الجزائر | خاطب رئيس «حركة مجتمع السلم ــ حمس» عبد الرزاق مقري، وهو الأكثر حظاً للفوز بعهدة ثانية على رأس حزبه، سلطات البلاد بأنّ حزبه «مستعد للتوافق» من أجل حل ما يرى أنها «أزمة سياسية واقتصادية في البلاد». وقال في افتتاح أشغال مؤتمر حزبه: «لقد فهمنا مُبكراً في الحركة بأن مشكلتنا مشكلة عويصة وأن لا حل لها إلا بالتوافق والتعاون». وأضاف: «مهما كانت الحكومة التي تقود البلاد في ظلّ هذه التحديات الداخلية والخارجية، فإنّها لن تستطيع الوصول بالجزائر إلى برّ النجاة ما لم تكن قاعدتها عريضة مسنودة من القوى الأساسية في البلاد».وانتقد رئيس «حمس» بشدة «عدم تجاوب السلطة» مع مقترح التوافق خلال الانتخابات التشريعية الماضية (أيار/ مايو 2017)، قائلاً: «لقد قلنا إن الحل هو في التوافق الوطني من أجل الانتقال السياسي والاقتصادي الآمن والسلس، وإنّ هذا الحل يمكن أن يتحقق من حيث الآليات في أي لحظة تحضر فيها الإرادة السياسية في السلطة والمعارضة، وأحسن فرصة لذلك هي الاستحقاقات الانتخابية، لذلك عرضنا اقتراحنا بتفاصيله خلال التشريعيات، لكن التزوير الانتخابي والغرور السلطوي قضى عليه».
ووفق مقري، فإنّ الفرصة «لم تفت»، لأنّ الجزائر اليوم «تستقبل موعداً انتخابياً أكثر أهمية بالنسبة إلى مصير البلد، هو الانتخابات الرئاسية سنة 2019، وهو موعد يمكن جعله فرصة للتوافق الوطني وصنع الأمل لمصلحة كل الجزائريين بكل توجهاتهم وقناعاتهم، وهو مطلب بعيد عن أي حسابات أو مصالح شخصية». وفي حال تجدد «رفض السلطة»، دعا رئيس «حمس» إلى مواصلة «المقاومة السياسية والصبر والتضحية ضمن المنهج السلمي الوسطي»، واعداً مناصريه بتحقيق الفوز بالانتخابات التشريعية لسنة 2022 إذا واصلوا المسيرة نفسها في المعارضة. وقال: «بذلك ستعودون إلى الحكومة معززين مكرمين تتوفر لكم فيها شروط لتكونوا في الحكم في إطار الشراكة، مثلما كنتم تدعون إليها، وليس في الحكومة فقط للمشهدية والتزيين».
وعزا رئيس «حركة مجتمع السلم»، تفاؤله بنجاح حزبه في الانتخابات التشريعية المقبلة إلى ما يحدث في المغرب وتونس. وقال إن صعود التيار الإسلامي في هذين البلدين يمكن أن يحدث في الجزائر حين تتوفر شروط نزاهة الانتخابات، مشيراً، بعنجهية معهودة عن «الإخوان»، إلى أنّ نتيجة الانتخابات المحلية في تونس بفوز «حركة النهضة» هي النتيجة الطبيعية في كل البلاد العربية والإسلامية حين تكون الانتخابات غير مزورة، حيث يتقدم دائماً التيار الإسلامي والوطني، ثم يأتي التيار العلماني بنسب ضعيفة كحالة موجودة فعلاً، لكنها على أطراف المشهد السياسي لأنها غريبة عن كينونة المجتمع.
ويُمثِّل المؤتمر الحالي لـ«حركة مجتمع السلم» رهاناً كبيراً بالنسبة إلى «إخوان» الجزائر، كونه سيحدد بنسبة كبيرة توجه حزبهم في السنوات المقبلة وموقفه من الأحداث الكبرى، وخاصة «رئاسيات 2019». ويتصارع على قيادة «حمس» الرئيس الحالي عبد الرزاق مقري الذي يوصف بأنه الأكثر حظاً وهو يتبنى نهجاً معارضاً للسلطة، ورئيسها السابق أبوجرة سلطاني الذي لم يعلن ترشحه بعد. ويدافع الأخير عن خيار العودة إلى الحكومة من دون شروط، لأن الحزب «فقد الكثير من تأثيره» بعد مغادرته السلطة في 2012.
وتعتبر «حمس» الحزب الأكثر تمثيلاً لـ«الإخوان» في الجزائر، إلا أنّ هذا التيار منتشر في أحزاب أخرى. وتبنت «حمس» منذ تأسيسها في التسعينيات نهجاً مهادناً للسلطة ورافضاً للعنف، حيث تحالفت مع السلطات في مواجهة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الفائزة بانتخابات 1991، ودخلت الحكومة في سنة 1997 وبقيت فيها إلى غاية سنة 2012. لكن في عزّ موجة «الربيع العربي» وصعود التيار الإسلامي إلى السلطة في دول عدة، أخفقت استراتيجيتها في تحقيق الأغلبية البرلمانية، ولم تعد تريد المشاركة في الحكومة، فيما استمر في داخلها منذ ذلك الوقت تياران: الأول يريد الثبات في خط المعارضة، والثاني يدفع بشراسة من أجل العودة إلى الحكومة، علماً بأنّ التيار الأول ليس إلا مبتزاً للسلطات، وهو لم يُقدّم شيئاً حين كان في الحكومة، ولا حين كان في «المعارضة».