وصل مصروفو «نداء الوطن» إلى المحطة الأخيرة من رحلة عملهم في الصحيفة التي أطلقها الراحل ميشال مكتف عام 2019 وأقفلت أبوابها رسمياً في حزيران (يونيو) الحالي. بعد مرور أقلّ من أسبوعين على إعلان المدير العام للصحيفة رجا الراسي عن توقف العدد الورقي والإلكتروني، تلقى المصروفون اتصالاً من إدارتها يطلب منهم الحضور إلى مبنى الجريدة في كورنيش النهر في بيروت، للحصول على تعويضاتهم. كان الموظفون يتوقعون أن تخفّف تعويضاتهم من المعاناة التي عاشوها في الشهرين الأخيرين، بعد توقف العدد الورقي والاستمرار في الموقع الإلكتروني، ريثما يتم البحث عن مموّل أو شريك سياسي ينتشل الصحيفة من أزمتها، بعدما قرّرت عائلة ميشال مكتف الذي توفي عام 2022، عدم مواصلة مشروعه الإعلامي الذي أسسه لأهداف سياسية. إلا أنّ توقّعات المصروفين خابت، إذ تلفت المعلومات لنا إلى أنّ إدارة «نداء الوطن» قرّرت دفع أربعة رواتب فقط كتعويضات للمصروفين الذين يبلغ عددهم حوالى أربعين موزّعين بين تقني ومحرّر. مع العلم أن الإدارة خفّضت رواتب الموظفين بنسبة 40 في المئة خلال الشهرين الأخيرين اللذين واصلوا فيهما عملهم لتفعيل الموقع الإلكتروني وإصدار نسخة PDF منها. بالتالي قضمت الصحيفة جزءاً من تعويضاتهم ورواتبهم التي هدرت طوال شهرين متتاليين.بهذه الخطوة، وجد معظم الموظفين أنفسهم مجبرين على القبول بعرض الإدارة بحجة الانهيار الاقتصادي والقضائي الذي يعيشه البلد، فرفع دعوى في القضاء اللبناني ضدّ إدارة الصحيفة، سيكون خطوة مُكلفة مالياً على المصروفين، ولن يعوّض خسارة المعاشات التي قضمتها الإدارة. علماً أنّ الجريدة صدرت طوال خمس سنوات، وبالتالي يحقّ للمصروفين تعويض لا يقلّ عن ثمانية أشهر تراوح بين الصرف التعسفي وإقفال المؤسسة بشكل نهائي.
كذلك، راح بعض المصروفين يتذكّرون مصير زملائهم الذين كانوا يعملون سابقاً في عدد من الصحف التي أغلقت أبوابها، إذ لا تزال قضية مصروفي جريدة «الحياة» السعودية و«البلد» اللبنانية وغيرهما، عالقة في المحاكم اللبنانية بعد مرور أكثر من خمس سنوات على إغلاق الصحيفتين. بالتالي، طارت حقوق أكثر من 100 صحافي وسط غياب أيّ أمل في دفع التعويضات. أمر يطرح علامات استفهام حول مستقبل مهنة الصحافة، في ظل العواصف المالية التي تمر بها وسائل الإعلام كافة، وغياب التمويل وتراجع سوق الإعلانات.
في السياق نفسه، يقول المحامي طوني مخايل في اتصال معنا: «الحديث عن إقفال مؤسسة إعلامية يجب أن يترافق مع عدد من الخطوات التي يجب أن تقوم بها الإدارة قبل الإقفال، أولاها إبلاغ الموظفين قبل أشهر بموعد الإقفال بهدف ترتيب أمورهم المهنية. كذلك، يجب على الإدارة إبلاغ وزارة العمل بقرار الإقفال، لوضع برنامج نهائي لعقود الموظفين. كما يجب مراعاة الوضع الاقتصادي والمهني وأعمار الموظفين». ويضيف: «إن تعويضات أقل من خمسة أشهر غير منصفة بحقّ المصروفين، خصوصاً أنّ بعض الموظفين يتمتّعون بخبرة طويلة في العمل الصحافي، ما يرفع سقف تعويضاتهم».
على الضفة الأخرى، تلفت المعلومات إلى أنّ عائلة مكتّف مالكة الصحيفة، تولت دفع تعويضات مالية متواضعة جداً، بينما تجري مفاوضات متقدمة مع رئيس مجلس إدارة mtv ميشال المرّ لبيع امتياز «نداء الوطن». لكن مفاعيل الاتفاق لن تبصر النور حالياً في انتظار تسوية أوضاع الصحيفة من الناحيتين القانونية والمالية. على أن يتم لاحقاً البحث في بيع وشراء الامتياز، وعودة الصحيفة إلى الصدور في المدة المقبلة.