أكرمني الأستاذ بيار أبي صعب بالكتابة عني بغضّ النظر عن رأيه إيجاباً أو سلباً ببسام أبو شريف.ولقد وقع الأستاذ بيار أبي صعب في عدّة أخطاء حاول الصديق الأستاذ مكرم خوري، الأستاذ في جامعة كامبريدج أن يصحح بعضها أيضاً من باب الاحترام للأستاذ بيار أبي صعب ومن باب ذكره للحقائق حسبما يعرفها واطّلع عليها، لكن رغم ذلك أرى أنه لا بدّ لي من سرد الحقيقة لأن الحقيقة هي التي أملك أنا وقد لا يعرف كثيرون أجزاء منها أو معظمها أو بعضها.
الخطأ الكبير الذي وقع فيه صديقي الأستاذ بيار أبي صعب هو أنه ألبسني ثوب أوسلو وما لبسته في أيّ لحظة من لحظات حياتي السياسية، بل كنت ضد هذا الثوب لعلمي الأكيد عن النوايا التي تختفي خلف تلك الدعوة التي وُجهت إلى الرئيس ياسر عرفات من خلال بعض الإخوة المحيطين به ولم أكن من بين هؤلاء ، كنت مستشاراً خاصاً للرئيس ويُنظر إليّ من قبل الآخرين على أنني لست ابن فتح وأنني يساري وأنني أحاول أن أجرّ ياسر عرفات إلى مواقف بعيدة عن ما تفكر به مجموعة من قيادة فتح التي كانت ترى في المفاوضات السلمية طريقاً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلّة.
منذ عام سبعة وثمانين عندما استقلت من الجبهة الشعبية توجّهت إلى الجزائر حيث لي من الأصدقاء عدد كبير من المناضلين، أقمت بينهم معزّزاً مكرّماً أراجع أوراقي وأعيد التدقيق في حساباتي السياسية وأقرأ وأفكر في المستقبل، كان ذلك في عام سبعة وثمانين، وكنت أتابع بدقّة تلك المفاوضات التي كانت تجري بين غورباتشوف وريغان في قمم متعددة آخرها كان في قمة موسكو في نهاية أيار، القمة التي أنهت الحرب الباردة والتي أسقطت الاتحاد السوفياتي والشيوعية، قبل تلك القمة كان قد التقى غورباتشوف بريغان في مالطا، وكتبت حينها حتى لا نكون في مالطا مثل ما كنا في يالطا، أشرت إلى أنه لا بدّ للعقل الفلسطيني من أن يطرح تصوراً لحل قضية شعب فلسطين يكون مقبولاً على الصعيد العالمي وعلى صعيد الأمم المتحدة وشرعية قراراتها، أي الممكن في الحد الأدنى لإعطاء شعب فلسطين حقّه في تقرير المصير وإن كان على جزء من تراب وطنه السليب.
وكنت أتتبّع بدقة ما يدور في الأرض المحتلة منذ عام اثنين وثمانين، كان هنالك احتقان متصاعد نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة في الضفة الغربية وقطاع غزة ونتيجة الصدام المستمر والمتقطّع جغرافياً ضد قوات الاحتلال من قبل الشعب الفلسطيني، لكنّ التصعيد الصهيوني ملأ الجو بما يحتقن به وما يقربه من الانفجار، وفي عام سبعة وثمانين انطلقت الانتفاضة الأولى، الانتفاضة الأولى التي أُسميت انتفاضة الحجارة، لكن تتبّعي للوضع في فلسطين كان قبل انفجار الانتفاضة الأولى، كانت عملية التراكم التي تتم تدريجياً تُصعّد من درجة الحرارة وتُقربها من مرحلة الانفجار.
في تلك الفترة أي قبل الانتفاضة وفيما أنا أجلس صباحاً باكراً في بيت استضافني فيه إخوة مناضلون في الجزائر إذ فوجئت بموكب يهبط من مرافق ياسر عرفات ليقول الرئيس على الطريق "أبو عمار على الطريق" ، كنت أتناول القهوة وأنا لابس البيجامة في حديقة ذلك البيت ولم يتّسع لي من الوقت ما يكفي لأبدّل ثيابي إذ وصل أبو عمار واقتحم الحديقة قائلاً بصوت عالٍ، أنت ترتكب جريمة، أنت لا تملك نفسك، لا حق لك أن تقرر أن تجلس جانباً، أنت مُطالَب من فلسطين وشعب فلسطين بأن تناضل لا أن تجلس في حديقة هادئاً بعيداً عن القتال، وطلب مني أن أرافقه إلى تونس على مهلك أبو عمار، عرض عليّ أن أكون عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رفضت ذلك، وقلت له، لا أسعى لمناصب، ثم عرض عليّ أن أكون عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح، وأيضاً عضواً ناظماً، وأيضاً رفضت ذلك، وقلت له لا أبحث عن تنظيم آخر أنتمي إليه بعد أن استقلت من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إن استقالتي يا أبو عمار من الجبهة ليست لعدم قناعتي بما أسّسنا من تنظيم وما رسمنا من فكر وما نفّذنا من عمل نضالي ضد الاحتلال بل هو خلاف حول المواقف السياسية التكتيكية، فقال، تعال، أنت المستشار الخاص لرئيس دولة فلسطين، وهكذا اصطحبني معه إلى تونس ومنها لمرافقته في أول مهمة معه كمستشاره الخاص وذلك لحضور القمة الأفريقية التي عُقدت بعد أسبوع في أديس أبابا والتي سبّبت ضجة كبيرة عندما دخلت برفقة أبو عمار لزيارة بروتوكولية كان يقوم بها للرؤساء المشاركين وأولهم كان الرئيس حسني مبارك.
هذه كانت البداية، أنا لم أنحَزْ إلى فتح ولا إلى ياسر عرفات طمعاً في منصب أو مال كما ادّعى البعض وحاولوا تشويه مسيرتي، سامحهم الله، لأنني منذ تلك الفترة وحتى مجيء الرئيس أبو مازن لم أكن أتقاضى راتباً إطلاقاً.
بدأت عملية التفاوض الدولي بين ريغان وغورباتشوف تكتسي مزيداً من الشحم واللحم وتوقّعت بالتحليل وليس بالمعلومات أن تكون قمة موسكو التي كان مُفترضاً أن تُعقد في التاسع والعشرين من أيار من عام ثمانية وثمانين، أن تكون تلك القمة قمة إنهاء الحرب الباردة، فرحت أبحث في ما أسميته يجب أن لا نكرر ما جرى في يالطا في قمة هيّأت لها مالطا، فسألني أبو عمار، ماذا تقصد بذلك؟ قلت له، إنني أسمعك كل يوم تقابل الصحافيين وكل يوم تعطي الصحافة قطعة سياسية واحدة معزولة عن الأخرى، ففي مقابلة تقول لـ"سي إن إن" إننا نقبل بالقرار 242 وفي مقابلة أخرى تقول نحن نريد دولة للشعب الفلسطيني دولة مستقلة كاملة السيادة على الأرض التي احتلتها إسرائيل عام 67 ثم تقول حق تقرير المصير ثم تقول العاصمة هي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، هذه النتف التي تعطيها للصحافيين إن جمعتها تشكل برنامجاً أو مشروعاً سياسياً متكاملاً يستطيع العقل الغربي أن يتعامل معه ولا يستطيع أن يتجاهله لأن ذلك كله يستند إلى قرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة والجمعية العمومية ومجلس الأمن، وقتَ ذلك طلب مني أن أكتب ذلك الموضوع، كان اقتراحي أن اكتب أنا الموضوع وأن يُنشر باسمه، كتبت ذلك الموضوع الذي عندما جاء موعد النشر وحدّدته قبل قمة ريغان وغورباتشوف حتى يكون ذلك على جدول أعمالهما تحت عنوان قضية ساخنة في الحرب الباردة التي يريدان أن يضعا حداً لها ووقفاً لها، هذا المقال رفض أبو عمار أن ينشره باسمه وقال لي انشره باسمك، وأنا أفهم ماذا كان يقصد، إن جاء بخير فهو له وإن جاء بسوء فهو لي، هذا هو عمل الفدائي. وبما أنني كنت مقتنعاً بما كتبت قلت للرئيس ياسر عرفات في مكتبه ببغداد سوف أرسله للنشر ولكن أريد أن أقول لك قناعاتي الكاملة، إن جزءاً من تحمّسي لكتابة هذا الموضوع هو محاصرة الإسرائيليين في زاوية نكشف فيها أن ادّعاءهم بأننا نريد أن نقذف بهم إلى البحر هو ادّعاء كاذب وأنهم هم الذين يرفضون السلام ويريدون القذف بنا نحو رمال الصحراء، فنظر إليّ ياسر عرفات وقال: فسّر، قلت له: الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على جزء من أرض فلسطين والقدس عاصمة لها، هذه الدولة لها شرط واحد لا يمكن أن تقام بدون هذا الشرط المسبق، فقال ما هو ، قلت له: أن تمتلك من القوة ما يمكنك من هزيمة إسرائيل، لأن ما تحتاج إليه من قوة لإقامة دولة على جزء من فلسطين هو بالضبط نفس مقدار القوة لما تتطلبه منك عملية إلحاق الهزيمة بإسرائيل، إنهم يرفضون ذلك، وسوف يكشفون أنفسهم أنهم ضد السلام وأنهم لا يريدون السلام وأنهم يريدون التوسع ولكن نكون نحن قد كسبنا الرأي العام الذي يرى حقاً بما نطالب فيه من حقنا في تقرير المصير وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.
استخدمت كل علاقاتي مع الصحافة الغربية ورؤساء التحرير الذين أعرفهم واحداً واحداً، من نيويورك تايمز وول ستريت جورنال وواشنطن بوست ونُشر ذلك المقال تحت عنوان، The Prospects of Peace in the Middle East، وباختصار كان ذلك المقال مسبّباً لهزّات داخلية وهزّات على صعيد العالم، وأصبح هو مثار جدل في الساحة الفلسطينية والعربية وفي الساحة الدولية أيضاً وارتعدت إسرائيل وشامير من ذلك المقال، لكنّ ذلك المقال استطاع اختراق ذلك الحائط الإسمنتي والسقف الحديدي وبدأ العالم يتعامل مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته كاقتراح قابل للتطبيق، وأصبح هذا البرنامج برنامج منظمة التحرير هو الأساس لمبادرة السلام وهو الأساس لمؤتمر مدريد الذي أقرته روسيا والولايات المتحدة وعارضه شامير في بداية الأمر، إلا أنه أُجبر على حضوره. هذه هي حدود مسؤولياتي ورغم أن مؤتمر مدريد أخذ وقتاً طويلاً بسبب المماطلة الإسرائيلية، لأن إسرائيل لا تريد السلام وكان كل يوم يمر يثبت للعالم أجمع ولبعض الأميركيين أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد السلام بل تريد التوسع ولذلك تماطل وترفض كل اقتراح، سواء كان اقتراحاً أميركياً أو مشتركاً روسياً أميركياً أو فلسطينياً.
في تلك الأثناء كانت العلاقة مع الولايات المتحدة تسير تدريجياً عبر أناس كانوا يرون الحق الفلسطيني كسفير الولايات المتحدة في تونس وكجيمس بيكر الذي صرخ في مؤتمر صحافي غضباً من الإسرائيليين وقال لهم إذا أردتم السلام هذه هي أرقام البيت الأبيض اتصلوا بنا، أنتم لا تريدون السلام، هذا ما توقّعته، أن تكشف إسرائيل عن نواياها من خلال مثل هذا الاقتراح الذي استند كلياً إلى قرارات الأمم المتحدة التي تُسمى الشرعية الدولية بغضّ النظر عن رأيي بالأمم المتحدة أو بشرعية قراراتها أو بميزان القوى الذي يحركها على هذه الكرة الأرضية.
كان ياسر عرفات مستعجلاً جداً، كان حلمه أن يرى في حياته دولة فلسطينية مستقلة تقام ، حتى يسجل التاريخ أنه بنى للشعب الفلسطيني أول دولة مستقلة وعاصمتها القدس، هذا كان حلم ياسر عرفات وهذا ما كان يدغدغ حواسّه وما يُغريه وما يقرب أذنه من أي هامس له بهذه الفكرة، وهنا تدخّل بعض الذين أقاموا علاقات مباشرة مع حزب العمل وبدأوا يهمسون في أذن ياسر عرفات دولة مستقلة، يريدون مباحثات سرية معنا وحدنا دون شهود ودون حضور أحد، سراً، حتى يصلوا معنا إلى اتفاق حول حل الدولتين، دولة، دولة، دولة، كانت كلمة دولة هي كالآيس كريم لطفل صغير يحلم بها ويريد أن يتمتع بها.
استمعت بكل انتباه إلى تلك الأفكار التي كان يحاول أصحابها إخفاءها عني أو إبعادها عن سمعي، لكنني علمت أن هنالك مجرى جديداً يُقترح على الرئيس ياسر عرفات والتقطت نقاطاً من هنا وهناك لأجمعها ولأرى فيها مبادرة تضليلية كبيرة كميناً يُنصب لياسر عرفات أي لمنظمة التحرير أي للشعب الفلسطيني أي للنضال الفلسطيني.
وجرى حديث صريح بيني وبين الرئيس ياسر عرفات قلت له فيه أنا مستشارك الخاص وأنا لست من فتح إنما أقول لك صادقاً كفلسطيني وطني تقدمي وكعربي، إن ما يُقترح عليك هو كمين واضح المعالم يريدون منك أن تكون وحدك دون شهود، يريدون منك أن تفاوض وحدك دون مساعدة، يريدون منك أن تلتقي بهم سراً وهم دهاقنة التفاوض ودهاقنة التضليل حتى يحولوا منظمة التحرير الفلسطينية إلى أداة بيدهم وأسميتها له بالعربي الفصيح أداة كناسة وحراسة، كناسة وحراسة، يحولون منظمة التحرير الفلسطينية إلى كنّاس وحارس لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية تحت عنوان الإدارة الذاتية، إنه استعباد وتهيئة للتوسع والضم، لا تذهب يا أبو عمار، إياك أن تذهب يا أبو عمار، فهو كمين لك سوف يعتقلونك أنت وشعبك باسم المفاوضات وباسم الاتفاقات.
وعندما تأكدت، من الإغراء بالدولة، الدولة، الدولة، كان أكبر وأكثر تأثيراً من نصائحي له، تركت تونس، تركت مكتبي وبيتي بكل ما فيه، ثيابي وكتبي، والهدايا التي تلقيتها من الرؤساء، الأوسمة التي مُنحت، سمِّ ما شئت، (أحب أن أقول لكم إن احد الشباب التوانسة أرسل لي قبل شهر صورة لعربات تبيع كتباً في شوارع تونس، هي كتبي تباع على العربات وبعضها مُهدى لي من رؤساء دول وبعضها موقّع من فيديل كاسترو). هذا ما جرى لأغراضي يا أخي بيار، تركت تونس، تركت ورائي كل ما أعتبره غالياً لي وعندي، وتوجهت إلى بيت أهلي وجلست مع أبي رحمه الله، دخلوا هم الأراضي المحتلة، ولم أدخل الأرض المحتلة، دخلت بعد أكثر من عام بناءً على طلب الرئيس ياسر عرفات، وعندها قلت له، تريد مني أن أنقذك أو أحاول، لا أعتقد أني أستطيع ذلك.
لم أكن يوماً ما من مؤيدي أوسلو ، كنت سيفاً ضد أوسلو والجميع هنا يعلم أنه حتى في وجود ياسر عرفات وأنا بجانبه في فلسطين، كان قد اكتشف ياسر عرفات ماذا تعني كلماتي له في تونس، عندما قلت له إنها كمين، كان يقول لي، كان معك حق يا بسام، كان معك حق، وأقولها الآن بوضوح، إن قرار الرئيس بوش وشارون بتصفية ياسر عرفات مستند إلى معلوماتهما الأكيدة من أن ياسر عرفات كان يهيّئ لمقاومة شعبية مسلّحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، هذا هو السبب الحقيقي لاغتيال ياسر عرفات وكان يعمل برحابة صدر وصبر مع حماس وغير حماس وشباب فتح والجبهة الشعبية والجميع من أجل ارتقاء مستوى المقاومة الشعبية حتى نصل إلى مقاومة شعبية مسلّحة واسعة الأرجاء.
لم أكن يوماً مع أوسلو الاتفاق، ولم أكن يوماً من مبادري مفاوضات أوسلو أو مشاركي مفاوضات أوسلو أو القانعين والمنفّذين لاتفاق أوسلو.
أقول في النهاية، أشكر صديقي بيار أبي صعب، وأترك بعض الأخطاء التي لا تستأهل تعليقاً، هذا هو الجوهر، أما من هو عوزي محنايمي، فأنا تعرفت إليه بالفعل كصحافي يراسل الساندي تايمز، والصحافية الشجاعة التي عرفتني إليه قُتلت في سوريا، قتلها الإرهابيون هي ماري كولفن التي كانت تغطي الانتفاضة الأولى من القدس، هي التي عرفتني إليه، والكتاب ليس كتاباً مشتركاً، الكتاب هو إجابات مني على سلسلة من الأسئلة وإجابات منه على نفس الأسئلة، وقام المحرر في دار النشر بجمع الشهادتين في كتاب واحد، لذلك تجد كلامي تحت عنوان بسام أبو شريف وكلامه تحت عنوان عوزي محنايمي، ـــ بالمناسبة الإسرائيليون العنصريون يطلقون على عوزي محنايمي "الخائن"ـــ ، هذا هو عوزي محنايمي، قال قصته بصدق وصراحة وقصة عائلته وأنا قلت قصة عائلتي بصدق وصراحة والنتيجة أن القارئ حكم بأن الحق للفلسطينيين وليس للمستوطنين الإسرائيليين.
أريد أن أقول لأخي بيار أبي صعب في نهاية الأمر، إنني في الأفق البعيد لا أرى حلاً سوى دولة ديمقراطية واحدة، مواطنوها لهم حقوق وواجبات متساوية ولهم من ضمن حقوقهم أن يؤمنوا بالإله الذي يريدون وبالكتاب الذي يريدون وأن الشرط الأساسي لإقامة مثل هذه الدولة هو اجتثاث العنصرية اجتثاثاً كاملاً، وهذا يعني التدمير الكامل لكل البنية الفوقية التي بنتها الحركة الصهيونية لإقامة هذا المجتمع العنصري وحكمه العنصري وجيشه العنصري، فالقضاء على العنصرية الصهيونية في فلسطين يعني القضاء على الشرائح العليا من الذين يحكمون إسرائيل سواء أكانوا عسكراً أم سياسيين أم المؤسسات التي قامت من أساسها إلى قمتها على النهج العنصري ومنها المحاكم الإسرائيلية ولا سيّما ما يُسمى القضاء الإسرائيلي وهو أداة للعنصرية لتنفيذ الجرائم ضد شعب بأكمله وضد طلاب الحرية والحياة والسلام.
وأشكر صديقي مكرم خوري مخول، الصديق العزيز على ما تفضّل به من تصحيحات وهو الذي يعرف، والذي فاتته أيضاً أن يؤكّد أنني كنت ضد أوسلو منذ البداية، فهو الذي يعرف متى دخلت الأرض المحتلة لأنه كان من المستقبلين وأول الذين زاروني عندما لم يكن لي بيت في الأرض المحتلة، كنت أسكن في فندق في غزة يعرفه جيداً أخي مكرم... شكراً لمن يقف إلى جانب الحق، وشكراً لمن حاول أن يشرح، وأنا بالنسبة إليّ فإنّ بيار أبي صعب هو عزيز على قلبي وهو من الشباب الواعين الذين يرون بوضوح مستقبل هذه الأمة ولا يكون هذا المستقبل إلا من خلال أمّة مقاومة مقاتلة تطيح بالأعداء، عنصريين ومحتلين، حتى نجلب إلى شعبنا حرية وديمقراطية وسلاماً.

*كاتب وسياسي فلسطيني