الرئيس السابق بتأجيج مشاعر التفوق الأبيض والعنصريَّة. بصفتها صاحبة خامس أكبر حساب على منصة «تويتر» (86 مليون متابع) حصدت تغريدتها مليونيْ إعجاب وأعاد نشرها قرابة نصف مليون شخص.
منذ ذلك الوقت تراجعت سويفت إلى المركز السابع، مع زيادة طفيفة في عدد متابعيها إلى 91 مليوناً، واقتصرت تعليقاتها على بعض القضايا الاجتماعية، مثل منع الوصول إلى الإجهاض الاختياري وجرائم القتل الجماعي (مِن قبل المتطرفين البيض). بيد أنَّ إعلانها أخيراً عن إطلاق ألبومها العاشر في 21 تشرين الأوّل المقبل أعادها قصراً إلى حلبة الصراع السياسي الجمهوري-الديموقراطي. يعود ذلك بشكل خاص إلى تغريدة المُعلّق السياسي نيك أدامز: «يجب أن يصدر كيد روك ألبوماً جديداً في نفس اليوم مثل تايلور سويفت». بالنسبة إلى أدامز، المعروف بولائه المُطلق لترامب، فإنَّ الأميركيين يتوقون إلى «الموسيقى الحقيقية ذات الكلمات المحفزة للفكر والعاطفة. (و) مَن أفضل مِن كيد روك ليقوم بذلك؟ أنا أضمن أنَّ ألبومه سوف يتفوق على ألبومها».
لا يتوقف أدامز عند هذا الحد. «تحت قيادة جو بايدن، أصبحت أميركا منقسمة أكثر من أي وقت مضى في تاريخنا منذ الحرب الأهلية، (لكن) الموسيقى توحِّدُ الناس معاً. أميركا لا تحتاج إلى أغانٍ جديدة من تايلور سويفت. أميركا بحاجة إلى ألبوم جديد من كيد روك في أسرع وقت ممكن لإعادة توحيد البلاد!». وإشارته إلى الحرب الأهلية تزامنت مع استطلاع رأي أجرته مجلة «ذي إيكونوميست» جنباً إلى جنب مع شركة «YouGov» بالخصوص (54% من الجمهوريين الموالين لترامب يعتقدون باندلاع الحرب خلال العشر سنوات القادمة).
لا يُلحّ أدامز على إصدار روك ألبوماً جديداً من فراغ. اشتهر الأخير قبل سنوات بغنائه أمام علم الكونفدرالية. وفي نيسان الماضي، شارك ترامب في إحدى حفلاته بولاية إنديانا، باعتباره «أحد أفضل الفنانين في عصرنا»، ووصف جمهوره بأنه «العمود الفقري للبلاد، وطنيُّو الروك أند رول المجتهدون الذين يتقون الله».
يبدو مثل هذا التنافس الموسيقي المُفترض قبل أسبوعين من موعد الانتخابات انعكاس للذائقة الموسيقيَّة على الميول السياسيَّة: بينما تُحفز أغاني روك البيض والكونفدراليين في الجنوب، تُمثّل موسيقى سويفت التيار الليبرالي السائد، خاصةً عند الجيل الأصغر سناً. إلى ذلك، يوصي أدامز العائلات الأميركية: «ربّوا أولادكم ليكونوا مثل كيد روك وكايل ريتنهاوس (شاب أُدين بجريمتَيْ قتل قبل أن تتم تبرئته أخيراً)، وليس مثل تايلور سويفت وهاري ستايلز!». هكذا يبدو، بالعودة إلى مسح جامعة ماساتشوستس لويل، أن القلة التي اختارت سويفت كانت تمتلك، بشكلٍ ما، وجهة نظر حيال الاستقطاب السياسي الدائر في الولايات المتحدة.

* صحافي