بنيّة طيّبة، يحقّ لنا التساؤل عن الجديد الذي قدّمه غسان بن جدّو خلال إطلالته على قناة «الدنيا» السورية يوم الخميس؟ وبالنيّة نفسها، يمكن التساؤل عن الإضافة التي قدّمها المدير السابق لمكتب «الجزيرة» في بيروت أمام السوريين وتحديداً في الشأن الداخلي؟ هذه التساؤلات ليست محاولة للتقليل من شأن إعلامي محترم بقدر ما تحمل استفسارات تتعلّق بالإعلام السوري الذي يعمل وفق المقولة الشعبية «كلام الغريب زبيب».الحوار الذي خصصت له مساحة كبيرة تابعه مئات الآلاف لأنّ بن جدو صار اليوم بطلاً سورياً بسبب استقالته من القناة القطرية التي صارت دليلاً دامغاً على «غرفها السوداء والأجندات» التي ترعاها بعدما كانت إلى أمد قريب أيقونة السوريين. أما مكمن الحيرة فهو: لماذا يتقبّل الإعلام السوري كلاماً من بن جدو عن حق السوريين في الحرية، والتظاهر، والكرامة، والمطالبة بحقوقهم الإنسانية البسيطة ومحاربة الفساد، ويرفضه من أي معارض وطني سوري؟ ماذا لو كان هذا اللقاء مع ميشيل كيلو، أو عارف دليلة، أو لؤي حسن، أو برهان غليون، أو سمير عطية؟ هل كانوا سيقولون عكس ما قاله بن جدو؟ ألم ينبت الشعر على ألسنة هؤلاء وهم يدعون السلطة إلى سحب البساط من أمام أي مؤامرة محتملة، من خلال البدء الفعلي بالإصلاح وفق جداول زمنية محددة؟
يمكن الإعلام السوري الإصغاء لبن جدو حين يقول إنّ بؤر التوتر والتشدد في سوريا يشكّل نتيجة طبيعية للفساد وفشل الدولة في نشر المعرفة والثقافة والتعليم الحقيقي، لكنّه سرعان ما يخوّن وينبذ أي سوري يقول ذلك! يبدو أنّ الإعلام الرسمي يفضل الإنكار على الاعتراف بالخطأ، لأنّ الخطأ يطال البنية العامة من أساسها. كذلك فإنّ الاعتراف بصدقيّة النقد الهادئ والموزون الذي تورده الشخصيات المعارضة النزيهة، من شأنه أن يحوّل تلك الشخصيات إلى أبطال في نظر السوريين، ما يترتب عليه نتائج مستقبلية غير مستحبّة.
من المستبعد أن يكون اللقاء مع بن جدو قد بدا مرضياً من وجهة النظر الرسميّة. لباقته المعهودة جعلته بعيداً عن الصراخ والتشهير والحديث المكرور عن المؤامرة على طريقة العديد ممن يخرجون علينا من الشاشات هذه الأيام. حافظ الإعلامي المعروف والدمث على موقفه الثابت من أنّ استقالته من محطة «الجزيرة» تمثل موقفاً عاماً من راهن الإعلام العربي الذي يغض النظر عن الكثير من الحقائق، ومن بينها الإعلام السوري بطبيعة الحال.
لذا، آن الأوان للإعلام السوري أن ينزل إلى الشارع لتلمّس أوجاع الناس ويعبّر عن حقوقهم التي يصفها بالمشروعة. ويا ليته يفتح ملفات الفساد، والأخطاء الأمنية التي تحدّث عنها الرئيس السوري شخصياً، ويروي لنا قصة المقبرة الجماعية التي أنكرها وقال إنّها ملفقة، ثم سرعان ما وصله الرد قاسياً من الرئيس شخصياً عندما استقبل أهل القتلى. وفقط، لو يخفّف من كل هذا النكران والتطبيل والتزمير. حين يحارب الإعلام بسيف الناس المتعبين، ويرفعه في وجه الظلم... وقتها يصبح بوسعنا جميعاً أن نتحدّث، من دون تردّد، عن «إعلام وطني».
17 تعليق
التعليقات
-
الى جميع الموالين يعني يعدكمالى جميع الموالين يعني يعدكم مصدقين ان الاعلام سيصلح لك فالج لا تعالج
-
أعتقد أننا رأينا تباين كبيرأعتقد أننا رأينا تباين كبير في توجهات المعارضةحتى المعارض الواحد كل يوم لديه رأي اليوم يريد اسقاط النظام وغدا لا يريد اليوم يريد حوار وغدا لا كما أنني أنا كمواطنة سورية لا أعرف شيئا عن المعارضة وهي لا تمثل الا نفسها فالناس الذين خرجوا للشارع ليس لهم ممثل حتى الآن وبالنسبة للاعلامي الكبير غسان بن جدو على الأقل نحن نعرف تاريخه بعكس بعض المعارضين وليس له أي مطمع سياسي في الداخل السوري نحن في سوريا بحاجة الى الوسطية والا ستدخل بلادنا في المجهول نحن نريد الأمان بالتزامن مع الاصلاح السياسي والأهم الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي لا نريد أن نهدم البناء ونعيش مشردين حتى يتم البناء نريد الترميمونحن في منزلنا
-
سورية حبيبتيفلندع المعارضة تنزل من قصورها العاجية والفوقية التي تعامل بها العالم وكأن البشر حثالة لا تشعر وليس لها رأي وحتى مع آرائهم فهم لا يحترمون احد ولا يصدقون او يثقون بأحد وكل انسان معارض يعتبر نفسه صاحب القضية الوحيد والمظلوم الوحيد والمثقف الوحيد وهو وحده يعلم الحقيقة وبالحقيقة لا يعلم إلا ماهو يريد أن يعلم ولو عمل كل واحد منهم ربع مايتكلم لكانت الدنيا بخير أتمنى الخير للجميع وأعتذر عن حدة كلامي عن المعارضة ولكننا بحاجة ماسة إلى رجال حقيقين ووطنين لا متمنطقين بكلام يضع نارا على الزيت وأناس لاترى الا من زاويتها ومنطلقها الخاص
-
إجابةعن السؤال...سأل الكاتب لم يتقبل السوريون كلام السيد بن جدو ولا يتقبلون كلام المعارضين الوطنيين... مع أحترامي لهم فهم ليسوا إعلاميين ولم يستطيعوا أن يبنوا مواقفاً بناءة من قضايا تشغلنا كدعم المقاومة اللبنانية متمثلة بحزب الله كما فعل بن جدو... كما وأنهم لا ينسون مقابلته مع سمير القنظار ولم يروا مواقفاً مماثلة من المعارضة التي اهتمت فقط بشعارات الحرية دونما استمالة لمشاعر الناس في قضايا فلسطين ولبنان والعراق
-
ببساطة لأن مزمار الحي لايطربببساطة لأن مزمار الحي لايطرب
-
هلأ هيدا للي طلع معك؟ كتيرهلأ هيدا للي طلع معك؟ كتير مفروس أنو ما قدرت تلاقي مادة دسمة من مقابلة غسان بن جدو لتبني عليه وحدة من مقالاتك المشهورة أي؟ اساساً بالنسبة للإعلامي التونسي، وكل من يعرفه ويتابعه، فالقليل الذي قاله والكثير الذي فعله كان أكثر تعبيراً بكثير من أي كلام انفعالي بديل. هذا واحد إثنان، بما أن الكثير والكثير من الزيف والفبركة ينكشف محلياً وعالمياً يوماً بعد يوم وفي العديد من الفيديوهات التي تبث، فمن الطبيعي أن يتم التشكيك في كل ما يعرض . هيدا منطق بحت . واستقبال الرئيس لأهالي الضحايا ليس تأكيداً على وجود "المقابر الجماعية"، كما تحوّرون كل خبر وتفسرونه على ذوقكم . الجميع يعرف أن القتلى يسقطون أسبوعياً من الأمن والجيش والناس، فهل هذا بجديد؟ وحاج تستبعد وتشك الله يرضى عليك . الرئيس يحرج الإعلام، وفي الوقت ذاته مقابلة غسان بن جدو أزعجت السلطة ؟ فيكن تفهمونا كيف بتركب هالتحليلات العبقرية برؤوسكم ؟ ما بترجعوا بتراجعوا المقالات قبل ما تنشروها؟
-
انا اسفه لاني لم ارى الاعلاميانا اسفه لاني لم ارى الاعلامي الكبير غسان بن جدو الذي احترمه جدا لاني لا اشاهد اعلام ليس له مصداقيه لكني عرفت ما تكلم به عبر جريدتكم المحترمة
-
بثت التلفزيونات تصريحات لبعضبثت التلفزيونات تصريحات لبعض المعارضين السوريين الذين يقولون إنهم يرفضون الحوار مع النظام ،بكل الأحوال وبغض النظر ، عن الرأي السياسي ،نرى جميعاًغليان العالم ،وبخاصة في منطقتنا ،تحولات كبيرة ،ولكن معظم خيوط المشهد ،بأيدي أمريكية وصهيونية وهم لا يخفون ذلك ، فالهدوء والحرص،والإبتعاد عن المنطق العدواني ، مطلوب من كل وطني كي لا نكون ضحية سكين ،تدعي إنها تذبح أنظمتنا ، وسوريا تحديداً،رغم مشاكلها الكثيرة ،لديها أرضية صالحة لتكون نظاماً مدنياً علمانياً،عندما نتجاوز جميعاً أنفسنا ونعتبر أنفسنا جميعاً نقطة بدء لغد أفضل، ولكن بتوقيت مناسب نختاره نحن
-
صدقت بأن الرئيس أحرج أعلامناصدقت بأن الرئيس أحرج أعلامنا لمرات كثيرة ياريت هذا الاعلام يلتقط الإشارات الكثيرة التي قدمها الرئيس ويبني عليها مواقفه وخطته الاعلام الفاسد كارثة وطنية
-
النظام حتى هذه اللحظة لايعترفالنظام حتى هذه اللحظة لايعترف بوجود المعارضة أصلا حتى يظهرهم على الاعلام الرسمي حتى أنه لايعترف إلا بالمخربين والمجرمين هي كما قلت يا استاذ حازم حالة عجيبة من النكران والرفض
-
معارضة سوريةصحيح ان الاعلام السوري متخشب ومتحجر ولكن في ظل هذه الازمة اثبتت المعارضة السورية خشبيتها وتحجرها مع النظام ليجد الشعب السوري نفسه امام حالة فراغ ..المعارضين السوريين الذين ذكروا بالمقال لم يقبلوا اصلا الظهور على شاشات التلفزيون الرسمي خوفا منهم على مايعتقدونه شعبية لهم في الشارع من ان تذهب هباء وان يحرقوا انفسهم في حضن النظام وطالما ان القنوات الفضائية تفرد لهم مساحة واسعة فهم لا يقبلون بالظهور في التلفزيون الرسمي.
-
ببساطه لان المعارضه السوريه لا تريد ان تقول ما قاله بن جدوانا معك ان الاعلام السوري اعلام خشبي متخلف وعديم الخبره ولكن برايي المعارضه السوريه المدنيه ايضا ليست اقل تخلفا وذكاء ...ببساطه لو قالت ماقاله بن جدو حول الفساد والحريات و.... وايضا نددت بالاعمال المسلحه المدعومه من الخارج الامريكي والاسرائيلي البغيض و نأت بنفسها عن التحركات الارهابيه المقيته لربما فتحت كل الابواب بوجهها حتى الشعب السوري كان لتفاعل معها بشكل أخر ...بصراحه الى هذه اللحظه بسوء ادارتها وعدم استغلالها بذكاء الوضع الحالي اثبتت انها معارضه انتهازيه تنتظر ان يسقط النظام على يد غيرها لربما يتاح لها المجال ان تشارك في السلطه على دماء السوريين مدنيين وعسكريين ...فلا نحمل جهة واحده كل الاخطاء